فاطمة لن تنتظر حتى الثانية صباحًا* محمد ابو عريضة مرت الدقائق والثواني ببطىء شديد .. كأن عقارب الساعة أدركت شغف صاحبة الدار بالوقت، فأرادت أن تعبث معها، فأخذت ترفع من صوت تكاتها رويدًا رويدًا، وتُخّفِّض من سرعة جريانها باتجاه الساعة الثانية صباحًا.جلست فاطمة في ركن مظلم بباحة الدار، تنتظر زوجها محمود، الذي خرج منذ ساعات ولم يعد بعد، هي تعلم أنه ذهب في مهمة خاصة بتكليف من القائد، شعرت بذلك من توترة، ومبالغته في التحوط.كان الأطفال قد ذهبوا في سبات عميق، حينما اقترب منها، وهمس في أذنها: أبلغي الرفيق “أبوالعدل”، إن لم أعد قبل الساعة الثانية صباحًا.بعد أن قبَّل الأطفال،…
قصص قصيرة
رسائل الحرب والحرف…! مريم الشكيلية* احترس من تلك الغربان التي تحلق فوقك بصوتها المرعب أنا وأنت قد رأينا إمتداد ذاك الجسر الذي يمتد بيننا دون حواجز أو مسافات . هذا الصباح وفي تمام الثامنة كنت قد إستيقظت دون حراك .. كنت أطوف بعيني إلى سقف الغرفة الباردة بعد قراءة رسالتك في منتصف ليل وعتمة قلت في نفسي هل تدرك إن رسائلنا تشبه ذاك الجسر المعلق بين ضفتين ومدينتين وحرفين إن تلك الرسائل التي تسير في ذاك الجسر الوهمي فقط أنا وأنت نراها تعبر المسافات بين مدن الحرب والحرف أنا هنا اجالس إشتباك حروف اللغة ليصلك نصل حرف تتمسك به كقشة…
إليك…… مريم الشكيلية* ترددت كثيراً قبل كتابة هذه السطور …لم أستطع جر أحرف اللغة من الكساد الكتابي الذي أطاح بي منذ ثلاثة أيام ونبض ….كيف أصف ما لا يوصف حين أردت لبلاغتي أن تكون على مقدار حضورك…؟!إن اثرك على كل ما أكتب تجده متغلغلا’ في جذور سطوري بحيث إنني عندما ينتابني الصمت الكتابي يتسلل إلي صوتك ….إنني عندما أخط بحبري تحت ضوء الورق أشعر بأنني وطأة بخف كلماتي على مقربة من نبضك لا ورقك…وإنني لا أشك بأنك ترتشف تلك الأحرف مع فنجان قهوتك أو إنك تضعها كقطرات عطرية على يسارك ….رأيت شخصاً غريباً يجلس على كرسيك الذي كنت تجلس عليه…
قصة قصيرة(دافنشي )للقاصة وسيلة أمين سامي*تهلّل وجهه وهو يراها ، طلب من سائق الحافلة التوقف !!صعدت إلى الحافلة .. شابة يبدو مما تحمله في يدها أنها طالبة في كلية الطب ، أخذ ينظر إليها بشرود ، أنّبه السائق وصرخ :دافنشي .. شوف شغلك !!إستغرب أحد الركاب : إسمك دافنشي ؟؟قهقه الشاب وحك شعره الكثيف وأجاب : أحد الركاب سمّاني هذا الاسم لانه عرف أني أهوى الرسم .سأله آخر : هل تعرف من هو دافنشي ؟أجاب :لا أعرف عنه شيئاً سوى أنه رسام .توقفت الحافلة ، نزلت تلك الشابة ، تتبعها دافنشي بنظراته ، حتى غابت ..وصعدت من صدره زفرات حرى…
سندريلا حافية”” إعادة صنع الأسطورة! حنان الخطابي* سندريلا حافية “” هي مجموعة قصصية للكاتبة المصرية وفاء شهاب الدين صادرة عن دار اكتب للنشر والتوزيع بالقاهرة وحصلت على جائزة اتحاد الكتاب عن القصة الرئيسية “سندريلا حافية” ، تحاول المؤلفة أن تستلهم هذه الأسطورة كي تعيش واقعنا الآن، في إطار آخر وظروف مختلفة تسعى وفاء شهاب الدين في مجموعتها القصصية تلك أن تستحضر تلك الفتاة الفقيرة التي آمنت أن الأيام ستضحك لها بعد أن عاشت الفقر والخصاصة والظلم والقهر من قبل المقربين منها والمحيطين بها. والحقيقة أن مجموعة وفاء شهاب الدين تطرق الواقع المصري، وتنقله دون “روتوش” أو زيف، الواقع الذي عايشته…
قصتان: رعب… وعطش!رياض بيدس* رعب وجد صعوبة كبيرة في متابعة نشرة أخبار التلفزيون. كان القتل، قتل الأطفال يفوق الوصف والخيال، إضافة إلى قتل النساء الختيارية والعجائز وتدمير البيوت كما لو كانت علب كبريت، وكل ما على الأرض يفوق الوصف. كان كل شيء عرضة للقتل والتدمير والتهجير. تأمل الصور في التلفزيون وكانت مروّعة وصعبة جدا عليه. قالت له زوجته: لما تتابع الأخبار إن كانت صعبة جدا؟قال: أنت تتابعين أيضا بالجوّال.قالت لمساعدته: أخبار الجوّال أقل صورا.دارت له الفكرة. غيّر المحطة، لكنه شعر بحيرة. كيف يتابع الأخبار دون مشاهدة الصور الكثيرة للشهداء؟ هل من وسيلة لوقف شلال الدم والقتل والتدمير والتهجير؟ يصعب عليه…
وطن على ورق! مريم الشكيلية* سألتك مرة وأنا متشبثة أمام شاشة التلفزيون، أرى وطنا برائحة دخان ودماء… كيف يكون لنا وطن يُغتال في المخيلة؟ كيف تكون لنا هوية على ورق نكتبها بمداد قلم، وهناك من يكتبون أوطانهم بشرايين ودم؟ أجبتني يومها وأنت تقف على ناصية قلم، وكأن الصرير الذي يجر قدماه على الورق ليس قلماً يكتب، وإنما كان حرفا يحفر ما أرد قوله على ذاكرة وطن قبل أن يصل ذاكرتي…. قلت حينها الأوطان مرة تحملنا ومرة نحملها.. الأوطان لا تقبل بمهر قليل.. قلت: متعجبة وأنا أنظر إليك من خلف زجاج الورق كيف؟ أجبتني إما أن يكون مهرها دمك، أو استقيل…
صح العزم مني…! ثائر دوري رغم الجو العاصف لم تتأخر عن موعدها اليومي مع النوارس. كل يوم تقطع مسافة ليست بالقصيرة لتراقب النوارس والغروب. صححت مبتسمة: الغروب أولاً ثم النوارس. في البدء كانت تحضر لتراقب البحر عند الغروب، ثم لفتت النوارس انتباهها. بعدها بدأت تحضر خبزاً تفته قطعاً صغيرة ثم ترميه طعاماً للنوارس التي تحط على الأرض لتلتقط الطعام. تدرج الأمر معها من مراقبة الغروب إلى مراقبة الغروب والنوارس، وحديثاً بدأت تطعمها. ويبدو أن النوارس صارت تتعرف ليها فما إن تقترب من البحر حتى تتجه نحوها. قالت : انظر إلى النوارس لا تستطيع الإقلاع إلا بصعوبة بالغة بعد أن تلتقط…
قصة قصيرة “القاتل والضحية”! بكر السباتين دخل جنود محتلون على قرية آمنة، فعاثوا فيها فساداً وفجورا.. واغتصبوا كلَّ نسائها الاّ واحدة منهنّ تمكنت من مقاومة الجندي الذي جاهد لهتك عرضها، فباغتته بخنجرها، حتى أردته قتيلاً، ثم قطعت رأسه بهستيريا حتى تتغلب على خوفها من العواقب، فاحتفظت به كدليل على أنها صانت عرضها ، وقد أكسبتها كرامتها طاقة هائلة سرعان ما خارت بفعل التعب الذي داهمها بعد أن دفعت الشر عن نفسها؛ لكنها تنفست الصعداء وهي مرتاحة الضمير.وبعد ان أنهى الجنود مهمتهم ورجعوا لثكناتهم ومعسكراتهم، وألسنتهم تلعق بقايا عسل دفعت النسوة ثمنه من قديد شرفهن المنتهك، خرجت كل النساء من بيوتهن…
أسيرة الحروف…! ريم العبدلي * فى ليلة ممطرة ارتفع فيها صوت الرياح، وكأنها عاصفة شديدة، جلست ندى أمام التلفاز تشاهد مسلسلها المفضل، وبقربها كالعادة دفتر وقلم تسجل عليه جميع ملاحظاتها، تمعنت ندى جيدا بدفترها و جلبته نحوها، محاولة كتابة سطورا من حياتها المليئة بالمغامرات ، لكنها هذه المرة فكرت فى كتابة رؤية من واقعها، ربما تكون ناجحة وفيها دروس ومواعظ ، بدأت ندى تحاكي دفترها وقلمها عن طموحها في أن تكون ذات يوم كاتبة تشق طريقها نحو النجومية ، حينما رسمت طريق طفولتها بثقة كبيرة بأنها مشروع ناجح يفخر به الجميع ، حاولت ندى أن تكتب كل صغيرة وكبيرة عن…
عيد الحب…! وفاء نصر شهاب الدين لم يهدها قط باقة من الورد لكن حين تضع رأسها على صدره تبتسم لها من بين ضلوعه زهرة. يشق نهر العمر بينهما فراقاً لكن سرعان ما ينتهي مصبه بين ذراعيها،تعلم جيداً انه ليس لها لكن منذ متى امتلك أحدهم القمر أو استوطن أرض الشمس؟ كل عام يمر يمنحهما أسباباً قوية للفراق لكنه الفراق الذي يعد بلقاءات وشيكة تنسيهما معا مر الاشتياق.. يجلس بغرفة مكتبه ليقرأ ويكتب ويعمل منشغلاً عن العالم لكنه يعلم أن هناك بعيدً رغم المسافات يوجد قلب ينبض بأحرف اسمه نبضاً متصلاً لا ينقطع إلا بموت. قد تفتتن بشعره الفضي وسامته اللافته…
الفجْر هُنَا ! معتز عبدالله كان الفجْر هُنَا هادئًا بِنسمَات تُدَاعِب أرْواحنَا مُعلَنَة بَدْء صَبَاح دَرنَة ، بِضرْبة أَوَّل فأس فِي الوادي لِزراعة الياسمين والرُّمَّان لِتبْدأ الشَّوارع بِالازْدحام ، فِي وسط البلَاد ، شَارِع الفنَار ، حشيشه ، شَارِع الصَّحابة ، إِلخ . . . تَجمُّع الكبَار فِي المقاهي بِنقاشات درْناويَّة بِالْكوميدْيَا السَّوْداء اَلتي نُعرف بِها رَغْم أَنَّه لَطَالمَا الحيَاة كَانَت قَاسِية الدُّروس مَعنَا جميعًا ، إِلَّا أَنَّه دائمًا كان لدينا أَهدَاف أَساسِية لِحياتنَا تَجمُّع اِخْتلافاتنَا ؛ كالسَّعادة ، السَّلَام والنَّجاح ، دَفَعتنَا حُريَّة عُقولِنَا إِلى أن نُحِب فِي الحيَاة كُلَّ شَيْء ، كُنَّا صَادقِين ، عفْويِّين ، مُفْعمِين بِالْحياة..…
حكايةٌ من قريةٍ أفغانيةٍ! عادل علي في منتصف عام ألفين كنتُ منتظراً دوري لمقابلةٍ للحصول على عمل، وهناك شخص اخر فيه ملامح شرقية وهدوء وسكينة راكن جسمه في زاوية الغرفة ينظر بعيداً من خلالِ نافذة واسعة نحو السحاب المتحرك صوب الجنوب راسماً اشكال هندسية تتشكل وتتلاشى بشكل مستمر. لقد حصلنا على عمل بعد مقابلة قصيرة، فكانت حصتي المنطقة الوسطى ، وحصة الشاب المنطقة الشرقية، فلم نتعارف عندها، رغم ان رقمه في قائمة الموظفين ٥٨٨، ورقمي ٥٨٩. لم تجري الامور بسهولةٍ مع رئيس القسم، الامر الذي جعلني ان اطلب منه ان يوافق على نقلي الى المنطقة الشرقية، فوافق فوراً. هناك التقيتُ…
من الأدب الفرنسي…. قصة قصيرة جداً بعنوان ” خرفان بانورج ” روى الكاتب الفرنسي “فرانسوا رابلي” قصة رجل يدعى “بانورج” (Panurge) كان في رحلة بحريّة على متن سفينة. وكان على نفس السفينة تاجر الاغنام “دندونو” ومعه قطيع من الخرفان المنقولة بغرض بيعها. كان “دندونو” تاجرًا جشعًا لا يعرف معنى الرحمة، ووصفه الأديب الكبير رابليه (Rabelais) بأنه يمثل أسوأ ما في هذا العصر وهو غياب الإنسانية. حدث أن وقع شجار على سطح المركب بين “بانورج” والتاجر “دندونو” صمم على إثره “بانورج” أن ينتقم من التاجر الجشع، فقرّر شراء الخروف الأكبر من التاجر بسعرٍ عالٍ وسط سعادة دوندونو بالصفقة الرابحة. وفي مشهد…
قصة قصيرة جدًا من أدب تولستوي بعنوان: بنات آوى والفيل ترجمة الأديب الكبير: صياح الجهيم . بعد أن أكلت بنات أوى كل جيف الغابة، لم يبق لديها ما تسد به رمقها. ووجد أحدها، وهو عجوز، الوسيلة التي بها يحصل على ما تقتات به. ذهب إلى الفيل وقال له: كان لنا ملك، لكنه ظن أن كل شيء مباح له: كان يأمرنا بما لا يمكن تنفيذه. ونحن نريد أن نختار ملكاً آخر، وقد أرسلني شعبي لأرجوك أن تكون ملكاً لنا. لن تنزعج عندنا، وسنؤدي لك كل واجبات التكريم. تعال إلى مملكتنا. قبل الفيل وتبع ابن آوى. قاده ابن آوى إلى مستنقع. وعندما…
تغيير جو…… لا تتعمق أكثر!! أثناء الحرب العالمية الثانية، وبينما كانت المحادثات الثلاثية تجري بين : الرئيس السوفييتي ستالين، ورئيس وزراء بريطانيا تشرشل، والرئيس الأمريكي روزفلت في مدينة يالطا الروسية، كتب روزفلت كلاماً على قصاصة ورق صغيرة، وسلّمها إلى تشرشل!قرأ تشرشل ما كتبه روزفلت ثم أحرق الورقة في منفضة سجائر أمامه، بعدها كتب الإجابة وسلمها إلى روزفلت، والذي قرأها ثم رماها أيضاً في المنفضة التي بجانبه!بقيت الورقة سليمة لأن روزفلت لم يكن يدخِّن. حالما غادر الزعماء طاولة المفاوضات، سارع أفراد جهاز الأمن السوفياتي إلى التقاط تلك الأوراق وكان مكتوباً بخط تشرشل: “لن يطير النسر العجوز من العش على أية حال”!…
“مؤهلات”….. قصة قصيرة من الأدب التشيكي أعُلِن فى إحدى الغابات عن وظيفة “أرنب مستكشف أنفاق” شاغرة. لم يتقدم أحد للوظيفة غير دب عاطل عن العمل، و تم قبوله وصدر أمر بتعيينه. وبعد مدة لاحظ الدب أن في الغابة أرنبًا معيّن بوظيفة “دب فاتح طرق” ويحصل هذا الأرنب على راتب ومخصصات وعلاوة أعلى من مخصصاته بكثير! تقدم الدب بشكوى إلى مدير الإدارة وحُوِّلت الشكوى إلى الإدارة العامة، وتشكلت لجنة من الفهود للنظر في الشكوى، وتمّ استدعاء الدب والأرنب للنظر في القضية. طلبت اللجنة من الأرنب أن يقدم أوراقه ووثائقه الثبوتية، كل الوثائق تؤكد أن الأرنب دب. ثمّ طلبت اللجنة من الدب…
طوفان درنة “قصة واقعية”!بقلم: أسماء القرقني *جلستُ امام ماكينة الخياطة كعادتي كل ليلة ، اسابق الوقت لأكمل مابيدي ، المدارس على الأبواب والكل يريد ملابسه في الوقت المناسب .”رحمه الله ، ارجو ان اوفق في حمل المسؤلية من بعده “،مسحت دمعة سقطت رغماً عني وانا اتذكر زوجي الطيب وجهاده المتواصل ليوفر لي ولابنائنا الخمسة كل مانطلبه ، الحمل كان ثقيلاً عليه ،ربما لم اعرف ذلك الا عندما حللت مكانه.لم يقطع حبل افكاري الا طرقات قوية على الباب الخارجي ، حدقت في ساعة الحائط وقلبي يدق بعنف ، الساعة الثانية والنصف بعد منتصف الليل (اللهم اجعله خيراً ) .-ياعمتي اطلعوا بسرعة…
المعطف .. قصة قصيرة..! من تأليف الروائي الروسي الكبير نيقولاي غوغول المعطف .. قصة قصيرة من تأليف الروائي الروسي الكبير نيقولاي غوغول. نشرت في عام 1842. تحكي قصة معطف رجل يدعى “أكاكي أكاكيفتش”. وهي قصة إنسانية قال عنها الروائي الشهير تورغينيف: «كلنا خرجنا من معطف غوغول» إنسان ساذج فقير معدم لا يملك من حطام الدنيا شيئا بل لم يكن يطمح لأمتلاك اي شيء كان ينظرللأشياء وكأنها غير موجودة أنها ليست له . كان يعيش في غرفة مستأجرة صغيرة ومعتمة كان يعيش بمفرده وياكل بمفرده وكان طعامه هزيلا . وكان يملك بدلة واحدة وأصبحت قديمة ومهلهلة ومع ذلك لم يكن يتذمرأبدا…
يحيى…! انتصار الماهود يا زكريا عودي عليا كل سنة وكل عام أشعل صينية..لطالما كنت أردد هذه الترنيمة كل أول أحد من شهر شعبان..دعوت الله أن يرزقني طفلا تقر به عيني ويسعد فؤادي، كنت اناجي الله تعالى في ظلمات الليل وانا ابكي بحرقة، إلهي أ مقدرا لي السعادة والفرح في هذه الدنيا أم انني سأحمل لوعتي وحزني معي حتى الممات ؟؟.هل سيأتي اليوم الذي افرح فيه بحمل وليدي وقرة عيني بين يدي ؟؟، يا الله كم انا متشوقة للمس وجهه الطري ويديه الصغيرتين، أنا أحلم بهذا الحلم كل يوم وكل ساعة وكل ثانية وأتسآل متى؟؟ متى يتحقق مرادي؟؟، أنا أرى النساء…
صباحات بنكهة الفرح…!مريم الشكيلية كتب لي ان أكون ممن يستيقظون هذا اليوم على سطح الكوكب…فماذا أفعل بعد هذا الإستيقاظ المهيب؟قل لي من أين ابدأ نهاري الذي بسط ذراعه لي ثانياً؟وكيف أغزل خيوط الشمس التي وصلت إلى مخدعي المظلم؟إنني أتعجب من نفسي كيف تمضغ تلك الساعات الصباحية التي تمتد حتى آخر السطر دون أن تعرف كيف تجعلها تحت وطأت حرف ممتلئ بالأحلام؟!هذا الصباح أتمسك بقلمي أعيد به رسم الأشياء المعتمة والمترهلة….هذا الصباح أترقب تفتح زهرة دوار الشمس في التلة المجاورة لنافذتي….لن أخدش الصبح بالأبجدية الباكية التي تذيب الفرح في داخلي وتجعل الحلم هزيلاً مصاب بسوء البهجة…سوف أسير على طول محطة الحياة…
حمارة خالتي” ،،، كفر كلا – لبنان! ” الحمار والجحش ” وهي قصة حقيقية ومسجلة رسميا في الأمم المتحدة . في أحد الأيام من سنة 1962 وقبل ان يوضع السياج الفاصل بين كفركلا /لبنان، وفلسطين المحتلة، دخلت حمارة خالتي واختفت وغابت عند “الاسرائليين” لمدة سنة تقريبا .. ثم عادت بعد فترة لوحدها تجر وراءها عربة محملة بالدراق والاجاص، وبقيت متجهة الى منزل خالتي. تبعها الاولاد واخذتها خالتي وزوجها. لكن سرعان ما جاء الدرك مع المختار ورئيس البلدية وقوات الطوارىء التابعة الامم المتحدة وداهموا المنزل مطالبين خالتي بتسليم الحمارة لأنها كانت تحمل في أحشائها جحشا من أب “اسرائلي”.. طبعاً رفضت خالتي…
” المعطف الأحمر “! فاطمة تقي في ذلك العام منذ ما يقارب الستين سنه من الاعوام كانت ستبلغ من العمر عشرة سنوات ، فكر والدها الفخور بابنته البكر ان يهديها المعطف الأحمر الذي كانت قد رأته معروضا في احدى أفخر وارقى ” ” المغازات” في المدينه واعجبها جدا وكأنه قد فصل للتو على مقاسها تماما وعلق هناك قبيل حلول الشتاء خصيصًا لها ، وقد صار لها كما ارادت وتمنت في يوم ميلادها ، علاوة على ان والدها قد زين ياقته ” بدبوس ” فضي أنيق على شكل حمامة السلام ” لقد كان معطفًا جذابا مبهجا لافتًا فلم ترتديه اثناء الدوام…
فاتورة الكهرباء…!!(قصة قصيرة حقيقية)أ. د. ربيعة برباق /. الجزائركنت قاب قوسين أو أدنى من الأمية، حين أحضر أبي فاتورة الكهرباء الأولى في حياته، كان يتأمل في حروفها اللاتينية التي لا يعرف منها سوى شكلها المختلف.لقد طال مكوث الفاتورة في يده وطال مكوث عينيه في الفاتورة.كنت اراقبه ببراءة وقد أصابتني عدوى الحيرة التي في عينيه، حين نظر إلي مطولا كأنه ينتظر مني حلا لمشكلة ما.طوى الفاتورة ووضعها في جيبه للحظات ثم أخرجها مرة أخرى، وتأملها مرة أخرى بالحيرة نفسها، ونظر إلى بالنظرة نفسها، كأنه ينتظر مني فك رموزها.ولكن هيهات. فلم أكن أرتاد كتابا ولا مدرسة، فلم أكن سوى فتاة حدد المجتمع…
المكان….! رنا الصيفي أصل قبله.. عصير الليمون الحامض يفي بالانتظار.ماذا لو؟ هامشُ ممكنٍ أتركه مفتوحا على احتمالاتٍ مثل «حدسك يتوهّم»… «قد يكون مختلفا»… «إعطِ نفسك فرصة».لكنني أمقت الاحتمالات.. لا يقين فيها.لا بدّ مع ذلك من أن أجتنب «التهوّر، والسبق إلى الحكم قبل النظر، وألا أُدخل في أحكامي إلّا ما يتمثّل أمام عقلي في جلاء»، فلأنتظر إذن عملا بنصيحتك يا ديكارت.المقهى مغمّ. شبه فارغ باستثناء طاولة مشغولة في الداخل. أستغرب. أهو التوقيت أو اليوم من الأسبوع أو أسعار الطعام الباهظة؟ التدفئة خفيفة في الجزء الخارجي المسقوف حيث أختار الجلوس. إنارة خافتة تخنق. أجول بنظري في المكان محاوِلة تشريح عقل مهندس ديكوره…
مرض نفسي! اضحوي الصعيب أصيب طبيب نفسي بمرض نفسي نتيجة لمعاناته الطويلة من سماع القصص المحزنة لمراجعيه، واصبح بحاجة ماسة لمن يعالجه، فقصد طبيباً نفسياً ليعرض عليه حالته. جلس امام الطبيب كما يجلس كل مريض متهيئاً لسرد الاعراض وهي كآبة كثيفة تتولاه بعد مغادرة المريض فيحاول التخلص منها باستقبال المريض الاخر مثلما يقوم طبيب الابدان بتعقيم يديه وادواته بين مريض ومريض. لكنه لا يشعر بالراحة التي يشعر بها طبيب الفسلجة حين يغادره مريض ويطل آخر، فالمريض الجديد بالنسبة لهذا الطبيب المريض همٌ آخر وضيق في الصدر وكآبة تنكأ الكآبة التي سبقتها ليحمل كآبتين.كان الطبيب المعالج مكبّاً يسجل المعلومات العامة لمريضه…
العبور….!مريم الشكيلية في الحقيقة إنني أحيانا أخرج من رتابة الورق والأحرف الكتابية التي أتسكع في شوارعها كلما أصبحت مؤثثة بالكلمات.. أجر نفسي من بين تلك السطور الضوئية التي تبدو في الغالب مزدحمة بكل شيء.. عندما أخرج إلى الواقع الحقيقي أعود تلك المرأة التي تكون أكثر هشاشة من الداخل، إنني أعود إلى أول السطر وإلى تراكمات الحياة والتفاصيل العالقة فيها. أتعجب من نفسي أحيان هل ممكن أن أكون امرأتين تتناوبان على الظهور؟!أقبع تحت الورق كأنثى ناسكة ترتل في محراب الأبجدية حرفاً حرفاً، وتحت ضوء الشمس تحفر الواقع بنصل حاد، وأترك توقيعي في نهاية كل عمل كأن الحياة لا تقبل إلا من…
رسائل من نافذة القطار…!مريم الشكيلية لم يكن لديّ الوقت لأن أفتح نوافذ عربة القطار من شدة الازدحام حولي.. لم أتمكن حتى من توديعك بتلويح يدي من النافذة.. ولكن كان كل جزء مني يودعك حتى تلك العبارات التي علقت فوق صدر كتاباتي كانت الآن وفي هذه اللحظة تتحرر من أسطري وتتطاير في الهواء كطائر حر.. هذه اللحظة ملايين الكلمات تهطل في داخلي كالسيل حتى إنني الآن أستطيع أن أكتب بعينيّ تفاصيل صغيرة كتلك الورقة التي سقطت من جيب أحدهم، دون أن يشعر كانكماش وجهك الذي تحاول عبثا أن تخفيه بقبعتك…هل يصلك هذا الهدير الكتابي الذي يعلو مع صفير القطار؟ هل يمكنك…
ساعة عصاري! هاني بكري يذهب إلى النيل، يهم بالجلوس على كرسي الكافتيريا البلاستيك فيتذكر أن وكالة ناسا هي من اخترعت هذا الكرسي بهذه الوضعية المريحة. شكرا ناسا، كتر خيرك. فرصة جيدة للراحة والتأمل، الساعة ساعة عصاري رائقة، والماء، والخضرة، والوجه الحسن، لأن الوقت لا يخلو، وإذا خلا الوقت لا يخلو البال، وإذا خلا كليهما، خلا الجيب. تقترب منه زوجته هامسة: ألا تقل لي كلاما حلُوا؟ لا، هذي ساعة صمت وتأمل. فتجيبه لا، المفروض أن لا تكف طوال جلستنا عن الكلام الحلو؟ بغض النظر عن طبيعة الكلام الحلو الذي لا يعرف كينونته، ولا مادته الخام، هل هو من نوعية أذكريني عند…
هيا لنرقص…! وفاء العمير ــ جفاف يندلع في روحي. قالت له، وهشيم أحسّه في كل مفاصلي. ليست شمس يوليو الحارقة هي السبب، أشعر كما لو كنتُ أرضا قاحلة، أو نهرا بلا مياه، ثمة عدد لا يحصى من الأشواك الحادة تخزني في أعماقي. والوقت مثل سلاسل حديدية صارمة، تطوقني في عنف وصمت، وتشتد حولي في سكون ووحشية. ـ لم أعد أرى ابتساماتك تضيء شفتيك. قال بقلق. ـ تسللتْ جميعها، الواحدة خلف الأخرى من فوق شفتي، حصل ذلك في غفلة مني، لم أعرف كيف بدأ الأمر، هجرنني في ذعر. تهدج صوتها، تهدده عاصفة من البكاء. حين لاحظ ذلك نهض من مقعده، شامخا…