الفقر يفتك بـ”عمال العراق” وغياب القوانين يطحن وجودهم!
رحلة شاقة في طريق مظلم
ترافق قاسم أمين صاحب الـ 40 عاماً، فأسه وأدوات العمل الأخرى، متوجهاً الى ما يُعرف بـ”مسطر العمالة” في الباب الشرقي وسط بغداد، فحكاية العيد السنوي الذي خصص لإنصافه، لا تعدو كونها حدثاً عابراً لا يشكل تغييراً في مسار حياته الملغومة بالفقر والتهميش، وغياب القوانين الساندة التي تحفظ حقوقه مع آلاف يلهثون وراء أجر يومي لا يسد الرمق.
وقد يقضي المرض والكهولة على هذه الشريحة، من دون حماية أو ضمان من المخاطر التي تلاحقهم، ففي العراق يقدم هؤلاء أعمالاً شاقة وقاسية مقابل أجور قليلة لا تساوي ذلك المجهود، ولا يختلف الحال مع شريحة واسعة من العاملين في قطاعات الدولة وشركاتها الذين تذوب مرتباتهم في أيام الشهر الأولى.
وقريباً من تطلعات تغيير مسرى القوانين باتجاه دعم العمال في العراق، يؤكد الموظف في القطاع العام محمد جمال، ان غياب التشريعات المهمة لإنصاف هذه الشريحة الواسعة، ادخل الكسل في عشرات الشركات الممولة من الدولة وأفقد حضورها، مشيراً الى ان الأمر مشابه الى حد كبير في القطاع الخاص، الذي يمارس فيه أصحاب الشركات، سلوكاً عنيفاً في التعامل، أو انهاء الخدمات من دون تعويضات.
وفي هذا الصدد، يرى الخبير الاقتصادي ضياء المحسن، أن نظام العمل الموجود في العراق، غير مؤمن بالنسبة للعاملين، مشيراً الى ان “حقوق العامل غير معترف بها”، وأوضح، ان “العمال، لا يمتلكون قانون تقاعد ولا حقوقاً تقاعدية، وهذه مشكلة كبيرة، لأن قانون تقاعد القطاع الخاص، لا يزال قاصراً عن تأمين متطلبات العاملين في هذا القطاع”.
ومازال قانون العمل الذي أقره مجلس النواب في عام 2015 بحسب الخبير القانوني علي التميمي، بحاجة إلى لمسات حقيقية وعصرية، تجعله يواكب سوق العمل الحالي، لأنه يحتوي على مضامين لا تخدم العامل بالقدر الكافي، برغم ان النقابات اعتبرته في وقتها طفرة نوعية ومهمة.
لكن مصدراً سياسياً مطلعاً يشير الى وجود عدد من المعطيات ستنصف هذه الشريحة، التي كابدت غياب القوانين التي ترعى حياتهم وتخرجهم من دائرة التغييب والاستغلال في العمل.
ويذكر المصدر لـ”المراقب العراقي”، انه “من ضمن الملفات المهمة التي تناقشها حكومة محمد شياع السوداني، تنظيم وضع العاملين في العراق، وفرض آليات جديدة على الشركات في سوق العمل، لضمان حقوق تقاعدية تحميهم من تقلبات الحياة”.
وتعتقد الخبيرة في الشأن الاقتصادي د. سلام سميسم، ان “مشكلة اهمال حقوق العمال في العراق، تدخل ضمن نطاق غياب الأدوار والهويات الاقتصادية، لافتة الى ان آلاف العاملين لا يعرفون ان كانوا هم جزءاً من الإنتاج أم ضحية له”.
وتبيّن سميسم في تصريح لـ”المراقب العراقي”، ان “القانون الذي أقره البرلمان في وقت سابق، لم يكن منصفاً ويحتاج الى دعم أكبر لهذه الشريحة، موضحة ان البلاد لا تزال تخضع للتفكير البدائي في الاقتصاد، ما يجعلها متأخرة عن ركب التطورات”.
وبرغم المؤشرات على تراجع الاقتصاد في العراق الذي يشهد فوضى وغياباً للتنظيم، إلا ان خبراءً يرون في حركة الحكومة خلال الأشهر الماضية، جدية في التحوّل نحو بناء قاعدة اقتصادية تحمي العراقيين من التقلبات في المستقبل.
المراقب العراقي/ المحرر الاقتصادي..
2023-05-01