عام من رئاسة دونالد ترامب!
الطاهر المعز
رصد تقرير نشره موقع صحيفة فايننشال تايمز البريطانية ( 07 تشرين الثاني/نوفمبر 2025 ) ملامح العام الأول من الولاية الثانية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، من خلال بعض الإحصاءات عن التحولات الاقتصادية والسياسية والسلطة التنفيذية منذ انتخابه، وأظهر التقرير تراجع شعبية ترامب إلى أدنى مستوى، بنحو 42% بنهاية تشرين الأول/اكتوبر 2025…
نشرت وكالة رويترز ملخصا لتقرير صادر عن الإحتياطي الإتحادي ( المصرف المركزي الأمريكي) يوم السادس من تشرين الثاني/نوفمبر 2025، يشِيرُ إلى ارتفاع معدّل البطالة من 4,35% خلال شهر أيلول/سبتمبر إلى 4,36% خلال شهر تشرين الأول/اكتوبر 2025، وهو أعلى مستوى له خلال أربع سنوات بفعل تباطؤ معدل توظيف العاطلين وزيادة معدلات التسريح، ومع استمرار خفض الوظائف في قطاعات مثل خدمات الأعمال والمعلومات والترفيه والضيافة، للشهر الثالث على التوالي، وتجدر الإشارة إن إغلاق مكاتب الخدمات الحكومية الإتحداية أدّى إلى توقف تدفق التقارير الاقتصادية من مكتب العمل ومكتب التحليل الاقتصادي ومكتب الإحصاء وظائف القطاع الخاص، بينما يتزايد عدد موظفي الحكومة الاتحادية الأميركية الذين حصلوا على إجازات من دون راتب بسبب الإغلاق الحكومي، ورَصَدَ التقرير المنشور بموقع صحيفة فايننشال تايمز بعض سِمات العام الأول من رئاسة دونالد ترامب، ومن ضمنها ارتفاع نسبة التضخم من 3% إلى 9% بسبب الحرب التجارية وارتفاع الرُّسُوم الجمركية، وتضرّر الأجراء والفُقراء من ارتفاع نسبة التضخم فيما استفاد الأثرياء من انتعاش سوق الأسهم، كما يعاني الفقراء والعاطلون عن العمل وذوو الوظائف الهشة من خسارة مئات الوظائف في قطاعات التصنيع والطاقة والتجارة، رغم إعلان الحكومة “إن معدّل البطالة لا يزال ضعيفًا”، رغم خطة تقليص وظائف الحكومة الإتحادية التي قادها إيلون ماسك، وأدّت إلى خسارة أكثر من مائتَيْ ألف موظف حكومي وظائفهم خلال الـ12 شهرا الماضية، وإلى إلغاء عدة برامج ووكالات كبرى، مثل إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدّولية وتسريح علماء الأرصاد الجوية وباحثي الأعاصير، فضلا عن عشرات الآلاف من الموظفين الآخرين، كما أشار التقرير الذي نشره موقع صحيفة فايننشال تايمز إلى “اتّسَم العام الأول لرئاسة دونالد ترامب بالحكم الفردي من خلال المراسيم التنفيذية بشكل غير مسبوق وبقمع الحريات وزيادة المداهمات والإعتقالات بذريعة مكافحة الهجرة غير النظامية والجريمة، واتسمت بالاضطرابات الاقتصادية التي قد تستمر حتى نهاية فترة رئاسته…”
في مجال الدّيمقراطية، يحكم دونالد ترامب بواسطة المراسيم، فقد أصدر رقما قياسيا منها، أو أكثر من أربعمائة أمر تنفيذي خلال عام واحد، مُستغلاًّ ثغرات القانون الدّستوري التي تمنح الرئيس صلاحيات مطلقة لإدارة الحكومة دون الرجوع إلى الكونغرس، كما عيّن دونالد ترامب مسؤولين مؤيّدين لخططه للإشراف على ملفات هامة وعن الهيئات التنظيمية، دون الإهتمام بكفاءتهم، كما أمر دونالد ترامب بإنشاء احتياطي وطني من العملة الرقمية أو المُشَفّرة (بيتكوين) ما مكّن عائلته من مراكمة هذه العملات وتحقيق أرباح تقدر بمليار دولار سنة 2024، كما أدّت الحملة القمعية التي تم ذكرها في الفقرة السابقة إلى ترحيل عشرات الآلاف من العُمّال القادمين من أمريكا الوُسْطى والجنوبية واعتقال المناهضين للعدوان الصهيوني الأمريكي على الشعوب العربية والإيرانية، وألغت الحكومة الإتحادية العديد من البرامج الإجتماعية والثقافية وضخّت نحو 75 مليار دولار لدعم وكالة الهجرة والجمارك الأمريكية التي تُنفذ المداهمات والإعتقالات و”أكبر عملية ترحيل جماعي في التاريخ”، وفق تعبير دونالد ترامب الذي لا يُشير إلى عدم ارتكاب هؤلاء أي جريمة، سوى إنهم فُقراء وإنهم مكّنوا الإقتصاد الأمريكي من الإزدهار والنّموّ، ولئن أشارات بعض التقارير إلى “تأييد غالبية الأميركيين مبدأ الترحيل العام للمهاجرين غير القانونيين”، لم يُشر بعضها الآخر إلى “إن أغلبية مماثلة تعتبر إن أساليب الإعتقال والترحيل غير إنسانية وتجاوزت الحدود القانونية”، وفق استطلاع رأي أجرته صحيفة نيويورك تايمز وجامعة سيينا.
المستفيدون من الإغلاق: تَرَاكُمُ ثَرْوَةِ عائلة ترامب وحِرْمَان الفقراء من برنامج المُساعدة الغذائية التّكْمِيلِيّة ( SNAP )
زادت ثروة عائلة ترامب بنحو خمسة مليارات دولار خلال تسعة أشهر، إثر انتخاب دونالد ترامب رئيسًا، مما ضاعف ثروتهم السابقة، وفقًا لمجلة فوربس ( 22 أيلول/سبتمبر 2025 ) وللمقارنة، يبلغ متوسط استحقاق برنامج المساعدة الغذائية التكميلية (SNAP)الذي يعترض دونالد ترامب وصَحْبُهُ على وجوده، حوالي 100 مليار دولار سنة 2025، أو حوالي 1,4% من إجمالي الإنفاق الحكومي، وأدّى الإغلاق و فقدان الفُقراء فوائد برنامج المساعدة الغذائية التكميلية (SNAP) إلى مُعاناة الملايين من الفقراء الأمريكيين، بمن فيهم العاملون برواتب منخفضة لا تكفي لسدّ حاجياتهم والعاملون بدوام جزئي وبعقود هشّة… المصدر موقع صحيفة فايننشال تايمز بتاريخ السادس من تشرين الثاني/نوفمبر 2025
تجدر الإشارة إلى اقتصار هذا التقرير على بعض جوانب السياسة الدّاخلية الأمريكية ولم يتطرّق إلى السياسة الخارجية الأمريكية، مثل ممارسة الإبتزاز والتّهديد، والدّعم غير المشروط للكيان الصهيوني والعدوان على إيران واليمن وسوريا وتعزيز القوّة العسكرية للقواعد الأمريكية وللأساطيل الحربية التي تنتشر في كافة أنحاء العالم، واستفزاز الصين، وتهديد العديد من البلدان، وخصوصًا في أمريكا الجنوبية…
2025-11-10