حين يُطلّ الجولاني من رفح!
بقلم: نضال بن مصبـاح
ساحة التحرير
ليسوا غرباء.
هم أبناء الجغرافيا، لكنّهم رضعوا الولاء من حليب الاحتلال.
في غزة، حيث لا صوت يعلو فوق أزيز الطائرات، خرج صوت ناعم، فلسطيني النبرة، إسرائيلي الهدف، اسمه ياسر أبو شباب، وقصته؟ مهزلة على مسرح الدم.
ظهر شبه رجل من قلب الدمار، لا ليصرخ ضد الاحتلال، بل ليمد له يده. جلس أمام صحفي إسرائيلي، يتحدث بوجه مكشوف إلى الإعلام العبري، كقائد ميليشيا تدّعي “الحياد الإنساني”.
هكذا، بكل بساطة، جلس الفلسطيني ـ المزعوم ـ يحدّث جنرالات الوعي الإسرائيلي عن مشروعه “الإنساني”، عن “ممراته الآمنة”، وعن شراكته مع المخابرات الفلسطينية.. وكأننا نشاهد إعادة إنتاج لسيناريو الجولاني، لكن هذه المرّة.. من قلب رفح.
في المقابلة التي بثّتها إذاعة جيش الاحتلال، عرّفت الميليشيا بوضوح:
> “قوات مسلحة تنشط شرق رفح تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي”.
الإذاعة نفسها أكّدت أن ياسر كان يعلم تمامًا أن المقابلة تُجرى مع وسيلة إعلام إسرائيلية، ومع ذلك… أطلق تصريحاته وكأنها بيانات عسكرية تصدر من تل أبيب.
وعندما سُئل عن علاقته بـ”إسرائيل”، أنكر أولًا… ثم فَتح الباب:
> “لسنا على اتصال بإسرائيل، لكن إن حصل تنسيق فسيكون إنسانيًا”!
يا للوقاحة، ويا لحجم الانحدار حين يصبح التنسيق مع المجرم القاتل “إنسانيًا”.
ثم أكمل حديثه مُتباهيًا:
> “لدينا مئات الجنود، والعائلات تأتي إلينا يوميًا عبر الممر الإنساني”.
“لم نطلق النار على حماس، لكنهم هاجمونا وقتلوا 25 من رجالنا لأننا أوقفنا سرقاتهم للمساعدات”.
“نُموّل أنفسنا، ولدينا متطوعون، ونحصل على مساعدات من منظمات دولية”.
ثم، كقنبلة دخانية، ألقى التصريح الأخطر:
> “نحن على تنسيق مع جهاز المخابرات الفلسطيني، هم يساعدوننا في التفتيش ومنع عناصر حماس من التسلل”!
لا تمويل من السلطة؟ لا بأس. المهم أن الغطاء السياسي حاضر، وأن موافقة مكتب رئيس حكومة الاحتلال على تسليحهم ليس براءة… بل دليل إدانة مباشر.
كل هذا، يُقدّمه الإعلام العبري كـ “إنجاز إنساني”.
لكن الحقيقة أبشع بكثير:
“إسرائيل” لا تُعطي هذا المرتزق سلاحًا فقط… بل منبرًا.
لا تدعمه عسكريًا فحسب… بل تُمرر رسائله بلسان فلسطيني إلى العالم.
هذا ليس قائدًا.
هذا متحدث رسمي باسم الاحتلال، يتحدث باللهجة الغزّية!
وهذه ليست مقابلة صحفية… إنها وثيقة اعتراف.
نعم، وثيقة تعترف بأن إسرائيل تُهندس واقعًا جديدًا في غزة، تستنسخ فيه “جولاني فلسطيني”، بتمويل عربي، وبصمت سلطة فلسطينية لم تنكر التنسيق، بل تفاخر به أبو شباب علنًا.
هكذا تُنسخ التجربة السورية في رفح.
تمامًا كما بدأت دواعش إدلب من تل أبيب،
ها هو “جولاني غزة” يرفع رايته باسم “المساعدات”، ويتقدّم من خطوط الاحتلال، متباهيًا بأنه يؤمّن الحماية للنازحين من “إرهاب حماس”، كما يقول.
لكن… لا رفح إدلب، ولا غزة سوريا.
هنا الصمود من لحمٍ ودم، وليس صدى في ممرات الدولارات.
في اللحظة التي يظهر فيها قائد ميليشيا فلسطيني على إعلام الاحتلال ليشرح مشروعه “الإنساني”، ويطلب دعمًا دوليًا لحماية الفلسطينيين من فصائلهم، علينا أن نتوقّف… لا لنناقش “حياده”، بل لنقرأ التاريخ الذي يتكرر علينا بشكل أكثر قذارة.
ولمن لم يفهم الصورة جيدًا، نترك هذه الإجابة من المقابلة:
> “لم يصدر الجيش الإسرائيلي أي بيان يذكر اسمي… وهذا دليل على أننا وطنيون”!
أي وطنية هذه التي تنمو تحت جناح الاحتلال؟
أي مشروع إنساني يبدأ من بنادق كيان غاصب؟
أي شرف يُبنى على تنسيق مع المخابرات الإسرائيلية وسلطة رام الله العملية؟
التاريخ سيسجّل:
في غزة، حاولوا أن يخلقوا جولانيًا جديدًا…
لكنهم نسوا أن رفح لا تركع،
وأن من يحمي الأرض لا يطلب تصريحًا من الاحتلال، ولا يحاور إعلامه.
سيسقط هذا المشروع كما سقطت كل أدوات الصهاينة من صنع محلي.
>فرفح لا تنجب جولانيين.
وغزة لا تُفرّخ ميليشيات على هوى تل أبيب.
هذا المسخ لن يعمّر طويلاً…
فمن وُلد من رحم الخيانة، سيموت على أعتاب المقاومة.
2025-06-09
