الهدف الخفي للعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني!
نبيل السهلي *
بعد نجاح عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول / أكتوبر المنصرم في كشف هشاشة إسرائيل وزيف مقولة جيشها الذي لا يقهر، تحاول حكومة نتنياهو الإرهابية عبر ارتكاب المجازر ضد الفلسطينيين على مدار الساعة في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس، تلميع صورتها أمام المجتمع الصهيوني بعد الفشل الذريع على كافة المستويات .
مخطط الترحيل
جنباً إلى جنب مع تقتيل الفلسطينيين وتجويعهم ، بغرض ترحيلهم إلى خارج وطنهم الوحيد فلسطين، وبالتحديد إلى شمال شبه جزيرة سيناء المصرية والأردن؛ لكن بصمود وثبات الشعب الفلسطيني انكسر مخطط الترحيل الذي يعشش في أذهان وخطابات الأحزاب الإسرائيلية.
اللافت أن الدولة المارقة إسرائيل اعتمدت وسيلتين لتحقيق غاياتها الديموغرافية التهويدية الاستراتيجية في فلسطين.
تمثلت الوسيلة الأولى في ارتكاب المذابح بحق أصحاب الأرض الشرعيين العرب الفلسطينيين لدفعهم إلى الفرار خارج وطنهم فلسطين، وتالياً العمل على تهيئة الظروف لجذب مزيد من يهود العالم إلى فلسطين عبر طرق مختلفة، وبهذا كان اليهود الركيزة الأهم لقيام الدولة المارقة إسرائيل واستمرارها على حساب فلسطين الوطن والشعب.
في عام 1948 طردت العصابات الصهيونية بفعل ارتكاب عشرات المذابح (850) ألف فلسطيني كانوا يمثلون آنذاك (61) في المئة من مجموع الشعب الفلسطيني البالغ مليون وأربعمئة ألف فلسطيني آنذاك.
نكبة عام 1948
وتركز معظم اللاجئين الفلسطينيين إثر نكبة عام 1948 في المناطق الفلسطينية الناجية من الاحتلال، أي في الضفة والقطاع (80) في المئة، في حين اضطر (20) في المئة من اللاجئين الفلسطينيين التوجه إلى الدول العربية المجاورة لفلسطين ، سوريا، والأردن ولبنان، ومصر والعراق.
ما لبث العديد ممن توجهوا إلى الدول العربية أن فكروا في السفر إلى مناطق جذب اقتصادية في أوروبا وأمريكا وأستراليا وكندا ودول الخليج العربية.
في مقابل ذلك بقي في المناطق الفلسطينية التي أنشئت عليها الدولة المارقة إسرائيل والبالغة (78) في المئة من مساحة فلسطين التاريخية البالغة 27009 كيلومترات مربعة، (151) ألف فلسطيني تركز غالبيتهم في الجليل الفلسطيني، وصل عددهم خلال العام الحالي 2023 إلى أكثر من مليوني عربي فلسطيني.
وتقدر نسبة الفلسطينيين المقيمين في فلسطين وحولها في الدول العربية المجاورة (80) في المئة من مجموع الشعب الفلسطيني خلال العام الجاري، وباقي النسبة من الشعب الفلسطيني وتصل إلى (20) في المئة تتوزع في الدول العربية غير المجاورة لفلسطين وأوروبا وأمريكا، وبهذا فشلت الدولة المارقة وداعموها في تحقيق الهدف الديموغرافي التهويدي الإحلالي.
الإرهاب والمذابح
لخص ديفيد بن غوريون أول رئيس وزراء إسرائيلي ذلك قائلاً “إن الوضع في فلسطين سيسوى بالقوة العسكرية”، ويكرر هذه المقولة الآن رئيس الوزراء الإرهابي نتنياهو وأركان حكومة العدوان.
ويمكن الجزم وعبر متابعة الوثائق التاريخية بأن المجازر الصهيونية لم تبدأ فقط في عام 1948.
في ليلة 15 تموز (يوليو) 1947، دخلت قوة من عصابة “هاغانا” الصهيونية بستان الحمضيات الذي يملكه رشيد أبو لبن، ويقع بين يافا وبتاح تكفا. وكانت عائلة من سبعة أشخاص نائمة داخل منزلها وتسعة عمال آخرين نائمين خارجه. ووضعت القوة المهاجمة عبوات ناسفة، وأطلقت النار، فقتلت 11 عربياً بينهم امرأة وبناتها الثلاث اللواتي كانت إحداهن تبلغ من العمر سبع سنوات، والثانية ثماني سنوات، والابن ثلاثة أعوام.
وفي 29 أيلول (سبتمبر) 1947، هاجمت “الهاغانا” أيضاً، سوق حيفا فدمرت متجر أحمد دياب الجلني بعبوات ناسفة، وفي 12 كانون الأول (ديسمبر) 1947، دخلت قوة من “الأرغون” ترتدي بدلات عسكرية بريطانية، بلدة الطيرة في قضاء حيفا، وقتلت 12 عربياً وجرحت ستة آخرين.
وبعد يوم من هذه المجزرة ألقت عصابة “الأرغون” قنابل على تجمعات عربية عند باب العمود في القدس، فقتلت أربعة من العرب، وفي اليوم نفسه هاجمت تلك العصابة الصهيونية مقهى عربياً في مدينة يافا، في شارع الملك جورج، وقتلت ستة من العرب.
وتبعاً لأرقام إحصائية، استشهد في 13 كانون الأول/ديسمبر في كافة المدن الفلسطينية من جراء المجازر الصهيونية المنظمة 21 مدنياً عربياً.
وتابعت العصابات الصهيونية مجازرها المنظمة في القرى الفلسطينية المختلفة. لكن المجزرة الأكبر كانت في 30 كانون الأول/ديسمبر 1947، حين رمت جماعة من “الأرغون” صفيحتي حليب تحويان قنابل على مجموعة من نحو مئة عامل فلسطيني، كانوا واقفين أمام مصفاة النفط في حيفا لتسجيل أسمائهم للعمل، وقتل في الهجوم ستة من العرب وجرح 46 آخرون، وفي الاشتباكات داخل المصفاة قتل العرب دفاعاً عن النفس 41 يهودياً وجرحوا 48.
ارتكبت العصابات الصهيونية أثناء فترة الانتداب البريطاني 12 مذبحة، في حين ارتكبت 13 مذبحة بعدها، ضد الفلسطينيين العزل.
تابعت العصابات الصهيونية مجازرها وتدمير المنازل، والضغط على الفلسطينيين في القرى والمدن الفلسطينية كافة خصوصاً خلال الفترة من كانون الثاني/ يناير 1948 وحتى أيار/ مايو من العام ذاته.
وكان الهجوم يتم من ثلاث جهات، في حين تترك الجهة الرابعة كمنفذ وحيد لهرب الفلسطينيين الناجين من المجازر، حاملين معهم أخبار ما حدث إلى القرى القريبة، حتى ينتشر الرعب في قلوب الأهالي.
وتوجت المجازر الصهيونية بقتل الوسيط الدولي السويدي الكونت برنادوت في القدس في 18 أيلول/سبتمبر 1948، على يد العصابات الصهيونية وكان من بينها رئيس الوزراء الأسبق إسحاق شامير، بعدما حمّل الوسيط الدولي في تقريره إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة إسرائيل مسؤولية بروز قضية اللاجئين.
وأكد أن أي تسوية لا يمكن أن تنجح من دون عودتهم إلى ديارهم. وبناءً على تقريره، صوتت الجمعية العامة على القرار 194 بتاريخ 11 كانون الأول/ديسمبر 1948.
ومن جديد ترتكب الدولة المارقة إسرائيل المجازر المروعة في قطاع غزة والضفة الغربية على مدار الساعة منذ أكثر من خمسين يوما، بغرض دفع الفلسطينيين إلى خارج وطنهم ، لكن ثبات أهالي غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس وكذلك الداخل المحتل، رغم الألم وعملية التقتيل للأطفال والاعتقال أفشل دون شك مخطط الترحيل القديم الجديد الذي عشش بالفكر الصهيوني وفي عقل النازيين والفاشيين الصهاينة، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي الإرهابي نتنياهو .
كاتب فلسطيني مقيم في هولندا
2023-12-09