لا تزال القضية الفلسطينية ساحة صراع في في الجامعات الأمريكية!
آية حجازي
لا تزال القضية الفلسطينية ساحة صراع في الولايات المتحدة في الجامعات وأروقة السياسة والآن أصبح التحديً متزايدًا للنفوذ التقليدي للوبيات المؤيدة لإسرائيل مثل لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (AIPAC).
ففي الجامعات، منذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير 2025، شنت إدارته حملة غير مسبوقة ضد الجامعات الأمريكية، خاصة جامعة هارفارد، بسبب ما وصفته بـ”التحيز المناهض لإسرائيل” و”معاداة السامية” في الحرم الجامعي. تضمنت هذه الحملة تجميدًا لأكثر من 3 مليارات دولار من التمويل الفيدرالي، وفرض قيود-تصل لحد أن تكون عقوبات وحظر تام- على الطلاب الدوليين، وإطلاق تحقيقات متعددة في سياسات الجامعة.
نذكر أن الجامعات كانت محور صراع من أجل القضية قبل وصول ترامب. مرة وقت انتفاضة الطلبة العام الماضي، وما عقبها من فض الاعتصامات بالقوة وفصل الطلاب وتارة بإطاحة رئيسات أكبر جامعات في أمريكا-من ضمنها هارفارد-، ما بعد السابع من أكتوبر مباشرةـ بعد تحقيقات في مجلس الشيوخ، وجدت أنهن لم يكن متحيزات لإسرائيل بالشكل الكافي.
هذا لا يعني أن الجامعات هي صرح للعدالة أو الحرية بأي شكل. على وجه التحديد، لا نقصد الطلبة، شرارة الحراك من أجل فلسطين والتي تزلزل خطاباتهم.ن المؤيدة للقضية الساحات الأمريكية، بل نقصد مؤسسات الجامعات والعاملين عليها. فمثلا، ولأخذ مثل هارفارد فهي لا تزال تقمع نشاط المؤيدين لفلسطين بأشكال مختلفة، بما فيها حظر فعاليات طلابية، وتعليق شراكات أكاديمية مع مؤسسات فلسطينية مثل جامعة بيرزيت وإقالة بعض العاملين في مركز دراسات الشرق الأوسط إضافة إلى تجميد برامج دراسية تركز على الصراع الفلسطيني مثل مبادرة “الأديان، النزاع، والسلام” والذي كان يركز بشخص خاص على القضية.
أما في ساحات الإنتخابات، ففي السباق على منصب عمدة مدينة نيويورك، أثار المرشح زهران مامداني، عضو الجمعية عن كوينز، جدلاً بعد انتشار مقطع فيديو له من عام 2021 يقوده هتافات مؤيدة لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) ضد إسرائيل، وانتقاده للمسؤولين الذين يسافرون إلى إسرائيل على نفقة دافعي الضرائب. واجه مامداني انتقادات لرفضه دعم قرارات تعترف بإسرائيل، ولتقديمه تشريعات تهدف إلى منع المنظمات غير الربحية من دعم المستوطنات في الضفة الغربية، ومع ذلك، ورغم أن ليس له لوبي والدولة العميقة وراءه، إلا أنه يتقارب من ابن المؤسسات-كومو – في السباق. ليس ذلك فحسب، بل إن أصوات الناخبين اليهود موزعة بشكل يكاد يكون متكافئ بين المتشرحين، مما ينفي عن زهران مامداني تهمة معاداة السامية، والقادرة على الإطاحة بأي مرشح.
علاوة على ذلك، وبينما كان الحراك في السابق بالأخص لقضايا مثل القضية الفلسطينية حكرا على اليسار، باتت التغييرات تصل داخل الحزب الجمهوري.
في تحول غير معتاد، برز بعض السياسيين الجمهوريين في معارضتهم للنفوذ التقليدي لـAIPAC. النائب توماس ماسي من كنتاكي، المعروف بمواقفه المحافظة، والذي عارض مرارًا المساعدات العسكرية لإسرائيل، وصوت ضد قرارات تدين حركة BDS، ورفض قرارات تدعم حق إسرائيل في الوجود، بات يتحدث بقوة ضد إسرائيل وقتلها للأطفال.
يذكر أنه في العام الماضي، وفي مقابلة مع تاكر كارلسون، صرح ماسي بأن “كل عضو جمهوري في الكونغرس لديه ‘مربية’ من AIPAC”، في إشارة إلى الضغط المستمر الذي يمارسه اللوبي على المشرعين. واجه ماسي حملة دعائية من AIPAC بقيمة 300,000 دولار تستهدف إعادة انتخابه، لكنه تمكن من الفوز في الانتخابات التمهيدية بنسبة 75%، مما يعكس دعمه القوي في دائرته.
كذلك النائبة مارجوري تايلور غرين من جورجيا، رغم مواقفها اليمينية المتطرفة، عارضت أيضًا مشاريع قوانين تدعم إسرائيل، بما في ذلك حزمة مساعدات بقيمة 14 مليار دولار. صرحت بأنها ستصوت بـ”لا” على جميع حزم التمويل للحروب في أوكرانيا وإسرائيل، مشيرة إلى أن الحكومة الأمريكية يجب أن تركز على مشاكلها الداخلية، وكانت تتفاخر بأنها من القلة التي ترفض دعم AIPAC
تُظهر هذه التطورات أن القضية الفلسطينية، حتى مع امتداد الحرب، لاتزال محورًا لصراع متعدد الأوجه في الولايات المتحدة، يمتد من الجامعات إلى السياسة الفيدرالية. في الجامعات، تواجه حرية التعبير الأكاديمية تحديات من الضغوط السياسية والمالية. في السياسة، يظهر بداية صدع داخل الحزبين الرئيسيين حول الدعم غير المشروط لإسرائيل، مع بروز أصوات جديدة تتحدى النفوذ التقليدي للوبيات المؤيدة لإسرائيل.
هذا التحول يشير إلى إعادة تقييم متزايدة للسياسات الأمريكية تجاه الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، ويعكس تنوعًا جديدا بات متزايدًا في الآراء داخل المجتمع الأمريكي. فلسطين قضية العدل والحق. وبينما تقوم غزة الصغيرة بدفع الثمن وتقديم الدماء، فإن دماءها ليست منسية لا يأبه لها أحد. فهي تطال أبعد الأماكن في أمريكا.
2025-06-01