هل انتهى دور جامعة الدول العربية؟
د. سعيد ذياب
امام هذا الكم من التحديات التي تواجه امتنا العربية، وهذا الغياب الواضح للجامعة العربية منذ تسعينات القرن الماضي يبرز سؤال بمنتهى الوضوح هل انتهى دور الجاممعة؟ ام ان هناك امكانية لبعثها واحياء دورها؟
قبل الدخول مباشرة في صلب الموضوع ومحاولة الاجابة علية، من المفيد الاشارة الى ان ثقافتنا العربية تجنح نحو الفرقة والخصام وهي مسالة يجب اخذها لفهم الخلاف العربى وتعطل مؤسساته،
كنتاج لرغبة الزعامة لدينا،فالوعي العربي يقوم على فكرة تمجيد الفرد اكثر من تمجيد المؤسسة، هذا الفهم وهذة النظرة تجعل الصراع على القيادة صراعا على الرمزية والهيبة وليست على اساس البرامج والكفاءة، فكل طرف يرى نفسة الاجدر مما يولد تنافسا حادا بدل من التعاون.
اعتقد ان جذور هذة الظاهرة ترتبط بكون المجتمع العربي كان قائما على القبيلة والولاء للشخص وليس للمؤسسات،ويمكننا ان نضيف ان الواقع الاقتصادي القائم على الخدمات والزراعة والصناعة التحويلية وضعف القطاع الصناعي الكبير يجعل من الذاتية هي الطاغية.وتتعزز الفردانيه. والا كيف نفسر فشل كل المحاولات التوحيدية واطر التنسيق بين تكتلات عربية،مجلس التعاون الخليجي والمغاربي والععربي سوى الصراع على الزعامة بالاضافة الى التخل الخارجي.واقع والمالات التي وصلت اليها الجامعة هي التي تفسر اساليب عملها وطرائق التفكير ومدى استقلاليتها.
وبالعودة الى موضوع الجامعة والبحث في اسباب تعثرها ،يقودنا الى نشاة الجامعة وعوامل تشكلها،ابرز هذة العوامل ان فكرة العروبة والاحساس المشترك بالانتماء القومي شكلت الرافعة لخلق اطار مشترك،وفي الان ذاته خلق حالة من التوازن بين حلم الوحدة وواقع التجزئة،
وفي تلك الفترة كانت تتشكل الارهاصات لبروز حركات التحررالامر الذي خلق الحاجة لتحميع القوى لمواجهة النفوذ الاجنبي،من هنا جاءت الفكرة التي تبنتها مصر في عهد مصطفىالنحاس،وبدعم من بريطانيا لانشاء اطار جامع للعرب ولا يشكل تهديدا للنفوذ الغربي.
ينفرد النظام العربي عن غيرة من النظم الاقليمية،بهذة الخاصية الانتماء الى العقيدة العربية.وهي خاصية مهمة معنويا وسياسيا تميز التفاعلات بين دول الجامعة ليس مجرد علاقات بين دول ذات سيادة لان هذه السيادة ليست مطلقة بل ويمكن اعتبارها سيادة مؤقتة بحكم ظاهرة التجزئة من ناحية والفعل الدافع للوحدة من ناحية اخرى.
الا ان هذة الصورة وبفعل النزعات القطرية التي اخذت على عاتقها تدعيم القطرية والتحلل من العمل المشترك بالاضافة الى التدخل الاجنبي، كان يخلق نوع من التصادم مع فكرة العروبة كقوة لازمة للتماسك في مواجهة قوى تعطيل ما هو مشترك.
كان لمعاهدة كامب ديفيد بمثابة الضربة الاولي والاقسى ضد النظام العربي، الذي ما ان استفاق منها لتأتي الضربة الاشد المتمثل باحتلال العراق للكويت وما اثاره من اسئلة العروبة واحترام السيادة للدول الأعضاء.
ما بعد ذلك جاءت الهرولة نحو التطبيع مع العدو الاسرائيلي.
ما تسبب كل ذلك في خلق انقسام عربي عربي بين مؤيد للتطبيع ومعارض له،بين مؤيد للتدخل الاجنبي ورافض له.
منذ تلك الفترة اصبح النظام العربي رهين التبعية،وجاء ما يعرف بالربيع العربي بمثابة تعرية كاملة لمفهوم التضامن العربي،بل تحولت دول عربية الى ادوات في ايدى الاجنبي لتدمير دول عربية اخرى،
ان جذر ازمة الجامعة وقابليتها للشلل والتفسخ،تعود إلى الاساس القطري الذي انطلقت منه من خلال تركيزها على سيادة الدول العربية لا على الوحدة العربية.
كانت الجامعة اطارا للتنسيق وليست اطار توحيد،
وكان كل نظام عربي له اولوياتة الامر الذي عمق الغياب للارادة السياسية المشتركة.
يكفي ان نشاهد كيف وقفت الجامعة جامدة مشلولة لا تقوى على الفعل تجاة ما تعرضت ولا تزال غزة ولبنان من عدوان اسرائيل،لم يتجاوز رد فعلها اكثر من بيان،هذا العجز كان في حقيقته يطرح سؤال عن امكانية اصلاحها وجدوى وجودها.
اعتقد ان محاولة الاصلاح لا بد منها قبل التحلل من امكانية الاصلاح والبحث عن بدائل.
اولى مرتكزات الاصلاح توسيع دائرة مفهوم الامن القومي من المفهوم العسكري الى الاقتصادي والغذائي والمائي.
تعديل الميثاق بحيث تؤخد القرارات بالاغلبية
دعم القضية الفلسطينية واعتمادها قضية قومية جامعة.
تحييد الخلافات الايدولوجية والتركيز على المصالح المشتركة.
وضع استراتيجية دفاعية حقيقية.
مشروع تكامل اقتصادي وسوق عربية مشتركة
نحن امام تحولات اقليمية مهمة تتمثل بدخول قوى اقليمية غير عربية الى قلب المنطقة جعل العرب يفقدون دورهم كمركز ثقل،الامر الذي يجعل من التفكير بتطوير الجامعة او بخلق اطار اقليمي جديد.مسالة في غاية الراهنية والضرورة.
2025-10-27