في دمشق لا موسكو وبأيادي الجيش السوري
هيثم العايدي
” والواقع أن أقصى نجاح يستطيع حوار موسكو الوصول إليه سيكون التمهيد لحوار موسع في دمشق يرفع أي غطاء سياسي عن الإرهاب وتبقى مهمة الجيش التي تقتضي ضرورات الحفاظ على الدولة السورية أن يخوضها وحده دون مساعدة من جماعات مسلحة موجودة أو سيتم تشكيلها بدعوى المساعدة في مواجهة الإرهاب..”
ـــــــــــــــــــ
قبل أن تغرب شمس آخر أيام العام 2014 م واتجاه الأزمة السورية لطي عامها الرابع والبدء في الخامس تسارعت الخطوات لعقد حوار جديد بين الأطراف السورية على غرار نسختي جنيف لكنه هذه المرة في موسكو بعد اجتماعات معظمها خلف الأبواب المغلقة جرت في القاهرة ليبقى الحل النهائي للأزمة في دمشق وغالبا بأيادي الجيش السوري.
فقائمة الدعوات التي وجهتها موسكو لأطراف من معارضة الداخل والخارج تستثني بطبيعة الحال الإرهابيين الأمر الذي أثار حفيظة جماعة الإخوان في سوريا التي أصدرت بيانا أعلنت فيه الرفض المسبق لهذا الحوار.
وبالتوازي مع الاعداد للمبادرة الروسية التي تقول موسكو انها تنتهي عند وضع الأطراف السورية على طاولة الحوار شهدت القاهرة اضافة الى زيارة قام بها عماد الأسد ابن عم الرئيس بشار الأسد اجتماعات مكثفة بين معارضي الداخل والخارج تمخضت، فيما يبدو عن تصدر معارضي الداخل الممثلين بهيئة التنسيق الوطني السورية للمشهد ليبدو أنهم سيكون لهم الكلمة العليا في مواقف المعارضة وفي انتكاسة واضحة للائتلاف الذي ارتهن لأطراف خارجية كانت هي الداعم الأساسي للإرهاب في سوريا.
ووفقا لما تسرب من اجتماعات القاهرة فإن التفاهم بين معارضي الداخل والخارج ارتكن اضافة الى مطلب تشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات واسعة فان هذا التفاهم حرص على أن تكون السيادة الكاملة للدولة على أراضيها، وعلى حصرية الجيش والقوات المسلحة في حمل السلاح كما لم يتطرق هذا التفاهم الى مطلب تنحي الرئيس بشار الأسد عن السلطة الذي تمسك به (الائتلاف) في نسختي جنيف وما قبلها.
أما من جانب السلطات السورية فقد حددت هي الأخرى مواقفها الثابتة من الحوار الذي شددت على انه لن يتطرق الى مساومات على السيادة الوطنية أو الإرادة الشعبية وفق ما أكد وزير الاعلام عمران الزعبي الذي رحب ضمنيا بمعارضي الداخل مرجعا تصريحات هيئة التنسيق في بداية الأزمة والتي حاولت فيها تبرير سلوك مسلحي الجيش الحر “إلى قلة التجربة السياسية والارتباط بجهات خارجية”. في اشارة على ما يبدو الى استعداد السلطات السورية للانفتاح على المعارضة الداخلية.
والواقع أن أقصى المكاسب التي يمكن أن تحصل عليها المعارضة خاصة الخارجية من حوار موسكو كان الممكن أن ينالوها قبل عامين وتحديدا في يناير 2013 لو توفر لمتصدري المشهد أنذاك الحس الوطني والرغبة الحقيقية في الحل السياسي دون تعويلهم على الإرهاب كطريق يوصلهم الى السلطة.
ففي الـ6 من يناير 2013 طرح الرئيس بشار الأسد في خطاب القاه في قاعة الأوبرا في دمشق مبادرة تتكون من ثلاث مراحل تتضمن المرحلة الأولي التزام الدول المعنية بوقف تمويل وتسليح المسلحين ووقف المسلحين لكافة العمليات الإرهابية ما يتيح توفير الأجواء لعودة النازحين بعد ذلك. وفي نفس الوقف تحتفظ الدولة بحق الرد علي أي عمليات إرهابية. وفي هذه المرحلة أيضا يتم التوصل لآلية لضمان ضبط الحدود كما تبدأ الحكومة في الاتصال مع كافة الأطراف لإجراء مؤتمر للحوار الوطني. وفي المرحلة الثانية. تدعو الحكومة إلي مؤتمر حوار وطني شامل يتمسك بسيادة سوريا ورفض التدخل في شئونها ينتهي بوضع ميثاق وطني يعرض علي استفتاء شعبي ثم تشكيل حكومة موسعة تنفذ ما ورد في الحوار الوطني. أما المرحلة الثالثة فتنتهي بوضع دستور وانتخاب برلمان وإصدار عفو عام والعمل علي تأهيل البني التحتية.
في ذلك الوقت استبق معارضو الخارج هذه البادرة بإعلان رفض أي حوار مع السلطات السورية فيما لم يقبل عليها معارضو الداخل وتوالت أحداث خلال عامين كاملين استفحل فيهما خطر الإرهاب وتشكل تحالف أميركي لمحاربته دون احراز أي تقدم.
والواقع أن أقصى نجاح يستطيع حوار موسكو الوصول اليه سيكون التمهيد لحوار موسع في دمشق يرفع أي غطاء سياسي عن الإرهاب وتبقى مهمة الجيش التي تقتضي ضرورات الحفاظ على الدولة السورية أن يخوضها وحده دون مساعدة من جماعات مسلحة موجودة أو سيتم تشكيلها بدعوى المساعدة في مواجهة الإرهاب.. ربما يكون استهلال الأسد العام 2015 بزيارة القوات التي تخوض معركة جوبر فاتحة خير لتطهير هذا الحي الاستراتيجي المتاخم لدمشق.
05/01/2015