اليوم انطلاق التعداد السكاني في العراق وسط تحذيرات من تزوير كردي في المناطق المختلف عليها!
بعد توقف دام 27 عاماً*
تستمر استعدادات العراق لإجراء أول تعداد سكاني بعد توقف منذ 27 عاماً، إذ تسعى الحكومة الى إنجاح هذا المشروع لرسم الخطط التنموية وضمان التوزيع العادل لثروات العراق على أساس الكثافة السكانية والحصول على بيانات جديدة عن المواطنين، حيث يعتمد البلد على أرقام وتقديرات غير دقيقة بعد أن تم تأجيل التعداد أكثر من مرة بسبب الخلافات السياسية، خاصة فيما يتعلق بالخلافات بين الحكومة الكردية والمركز بشأن المناطق المختلف عليها.
وتتواصل الأطماع البارزانية في المناطق المختلف عليها، إذ يتحين الحزب الديمقراطي الكردستاني الفرص لإحكام قبضته مجدداً على تلك المناطق سيما محافظة كركوك الغنية بالثروات، والتي كانت مصدرا لصراع طويل بين بغداد وأربيل، وبالتالي أن الأكراد يسعون لتحويل التعداد السكاني الى مشروع يخدم مصالحهم ويحقق أهدافهم في تكريد مناطق الاختلاف عبر تزوير النتائج، مستغلين القرب الجغرافي بين كركوك ومحافظات كردستان.
وأظهرت مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي دخول مجموعات كردية كبيرة إلى سكان محافظة كركوك قادمين من السليمانية وأربيل ودهوك للتأثير على نسبة التعداد في المحافظة، فيما تؤكد مصادر مطلعة أن كركوك خلال الأيام القليلة الماضية شهدت حركة غير طبيعية تقودها الأحزاب لحث المواطنين من القومية الكردية على المشاركة في التعداد السكاني، وهو ما يولد مخاوف من التلاعب والتزوير في النتائج التي ستنعكس مستقبلاً على وضع المحافظة الاجتماعي والسياسي والاقتصادي.
المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي خلال حديثه لـ”المراقب العراقي” بدد مخاوف التلاعب بنتائج التعداد السكاني في المناطق المختلف عليها، مشيراً الى أن الوزارة وضعت في الاعتبار حساسية تلك المناطق والمشاكل التي أثيرت عنها سابقاً”.
وأوضح أنه “تم تشكيل فرق مشتركة من العرب والتركمان والاكراد للقيام بعملية التعداد لضمان الشفافية وعدم التزوير أو الضغط على المواطنين”.
ويحذر مراقبون من محاولات تغيير ديموغرافي بمحافظة كركوك عبر التعداد السكاني، وهي نقطة الخلاف بين بغداد وأربيل، إذ تُصر كردستان على إجراء التعداد وفقاً لبيانات المادة 140، فيما يشكك نواب عن تلك المناطق عرب وتركمان بصحة تلك البيانات، مؤكدين أنها تثير القلق وستعطي نتائج غير واقعية عن نسب المجتمع الكركوكي الحقيقية.
من جهته يقول المتحدث باسم الجبهة العربية في كركوك صفاء العبيدي إن “التعداد السكاني هو إجراء قانوني ودستوري، لكن هناك مخاوف من استغلال هذا المشروع في السيطرة على المناطق المختلف عليها”.
وأضاف العبيدي في حديث خص به “المراقب العراقي” أن “هناك ضمانات حكومية طمأنت الجميع بأنْ لا يكون هناك تلاعب بالنتائج، والهدف من التعداد هو لوضع الخطط الاستراتيجية خلال المرحلة المقبلة”.
واستبعد أن “يكون هناك مغزى سياسي من هذا التعداد، لكن القوى الكردية في المحافظة حشدت للموضوع وكأنه انتخابات برلمانية، منوهاً بأن على الجميع التصرف بوطنية والابتعاد عن الصراعات على ثروات البلد الواحد”.
وأوضح أن “التعداد يجب أن يصب في مصلحة العراق كله، لا أن تستغله جهة معينة لتحقيق أهداف قومية وطائفية، داعياً جميع المكونات في كركوك للمشاركة في التعداد وإعطاء المعلومات للجان الحكومية لضمان عدم ضياع حقوق أبناء المحافظة”.
الجدير بالذكر أن وسائل إعلام أكدت أن محافظة كركوك شهدت عودة الكثير من العوائل الكردية الساكنة في كردستان من أجل المشاركة في التعداد السكاني، وهي خطوة وصفها مراقبون بأنها محاولة للتأثير على النتائج وتمهيداً للسيطرة الكردية على المناطق المختلف عليها، خاصة بعد الاحداث التي شهدتها المحافظة وعودة سيطرة قيادة العمليات المشتركة هناك وسحب يد البيشمركة من ملف كركوك الأمني، وهو ما اعتُبر ضربة قاصمة للمشروع البارزاني في تلك المناطق.
يشار الى أن الحكومة العراقية أكدت أن التعداد السكاني إنجاز مهم وضروري لدعم خطط التنمية العراقية المقبلة، وهو ركيزة أساسية لتوفير البيانات في المجالات الاقتصادية والتنموية والخدمية، وأن “التعداد هو قاعدة من البيانات الملائمة لإجراء المقارنات وإسقاطات البيانات الديموغرافية وخصائص العراق الاجتماعية والاقتصادية”.
المراقب العراقي / سداد الخفاجي..
2024-11-20