قطر … الدور الأميركي في لبنان!
نبيه البرجي
اذا كان المؤرخ البريطاني سومرست فراي قد نقل عن جورج كليمنصو وصفه “دولة لبنان الكبير” بـ “الأعجوبة الفرنسية” , لا بـ “البدعة الفرنسية” , عليه أن يعلم أن الأعجوبة تحولت الى “صندوق العجائب” .
معلومات ديبلوماسية خليجية تتحدث عن علاقة ما بين مشاركة قطر في الكونسورسيوم الخاص بالتنقيب عن الغاز واستخراجه من المياه اللبنانية , وطرحها أمام جهات أميركية مسؤولة عن ملفات الشرق الأوسط اسم رئيس الجمهورية العتيد …
اللافت اشارة المعلومات الى أن خطوة المشاركة جاءت بايعاز (أو بدفع) من واشنطن التي تميل الى أن تلعب الدوحة الدور الأميركي في لبنان . ماذا عن موقف ايران اذا ما توقفنا أمام اللقاء (الهام) الذي عقد أخيراً بين محمد عبد الرحمن آل ثاني وحسين أمير عبد اللهيان , وحيث تسلم الأخير رسالة من واشنطن حول الاتفاق النووي ؟
وبحسب المعلومات , الادارة الأميركية تأخذ بتقارير البنك الدولي , وصندوق النقد الدولي , (اضافة الى تقارير سفارتها في بيروت , وكذلك أجهزتها المعنية) التي تتحفظ على الاتيان برئيس للجمهورية من المنظومة السياسية . وهي لا تزال بعيدة عن لعبة الأسماء , وان كان اسم العماد جوزف عون على طاولة بعض المسؤولين الذين يعتبرون أن انقاذ لبنان يحتاج الى “يد حديدية” لا الى من يكون ضالعاً في اللعبة الداخلية بكل موبقاتها !
تقليدياً , اختيار رئيس الجمهورية يمر عبر قنوات عدة بينها القناة السعودية . لكن المملكة تريد , وبالرغم من اللقاء الخماسي في باريس , أن تبقى على مسافة من الضوضاء الداخلية في لبنان , ما دام الملف اليمني لم يقفل بعد , وما دام تطبيع العلاقات مع طهران ما زال بحاجة الى محادثات شاقة , ومعقدة , وربما الى محادثات أبدية …
قطر بشبكة علاقاتها , وبتشابك مصالحها , تجد أن قائد الجيش هو الوحيد الذي يمكن أن تتقاطع في شخصه اتجاهات غالبية القوى البرلمانية , وعلى أساس أنه يستطيع ضبط الايقاع , في اطار الموقف الأميركي الذي يحاذر (ولأسباب استراتيجية) وقوع أي انفجار في المنطقة ما دامت نتائج الحرب في أوكرانيا ضبابية , ودون أن يكون وشيكاً جلاء هذه النتائج .
ولقد بات معلوماً أن هناك جهات لبنانية حاولت , وعبر بعض أعضاء الكونغرس , طرح مسألة الفديرالية , بانشاء كانتونات طائفية , حتى أن مستشاراً لزعيم أحد الأحزاب قال في مقر السفارة الأميركية “كانتونات وبأسوار أيضاً” . في هذه الحال غيتوات أم قبور قبلية ؟
الفرنسيون يعتقدون ان انشاء الكانتونات يعني استئثار كل من قادة الطوائف بكانتونه الخاص . أي أن الرجال الذين قادوا الدولة , بصيغتها الراهنة , الى الخراب , اذ تتحكم بهم النزعة التوتاليتارية لا بد أن يقودوا تلك الكانتونات الى ما هو أكثر سؤاً بكثير من الخراب …
ما يجري على الساحة الداخلية هو اللعب في قعر الزجاجة . ثمة رسالة وصلت الى وليد جنبلاط , بخطوطه المفتوحة , حول الجنرال , ويتردد أنها وصلت الى مرجعيات أخرى يفترض أن تضع السيناريو الخاص , والشائك , للوصول الى التوافق , مع تأمين غالبية الثلثين ليأتي التعديل الدستوري في سياق العملية الانتخابية .
تشديد على أن الخطوة الأولى للعهد اعلان حالة طوارئ اقتصادية , تزامناً مع تأمين تغطية دولية , واقليمية , لـ “فرض” الاصلاحات الهيكلية التي يقتضيها الخروج من القاع , ومع اعتبار أن لدى جهات دولية وثائق دامغة , وجاهزة لوضعها أمام الرأي العام , حول الـ Kleptocracy أي “حكم اللصوص” الذي دام لنحو ثلاثة عقود .
أكثر من ذلك , لا بد أن تعي القيادات اللبنانية , لا سيما القيادات المسيحية , أن استمرار الفراغ اذ يفضي الى سقوط الصيغة , يعني ألاّ رئيس جمهورية ولا جمهورية . ما هو موقف “حزب الله” الذي يتوجس من أن هناك من وضع سيناريوات خطيرة تتعلق بالوضع اللبناني , على أن تنفذ عبر قصر بعبدا ؟
الحزب أمام لحظة تاريخية تستدعي ـ كما اعتاد ـ موقفاً تاريخياً . هو يعلم ماذا في رؤوس من في الداخل ومن في الخارج , مثلما يعلم الى أي لبنان يقود التدهور في ظل تلك المنظومة التي أثبتت التطورات عجزها عن ادارة الأزمة , كيف لها ادارة الحل ؟
موقف تاريخي ؟ ذاك ما نتوقعه …
2023-02-06