العقب الحديدية، في ذكرى جاك لندن !
د. موفق محادين.
من بين الكتاب والروائيين الأمريكيين اليساريين، الذين فضحوا وحشية الرأسمالية الأمريكية والبيئهة الفاشية الحاضنة لها: الروائية توني موريسون صاحبة روايات، جاز، الفردوس، والروائي فوكنر، صاحب الصخب والعنف، وسنكلير صاحب رواية الغاب (طحن لحم العمال الأفارقة مع المرتديلا) وجون ريد الذي كتب عن ثورة اكتوبر الروسية، عشرة أيام هزت العالم، وغيرهم،فإن جاك لندن هو الأكثر اهتماما من حيث سيكولوجيا الأعماق والقراءات المستقبلية للرأسمالية، التي ربما ورثها من والده، الذي كان يجمع بين الكهانة والعرافة.
وكما همنجواي، الذي عمل مراسلا حربيا قبل أن يتحول إلى الرواية ويموت منتحرا، هكذا كان جاك لندن في رواياته وانتحاره.
توقف لندن، كثيرا عند الداروينية الاجتماعية وفكرة الصراع والبقاء للأقوى وكذلك أفكار نيتشه، التي دمجها في قراءاته وانحيازاته الاشتراكي، وخاصة في رواياته الثلاث:
1- رواية العقب الحديدية، التي أنهاها 1908 وتتناول صعود الرأسمالية الأمريكية بصورة وحشية، محذرا من آفاقها الفاشية، على غرار شعار روزا لوكسمبرغ، الاشتراكية أو البربرية.
2- رواية نداء البراري، وتدور حول الداروينية المتوحشة في عالم الحيوان كصورة رمزية للعالم الرأسمالي بأسره، وذلك عبر رحله للكلب، باك، الذي يسرق من منزل هادئ في كاليفورنيا ويباع في سوق الكلاب، وصولا إلى آلاسكا، حيث يخوض صراعا داميا من أجل البقاء مع كلاب السادة الآخرين، مستعيدا بعده البري القديم قبل ترويضه.
3- رواية ذئب البحار، التي يكثف فيها لندن شخصية لارسون، قبطان السفينة التي عمل عليها، وكان أقرب ما يكون إلى وحش بري مسكون بنظرية الداروينية الاجتماعية، البقاء للأقوى في البحار . فقد كانت سفينته، الشبح، وهي سفينة لصيد عجول البحر، ساحة للصراع بين البحارة والصيادين أنفسهم وبينهم وبين البحر وبين السفن الأخرى، ومنها سفينة شقيق القبطان، وأخيرا بين القبطان وبين بطل الرواية، همفري، الذي وجد نفسه على ظهر السفينة بعد تحطم سفينة كانت تقله من كاليفورنيا، وقد اندلع الصراع بينهما هذه المرة على إمرأة، انقذها القبطان في عرض البحر بعد تحطم السفينة التي كانت تقلها.
2021-01-25