على مدى عقد ونيف من الزمن والعراق يرزح ويئن تحت عباءة الطائفية السياسية التي اوجدها الاستعمار الغربي فدحلت البلد في نفق مظلم ,لا يكاد يمر يوم الا ويسقط فيه عديد القتلى والجرحى, استشرى الفساد حتى ازكمت رائحته الانوف,بليارات الدولارات تم هدرها والمواطن يفتقر الى ادنى الخدمات, تعليم صحة كهرباء, لم تفلح مطالبات الشعب بالتغيير فمن كانوا يمسكون بزمام الامور تصدوا بكل قوة وعنجهية للمظاهرات السلمية, فاتجهت الامور نحو الاسوأ وازداد المسؤولين ثراء والخزينة العامة على وشك الافلاس حيث بلغ حجم الاموال المهدورة منذ سقوط النظام السابق اكثر من 500مليار دولار, والبلد مقبل على التقسيم في ظل تصارع القوى المذهبية على السلطة ومحاولة تهميش الاخرين.
يبدو انه قد بلغ السيل الزبى خروج الجماهير المطالبة بمحاسبة رموز الفساد لاقى تجاوبا من بعض رجال الدين ما شجع رئيس الحكومة الحالية باتخاذ قرارات تعتبر مصيرية في بلد يسيطر تنظيم داعش على اكثر من ثلث اراضيه, لقد فاجا العبادي خصومه السياسيين "الذين كانوا يعتقدون انه لن تكون هناك قوة تستطيع ان تزحزحهم من امكنتهم "بمجموعة من الاصلاحات تتضمن الغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ونواب رئيس الوزراء وتقليص شامل وفوري في أعداد الحمايات لكل المسؤولين في الدولة ويتم تحويل الفائض إلى وزارتي الدفاع والداخلية حسب التبعية لتدريبهم وتأهيلهم, وإبعاد جميع المناصب العليا من هيئات مستقلة ووكلاء وزارات ومستشارين ومديرين عامين عن المحاصصة الحزبية والطائفية.
نتمنى ان تقوم اللجنة المهنية التي سيعينها رئيس مجلس الوزراء باختيار المرشحين على ضوء معايير الكفاءة والنزاهة بعيدا عن الطائفية .وان يتم فتح ملفات الفساد السابقة والحالية تحت إشراف لجنة عليا لمكافحة الفساد تتشكل من المختصين ودعوة القضاء إلى اعتماد عدد من القضاة المختصين المعروفين بالنزاهة التامة للتحقيق فيها ومحاكمة الفاسدين. موافقة مجلس الوزراء مجتمعا على الاصلاحات يسرع من عرضها على البرلمان لإقرارها.
نامل تأسيس جيش وطني قادر على حماية حدود الوطن ومقارعة الارهابيين الذين جلبهم الاستعمار الذي ادعى ابان غزوه للبلد بانه سيؤسس لعراق متمدن متحضر.
لعل العقبة الكأداء التي ستواجه العبادي هي التخلص من الميليشيات المذهبية التي عاثت في الارض فسادا وكانت سببا في الازمات وبثت الفرقة بين ابناء الوطن الواحد الذين يجمعهم حب الوطن ووحدة الهدف والمصير. يكفي الشعب العراقي معاناته واهدار ثرواته بينما غالبيته يعيش في الخيم وتحت خط الفقر .
ندرك ان المهمة صعبة ولكنها في ذات الوقت ليست مستحيلة, الطريق محفوف بالمخاطر وبالعزيمة يتم تحقيق الاهداف, وعلى الحكومة المقبلة "التي تخلو من رموز الفساد" الابتعاد عن الحلول التلفيقية والمجتزأه التي تستهدف احتواء غضب الشارع وانتفاضته, وان لا تكون مجرد مزايدة لإرضاء الشارع على حد تعبير بعض الكتل التي هالتها جرأة الخطوة, والذهاب الى التغيير الشامل وليس الإصلاح والاستفادة من دعم الشارع بكل اطيافه, بعد ان بلغ الفساد مداه وان اخر الدواء الكي, بعد ان اكتوى الشعب بجور ساسته وظلمهم والاثراء على حسابه, كما نتمنى ان تزول ازمة الثقة بين الاقطاب المتمرسين خلف طوائفهم, فالبلد لم يعد يحتمل المزيد.