في ذكرى رحيل الحسيني!
رنا علوان
22 عامًا على رحيل [ أمير القدس ] ، فيصل عبد القادر الحسيني
قد يُثير إسم هذا المناضل السياسي ، بعض التحفظ لدى أحدهم ، إلا أنني في قراءة أي سيرة لأي مناضلٍ كان ، [ أنظر لرأي عدونا فيه ] ، فإذا وجدته ذم وتهكم ، أعرف بأن هذا الشخص اوجعهم يومًا
[ وصفه الوزير الإسرائيلي رحبعام زئيفي بـ”الإرهابي ابن الإرهابي”]
فقد أدت معارضة المفتي الحسيني الأب لتزايُد دور الحركة الصهيونية وعصاباتها المسلحة في فلسطين تحت ظلال حكومة الانتداب البريطانية إلى الصدام مع الأخيرة ، فأصدرت قرارا بحل اللجنة العربية العليا التي كان يرأسها ، وأقصته من مناصبه كافة تمهيدًا لطرده ، كما نفت العديد من رفاقه إلى خارج فلسطين
وكان والده قائد ومؤسس جيش الجهاد المُقدّس ، استشهد في معركة القسطل ، أما جده فهو موسى كاظم الحسيني الذي ترأس بلدية القدس عام 1918
استطاع الحسيني الأب ، الإفلات من البريطانيين فغادر بلاده بحرًا إلى لبنان الذي أقام فيه سنتين قاد خلالهما عمليات الثورة الفلسطينية التي انطلقت عام 1936 ، ثم انتقل منه إلى العراق الذي وصله في 25 أكتوبر/تشرين الأول 1939، وتحت ضغط ملاحقة بريطانيا له اضطر للانتقال إلى إيران في مايو/أيار عام 1941 ، ثم غادر طهران حاملاً جواز سفر إيطاليًا إلى روما
وفي العراق ولد يوم 17 يوليو/تموز 1940 ببغداد ، المُناضل فيصل ، وبعد طهران ، انتقلت العائلة إلى المملكة العربية السعودية لتقطن في مكة لمدة عام ونصف العام ، ومن ثم الى مصر ، في نهاية المطاف وتحديدًا القاهرة حيث ترعرع فيصل
في عمر الـ 18 ، عاد فيصل إلى العراق ليلتحق بجامعة بغداد للدّراسة ، لكن انخراطه بحركة القوميين العرب أشغلته عن تحصيله العلمي ، ليغادر لاحقًا بسبب التصادم ما بين الشيوعيين والقوميين العرب في تلك الفترة
وفي عام 1966 التحق بالكلية العسكرية في حلب لدراسة العلوم العسكرية
عُرف بأنه سياسي فلسطيني ، أسس عام 1979 جمعية الدراسات العربية ( بيت الشرق ) في مدينة القدس ، تولى عدة مناصب ومسؤوليات أبرزها رئاسته للفريق المفاوض في مؤتمر السلام بمدريد عام 1993 ، واضطلع بدور كبير في معركة الدفاع عن القدس ، وتولى ملفها في منظمة التحرير الفلسطينية
[ كان الحسيني فيصل يتحدث العبرية بطلاقة ، ويخاطب الإسرائيليين بلغتهم ، من باب إيمانه بمعركة الرأي العام ، لذلك كان صوته مسموعًا ، وكان الإسرائيليون يعون تمامًا أنه يقول ويفعل ]
[ وقد قال الحسيني يومًا للشعب الفلسطيني “عندما تسمعوا طرق أيدينا على طاولة المفاوضات نريد أن نسمع طرق أرجلكم بالميدان” ]
قاد العمل السياسي لمنظمة التحرير وحركة فتح في بداياتها ، وأقام في منطقة جبل لبنان ، حيث إتخذ هناك معسكرًا تدريبًا للشباب قبل أن يحاول إدخالهم إلى فلسطين ، تم اعتقاله عام 1968 بسبب حيازة السلاح ، وحكم عليه بالسجن لمدة عام
من ثم صدرت بحقه مجموعة من الأحكام الإدارية التي قضاها داخل سجون الاحتلال قبل اندلاع الانتفاضة الأولى التي كان أحد أهم قادتها ، كان مع الناس في الشارع يقود العمل الوطني
وبعد الإفراج عنه من معتقلات الاحتلال ، فرضت عليه الإقامة الجبرية لمدة سبع سنوات ، ما بين عامي 1981 و1987 ، حيث كان يُمنع عليه مغادرة القدس نهارًا ، وترك منزله ليلاً
أوكلت لفيصل الحسيني رئاسة الفريق الفلسطيني المفاوض في مؤتمر السلام بمدريد عام 1993، وقاد المحادثات مع وزير الخارجية الأميركي حينها جيمس بيكر ، وبقي يترأس المفاوضات حتى عام 1993 وتوقيع اتفاقية أوسلو والمعروفة رسميا بإعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي
بعد أوسلو ، ركز فيصل الحسيني عمله بالقدس ولأجلها ، خاصة وأنه كان يعرف أن الاتفاق اعتبر ملف القدس قضية مؤجلة ، فكان يخشى أن تقوم إسرائيل بأي إجراءات من طرف واحد
بعدها تسلم رئاسة لجنة مشتركة تختص بملف القدس، يمثلها هو من الجانب الفلسطيني وموشيه شاحاك من الجانب الإسرائيليو، والتي استمرت بالعمل على قضايا القدس حتى بداية الانتفاضة الثانية التي اندلعت عام 2000
كان للحسيني دورًا هامًا ، في الوقوف أمام قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، القاضي بإقامة مستوطنة على جبل “أبو غنيم” في القدس ، وقيادته للمظاهرات والمسيرات المنددة بذلك ، وتعرض على إثرها للتنكيل والضرب ومن معه على أيدي قوات الاحتلال
وافته المنية ، يوم 31 مايو/ أيار 2001 في الكويت ، حيث كان ذاهبًا لإنهاء الخصومة ما بين السلطة الوطنية الفلسطينية والحكومة الكويتية والتي نشأت بسبب الغزو العراقي للكويت إبان حرب الخليج
دفن فيصل الحسيني الذي يطلق عليه الفلسطينيون لقب “أمير القدس” في باحات الحرم القدسي الشريف بجوار قبري أبيه وجده ، بعد أن وصل جثمانه من الكويت إلى مقر المقاطعة في رام الله ، فحُمل على الأكتاف في جنازة مهيبة ، ورافق الفلسطينيون في الضفة الغربية الجثمان حتى مواراته الثرى
2023-06-02
