هل نجــاح زهران ممداني طــفرة وكفى، أم نقــلة نوعية، وشــعلة ستلهب السهل؟
هل ستنتقل هذه الطفرة، إلى باقي الولايات الأمريكية، أم ستبقى حبيسة نيويورك؟
هل ستشق هذه الهزة الشبابية، الحزبين، وتهيء الأجواء لتشكيل حزب يساري ثالث
محمد محسن
لا ريب أن الولايات المتحدة الأمريكية، تعيش أزمات متعددة الأبعاد، اجتماعية، وسياسية، واقتصادية، وتشير آخر الإحصائيات، إلى أن كل سبعة أطفال في نيويورك ذاتها، منهم طفل مشرد، في أهم مدينة في أمريكا، بل وفي العالم، أي أن 14% من الأطفال ينامون تحت الجسور، أو في الأماكن السوداء، فإذا أضفنا إلى ذلك عدد المشردين من الكبار، يتبين لنا حجم الأزمة الاجتماعية التي تتحكم بالشعب الأمريكي.
أما الأزمة الاقتصادية فالديون التي تترتب على أمريكا تزيد عن / 37 / ترليون دولار، للصين وحدها أكثر من / 18 / ترليون دولار، ولليابان /10 / ترليون، ونحن نعلم أن الدَيّْنُ يهدد استقرار الأسواق، كما ويقيد النمو الاقتصادي، ولا ننسى الفوائد المستحقة على هذه المبالغ.
من هنا ومن هذه الأرضية، وصل المهاجر زهران ممداني إلى عمدة نيويورك، وهو يقود ثورة وقودها المهاجرين الشباب، الذين يرفضون البقاء في الماضي، ولقد شكل خطابه الذي كان فيه الكثير من التحدي، حتى لترامب ذاته، شكل انقلاباً، بل زلزالاً، على سلالة سياسية قديمة، وعلى مراكز القوى في الحزبين، كما يشير إلى تآكل البنية التقليدية اليمينية في الحزب الديموقراطي وحتى الجمهوري، بل هزة قوية قد تؤدي إلى انقسام الحزبين، وتشكيل حزب يساري من جيل الشباب، الذين يرفضون البقاء في الماضي، داخل الحزبين.
وهل سيثبت لنا هذا الزلزال أن العالم بدأ يتغير، وبخاصة المجتمع الأمريكي؟
لا ريب أن هذه الطفرة التي نأمل أن تتحول إلى قفزة نوعية، كان مبعثها حرب غزة التي غيرت مزاج العالم، بما فيها اللوبي الإسرائيلي في أمريكا، الذي صوت ما نسبته 30% من الشباب اليهود المقيمين في نيويورك إلى ممداني، والذي جعل إسرائيل تعيش حالة من الذهول والترقب، لأن هذه الصعقة قد أظهرت بجلاء، ضمور تأثير اللوبي الإسرائيلي على السياسات الأمريكية، وبخاصة في نيويورك التي تحوي أكبر جالية يهودية في جميع الولايات، والتي يقدر عددها / بمليوني / يهودي.
ولقد تصدر هذا المشهد جميع الولايات الأمريكية، وصرفت مليارات الدولارات من الرأسماليين ضد نجاح ممداني، حتى أن الأثرياء في نيويورك من الحزب الديموقراطي نفسه رفضوا التصويت له، لأن نجاحه يشكل خطراً على بنية الحزب الديموقراطي كما بينا سابقاً.
والمهم أن نجاح ممداني، يعتبر حدثاً لا سابقة له في أمريكا، لأنه ولأول مرة ينجح في أمريكا من يعادي إسرائيل، وهذا يعني أن غالبية الشعب في نيويورك، يقفون ضد إسرائيل، بعد حرب الإبادة، علماً أنه جاهر بأنه مسلمٌ، ويجيد اللغة العربية، واستخدم تعبيراً عربياً في خطابه (أنا منكم وإليكم).
2025-11-10