الإعلام التركي يشيّد “جدارا عازلا” على خارطة السيادة العراقية!
على وقع زيارة أردوغان لبغداد*
بالتزامن مع وصول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الى بغداد، بدأ الإعلام التركي بالحديث عن عملية برية تستعد أنقرة لشنها في شمال العراق تشمل بناءَ جدار عازل على طول الحدود بين البلدين بعمق يصل الى 40 كم داخل الأراضي العراقية، بحجة محاربة حزب العمال الكردستاني، في ظل صمت مطبق من حكومة بغداد التي نفت مرات عدة أن تكون لديها اتفاقيات مع أنقرة بشأن التوغل داخل الأراضي العراقية.
وخلال الفترة الماضية شنت القوات التركية سلسلة عمليات داخل الأراضي العراقية، في وقت استمرت فيه عمليات القصف وتهجير سكان القرى الحدودية وتجريف الأراضي، بالإضافة الى تثبيت قواعد عسكرية في العمق العراقي، استعداداً للعملية العسكرية الكبرى التي تخطط لها أنقرة، والتي من المقرر أن تصل الى مناطق في محافظة الموصل بمساعدة الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يساند حكومة أردوغان طمعاً بالحصول على مغانم عبر تلك العملية، بما فيها ضم المناطق المختلف عليها الى الإقليم.
ووفقا لصحيفة “حرييت” التركية، فإنه بالتزامن مع زيارة أردوغان إلى العراق يُتوقع أن تقوم القوات المسلحة التركية بإجراء عملية عسكرية برية واسعة النطاق في شمال العراق ضد حزب العمال الكردستاني .
وفي مقالته في الصحيفة المذكورة، كتب الصحفي عبد القادر سيلفي المقرب من الدوائر الحكومية التركية أن أردوغان قال “سنغلق الدائرة التي ستؤمن حدودنا العراقية، سنحل أخيرا هذا الصيف المشكلة المتعلقة بحدودنا العراقية”.
الغريب هذه المرة في التصريحات التركية أنها أكدت أن العملية ستتم بالتنسيق مع الحكومة المركزية في بغداد، وهذا يضع الكثير من علامات الاستفهام حول وجود ضغوط تتعرض لها حكومة السوداني من قبل بعض الأطراف الداخلية والخارجية من أجل القبول بتلك العملية، فيما يرى مراقبون أن العملية هي شرعنة لاحتلال جديد في العراق، خاصة أن تركيا لديها نوايا سابقة بالسيطرة على الأجزاء الغنية بالثروات في شمال العراق بشكل مباشر أو غير مباشر.
وخلال الفترة التي تبعت عام 2003 استغلت أنقرة الفراغ الأمني والسياسي الذي حصل في العراق، وأسست لها قواعد عسكرية واستخبارية داخل أراضي البلاد، مكنتها من السيطرة واستكشاف المكان بصورة توغل بانسيابية في العمق العراقي، وقد تمت تلك العمليات بمباركة مسعود البارزاني الذي يريد إحكام قبضته على شمال العراق والمناطق المختلف عليها بدعم أردوغان، وبالتالي فأن على الحكومة استغلال زيارة الرئيس التركي من أجل إيجاد تفاهمات جديدة بين الجانبين تلزم جميع الأطراف باحترام السيادة الوطنية.
ويرى المحلل السياسي عدنان الكناني أن “الصراع التركي في شمال العراق ليس وليد اليوم، وإنما يمتد الى عشرات السنين، مشيراً الى أن أنقرة استغلت ضعف العراق بعد الاحتلال الأمريكي”.
وقال الكناني لـ”المراقب العراقي” إنه “في عهد النظام البائد وقعت اتفاقية بين العراق وتركيا تسمح للطرفين بالدخول الى العراق بعمق 10 الى 15 كيلو مترا، وبالمقابل يسمح للعراق بنفس المساحة، مبيناً أنه كان يفترض بالحكومات السابقة إلغاء هذه الاتفاقيات وإبرام جديدة غيرها وفقاً للتطورات”.
وأضاف أن “زيارة الرئيس التركي واحدة من أبرز ملفاتها هو بحث شن عملية عسكرية في شمال العراق، بالإضافة الى القضايا الأخرى وأهمها اتفاقية لوزان التي انتهت عام 2023”.
وأشار الى أن “تركيا تجاوزت على حدود العراق واستولت على بعض مقدراته، منوهاً بأن هنالك محطة استخباراتية تركية في منطقة بعشيقة ووجود أكثر من 30 قاعدة عسكرية ثابتة ومؤقته داخل الأراضي العراقية وهذا يجعل الجميع متشائمين من زيارة أردوغان، بأنها ستكرس للوجود التركي في العراق”.
وانتقد الكناني “الصمت الحكومي الغريب على التجاوزات التركية، متسائلاً عن أسباب الصمت الذي جعل تركيا تتماهى في التجاوزات على حقوق العراق”.
وكان أردوغان قد صرح مرات كثيرة بأن أنقرة تتوقع “حل قضية أمن الحدود” مع العراق في الصيف، وبحسب قوله فإن الجانب التركي يسعى أيضا إلى إنشاء ممر أمني بعمق 30 إلى 40 كيلومترا في سوريا.
ووصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس الاثنين، إلى العاصمة العراقية بغداد في زيارة هي الاولى منذ 13 عاما، بعد أن كانت آخر زيارة له حين كان رئيسا للوزراء في آذار 2011، لبحث القضايا العالقة بين الجانبين أبرزها ملف المياه وحزب العمال الكردستاني.
وتابع ” لقد جعلت الهجمات على قواعدنا يومي 22 و23 كانون الاول و24 كانون الثاني، إنشاء هذه المنطقة العازلة أمرا محتوما”.
المراقب العراقي/ سداد الخفاجي..
2024-04-22