بين جبهتي المالكي والسوداني .. صراع صامت يعيد تشكيل الأغلبية الشيعية!
حسين نعمة الكرعاوي
تعيش الساحة السياسية العراقية مرحلة بالغة الحساسية مع اقتراب حسم الاستحقاقات الدستورية، حيث يشهد الإطار التنسيقي تنافساً غير معلن بين جبهتين شيعيتين تتقدمان نحو موقع “المرشح الأوفر حظاً” لرئاسة الوزراء، ويختلف موسم التحالفات ما بعد الانتخابات عن السابق، لأنه يعكس الأحجام النيابية الفعلية بدلاً من الأوزان الانتخابية، فيما تلعب انتقالات النواب، التي تتكرر في كل دورة حتى قبل أول جلسة، دوراً محورياً في إعادة رسم موازين القوى.
الجبهة الأولى يقودها نوري المالكي، مرشح ائتلاف دولة القانون، الذي ينشط على مستويين: أولاً تثبيت نفوذه داخل الإطار عبر لقاءات مع قيادات القوى الشيعية الفائزة في الانتخابات، وثانياً بناء تفاهمات مؤثرة خارج الإطار، خصوصاً اللقاء الأخير مع محمد الحلبوسي الساعي للعودة إلى رئاسة البرلمان، ما يمنح المالكي ورقة دعم سنية يمكن أن تعزز موقعه في لحظة الحسم.
أما الجبهة الثانية، المتمثلة بمحمد شياع السوداني وبدعم من ائتلاف الإعمار والتنمية، فتحاول الحفاظ على موقع الحكومة الحالية واستثمار شبكة علاقاته مع القوى السنية والكردية لضمان استمراره لولاية جديدة، غير أن تزايد الحديث عن احتمال تفكك ائتلافه، الذي يشكل فيه فالح الفياض وأحمد الأسدي ركائز أساسية، يجعل موقع السوداني أكثر هشاشة ويضعه أمام تحديات داخلية تتعلق بتماسك داعميه قبل مرحلة اختيار الكتلة الأكبر.
وفي قلب هذا التوازن الدقيق يتحرك كل من السيد عمار الحكيم والشيخ قيس الخزعلي بدور الوساطة، إذ يسعيان لمنع التنافس بين الجبهتين من التحول إلى انقسام داخل الإطار، ويحافظان على خطوط الاتصال باستمرار، ما يمنحهما ثقلاً إضافياً في ترسيم شكل الإجماع الشيعي المقبل. وفي المقابل، يسعى محسن المندلاوي للحفاظ على مكتسباته والسعي لموقع أقوى تشريعياً أو تنفيذياً، مستفيداً من السيولة السياسية واحتمال إعادة رسم التحالفات.
في الخلاصة، لا يعكس الحراك الحالي مجرد تنافس على رئاسة الحكومة، بل يمثل إعادة هندسة للنفوذ داخل البيت الشيعي، تتقاطع فيها الطموحات الشخصية مع الحسابات الاستراتيجية، في لحظة تسبق إعلان الكتلة الأكبر وتشكل السلطتين التشريعية والتنفيذية، محددة ملامح المرحلة السياسية المقبلة.
2025-11-18