السوق يرمي حمم براكين الفساد على بيوت الجياع ويسلخ أمنياتهم البسيطة…
الغلاء يجلد الفقراء في العيد
يقلّب ابو منتظر ما تبقى من مشتريات ملابس الصيف الماضي لإرضاء أطفاله في هذا العيد، فهو الذي لا يقوى على سد مصروفات أسرته الشهرية، إذ أضرم الدولار النار بآخر ما يدّخره لـ”ملمات الدهر”، والمناسبات الدورية التي تعود كل عام، وهو لا يختلف كثيراً عن آلاف الأسر التي تمر الأعياد بعيداً عن أبوابها، خشية ان تصطدم بدمعة طفل أو أم ترتقب فرجاً تحمله ريح الوجع.
ويتهيأ العراقيون لإحياء عيدهم برغم متغيرات الأوضاع الاقتصادية التي قلبها الدولار رأساً على عقب، بعد ثلاثة أعوام من الانهيار السلعي الذي صعد الى سقوف عالية رمت بحملها على أصحاب الدخل المحدود والعائلات المعدمة.
ويذكر أبو منتظر “وهو من سكنة مناطق شرقي العاصمة”، ان الذهاب الى السوق يعني حملا جديدا على ميزانيته البسيطة التي يحاول قدر الإمكان سد رمق أسرته التي تنتظر يوما يقضيه بالعمل الشاق، حتى تكون فرصة التبضع بأسواق الملابس في الأعياد والمناسبات أمرا نادرا لا يقوى عليه، هو “من يشبه ظرفه المعيشي الصعب”.
وبرغم أحاديث هبوط الدولار وإمكانية وصوله الى عتبة السعر الرسمي، إلا ان الأسواق لا تزال تتمسك بأسعار عالية تبعاً لسقوف يفرضها التجار على أصحاب المحال، اذ نتج عن ذلك تفاوت كبير بين سعر العملة وما يطرح من سلع ومواد غذائية.
وقريبا من تطلعات المواطنين الباحثين عن فرصة وأمل لاستعادة السيطرة على السوق، يحث مراقبون للوضع الاقتصادي، رئيس الوزراء، على ضرورة تفعيل الرقابة على البضائع والسلع التي لا تزال أسعارها تراوح بعيدا عن الهبوط الأخير في قيمة الدولار، مشيرين الى ان سيطرة بعض الأحزاب على منافذ التجارة أوجدت واقعاً غريباً يحتاج الى حل قبل ان يتحول الأمر الى واقع حال.
واعتاد العراقيون خلال الأعياد على طقوس وموروث سنوي في تبادل الزيارات ونحر القرابين، إلا ان المتغيرات ستضع الكثيرين منهم أمام الواقع الجديد الذي فرضه السوق عليهم، لكنهم كثيرا ما يصارعون التحولات الاقتصادية بانتظار حل قد يقترب من طموحاتهم برغم انطفاء شمعة الأمل في كثير من المحطات إزاء الفساد المستشري في مفاصل الدولة وتحكم متنفذين بقوت يومهم.
ويعتقد محمد حسن “موظف حكومي”، ان محاولات ردم الفجوة بين السعر الموازي والرسمي في الأسواق، بحاجة الى مراقبة شديدة لجشع التجار الذين يتلاعبون بالأسعار وفقاً لرغباتهم، فيما أعرب عن مخاوفه من استمرار الأزمة حتى مع وصول الدولار الى السقف الذي حدده البنك المركزي نتيجة الهيمنة التي تفرضها شخصيات متنفذة.
ويذكر الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، ان جملة من التحولات تفرض ارتفاع الأسعار وليس الدولار وحده من يتحكم بحركة السوق.
ويضيف المرسومي في تصريح لـ”المراقب العراقي”، ان “عدم تنظيم التجارة في العراق وارتفاع نسبة الضرائب وغلاء النقل للسلع المستوردة وغياب الإنتاج المحلي كلها مجتمعة، تؤثر بشكل كبير على السقف السلعي داخليا”.
وأوضح، ان إقرار الموازنة بهذه الكتلة النقدية الكبيرة سيدفع أيضاً بارتفاع القيمة الشرائية ووفقا لفرضية العرض والطلب ستسمر الأسعار بالصعود الذي رافق السوق منذ أشهر.
لكن مواطنين يعولون على حركة الحكومة في حل لغز الأزمة التي داهمت السوق العراقية وحولته الى نار ملتهبة دائمة، معتبرين الإجراءات الأخيرة التي أطلقتها حكومة السوداني للحد من الجشع ستكون باكورة أولى لتنظيم عمل السوق العراقية في المستقبل.
المراقب العراقي/ المحرر الاقتصادي..
2023-04-20