عندما تستحضر سيرة ومسار الراحل هاني الحسن كأنك تروي مرحلة وطنية هامة في التاريخ الفلسطيني بكل معنى الكلمة.
في كتابه الصادر خلال العام الجاري 2023عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، تحت عنوان “هاني الحسن صوت الحضور الأنيق والنّوء العاصف” استطاع الكاتب والدبلوماسي الفلسطيني حسّان بلعاوي تسليط الضوء على تفاصيل حياة الحسن ومشاركته المباشرة في الكفاح الوطني بتعرجاتها المتشعبة مطباتها ونجاحاتها.
النشأة والثورة
أفرد البلعاوي ستة وثلاثين فصلاً في كتابه الذي امتد لـ (416) صفحة من القطع المتوسط؛ تصدى خلالها لظروف نشأة الراحل هاني سعيد الحسن الذي ولد في قرية إجزم في فضاء مدينة حيفا التي تعود أصول عائلته إليها في التاسع من نيسان /إبريل 1937وترعرع في حناياها مروراً في عملية الاقتلاع وانضمامه إلى حركة فتح باكراً والتي كانت السباقة في إطلاق شرارة الثورة الفلسطينية في الأول من كانون الثاني /يناير 1965، لينطلق البلعاوي بعد ذلك ويشرح بالتفاصيل المراحل التي مرّت بها الثورة الفلسطينية، وفي خضمها القائد الوطني هاني الحسن حتى وفاته في السادس من تموز /يوليو 2012 في الأردن ليدفن في مدينة رام الله الفلسطينية. حيث يعتبر الراحل هاني الحسن من الرعيل الأول المؤسس لحركة فتح، وقد تبوأ مناصب عدة في حركة التحرير الوطني الفلسطيني، ومنها نائب رئيس لجنتها المركزية ومفوض العلاقات الخارجية فيها.
درس الحسن الهندسة في ألمانيا وحصل على شهادة الدكتوراه في الإعلام من روسيا. تلقى سنة 1967 دورة عسكرية في الصين، كان عضوًا في المجلس العسكري لقوات العاصفة بين عامي (1967-1970)، وتولى قيادة قوات العاصفة بين عامي (1972-1975).
وفي عام 1979 أصبح أول سفير لمنظمة التحرير الفلسطينية في إيران بعدما تسلم مكاتب البعثة الإسرائيلية في طهران، كما أسندت إليه مهمة تمثيل حركة فتح في أوروبا ثم بعد ذلك تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية في العاصمة الأردنية في السبعينيات وأوائل الثمانينيات.
المهمات السرية
اشتهر الحسن كونه رجل المهمات السرية وأنه يمتلك علاقات دولية وعربية جيدة. وقد اضطلع بأدوار رئيسية في محطات مهمة تركت أثرها على القضية الفلسطينية، فقد قاد المفاوضات مع المبعوث الأمريكي فيليب حبيب خلال حصار بيروت عام 1982 والتي أدت في نهاية المطاف إلى خروج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان.
وفي لبنان أيضا لعب الراحل هاني الحسن دور رجل المهمات الصعبة وكان موفد عرفات إلى الأحزاب اللبنانية المارونية، وشغل كذلك رئاسة اللجنة الفرنسية الفلسطينية بين سنوات 1986 و1992، ولعب دورا مهما مع السعودية وفي اللجنة المصرية الفلسطينية.
ورغم معارضته لاتفاقات أوسلو عاد هاني الحسن إلى غزة عام 1995 ليصبح رئيسا لدائرة العلاقات الخارجية في حركة فتح ومستشارا سياسيا لياسر عرفات، كما عين مسؤولا عن التعبئة والتنظيم في حركة فتح لترميم الوضع الداخلي الفتحاوي، وكان يتمتع بعلاقات قوية مع تنظيم حركة فتح والقادة والكوادر الميدانيين للحركة في الأراضي الفلسطينية. كان لسنوات مستشارا للرئيس عرفات للشؤون السياسية والاستراتيجية. وفي 2002 تولى وزارة الداخلية، وأوكلت إليه من خلالها مهمة توحيد الأجهزة الأمنية الفلسطينية في ثلاثة أجهزة.
إنجاز هام
تكمن أهمية كتاب حسان بلعاوي كونه سردا مسهبا لسيرة ومسار قائد جمع بين العمل الجماهيري والفكري والأمني والعسكري والسياسي، ليعكس مسيرة حركة فتح ذاتها في مراحلها المتعددة، وهو الراحل هاني سعيد الحسن الذي أسس مع طلاب فلسطينيين ، وتحديدا الراحل هايل عبد الحميد ( أبو الهول ) فرعا للاتحاد العام لطلبة فلسطين في ألمانيا والنمسا، وهو الفرع الذي سيكون فيما بعد نواة لما عرف بـ “مجموعة ألمانيا” كإحدى المجموعات المؤسسة لحركة فتح في الكويت عام 1962 .
ويعتبر الكتاب إضافة هامة للمكتبة الفلسطينية والعربية لأنه سلط الضوء على مرحلة هامة من الكفاح الوطني الفلسطيني من خلال استحضار سيرة الراحل هاني الحسن كأيقونة وطنية وكفاحية، ساهمت بشكل مباشر وجاد في الكفاح الوطني الفلسطيني بمنحنياته المختلفة، ولهذا ثمة ضرورة لترجمة هذا الكتاب إلى عدة لغات لأنه يوثق لمرحلة هامة في تاريخ القضية الوطنية الفلسطينية.