عدنان عاكف وداعاً يا رفيق… أحمد الناصري
رحل عدنان عاكف حمودي (أبو عادل)، بعد رحلة طويلة، كسيرة منفي بعيد عن وطنه، وهو يصيح على لسان البياتي
(أهكذا تمضي السنون
ونحنُ مِنْ مَنْفَى إلى مَنْفَى ومن بابٍ لبابْ
نَذْوِي كَمَا تَذْوِي الزَّنَابِقُ في التُّرَابْ
فُقَرَاء، يا قَمَرِي، نَمُوت
وقطارُنا أبداً يَفُوت…)…
عدنان عاكف المثقف الجميل الذي يعرف ويهتم بالتراث والتاريخ واللغة، ومتخصص بالعلوم الطبيعية، لذلك كانت نظرته هادئة وعميقة لمحنة الوطن والناس، وهو ناقد ولاذع بهدوء وعمق أيضاً.
كان واضحاً في موقفه وقراءته الرصينة ومتابعاته اليومية للأزمة. لم ينجر للمهاترات التي تغطي سوق السياسة وكواليسها وأشياءها الكثيرة الغامضة والخاطئة والملتبسة. الأمر يحتاج إلى وضوح رؤية وروية عدنان عاكف…
منفى طويل ومتعدد الطبقات، فيه احوال وتبدلات كثيرة. والمنفي يتجمع على نفسه في نقطته هناك، يسقي شجرته بالدموع والحسرات والأمل والانتظار. غابة المنفى تكبر، وأشجارها تتساقط بهدوء بالغ ومبالغ فيه.
العراقيون في المنفى وفي الوطن يحاصرهم الموت الجماعي، الخاطف والسريع. لا شيء غير أخبار الموت الجماعي، بعد إن رأوا ما رأوا من موت في المعتقلات والطرقات والبيوت، حيث لا مكان آمن داخل وخارج الوطن. فهو منفي في هذا المنفى الطويل الملون، في مكان ليس له ولا مكانه. سيهمس الجيران بحزن مات الغريب…
رحل عدنان عاكف وترك أثراً طيباً. صادق التعازي لنادية وأمها والأبناء والأشقاء من بقي منهم.
سلام له في رحيله وأثره العاطر، ولأصدقائي اشقائه الشهداء وللجميع…
ستبقى معنا بكل هذا الجمال والأثر والسيرة الطيبة