امريكا : الإسرائيلي يَقتل ولايُقتل!
علي محسن حميد
استشهد في ٢٦ يناير عشرة مدنيين ومقاومين فلسطينيين , بينهم سيدة في ال61 عاما من عمرها وجُرح أكثر من عشرين مدنيا فلسطينيا في مخيم جنين الذي يقطنه لاجئوا 1948 وذرياتهم، كما أصيب العشرات باختناقات في مستشفى المخيم الذي داهمه جيش الاحتلال واستخدم فيه الغازات الخانقة. وفي اليوم التالي أتى الرد الطبيعي على مجزرة جنين من قبل الشهيد خيري علقم إبن أبوه الذي استشهد عام 1998. نتج عن “علقم” خيري قتل 8 مستوطنين من مغتصبي الأرض ومنتهكي حقوق الإنسان في القدس العربية المحتلة في مستوطنة” النبي يعقوب” الذي لم يكن مستوطنا ومغتصبا لأرض الغير ولاقاتلا.ماقام به الشهيد علقم يندرج تحت مبدأ حق الدفاع عن النفس الذي مافتئت الإدارة الامريكية وعبيدهاالجدد من البيض في اوربا يرددونه لتبرير كل عدوان إسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة.
ردود الفعل على العمليتين:
تراوحت بين الصمت على الإجرام الإسرائيلي الذي أصبح معتادا ولا يسبب تكراره ألم الضمير لمن قد توسوس له نفسه بأن يستنكر أو يحذر ولو من باب ذر الرماد في العيون، لأنه لايملك الحرية ليدين إسرائيل التي تقمع كاستعمار استيطاني عنصري مقاومة واجبة وحتمية من حق كل شعب محتل القيام بها. هذه المقاومة مارستها امريكا ضد الاستعمار البريطاني واورباضد النازية والفاشية ولكنها اليوم تحرِّمها على الفلسطينيين.
الإدارة الامريكية عبرت كما عودتنا عن انحياز ذليل لإسرائيل ووعدت بتقديم العون لجيش وحكومة الاحتلال وهي التي عندما يُقتل الفلسطينيين لاتدين ولا تستنكر بل تطلب ضبط النفس لأنها لاتجرؤ على إدانة إسرائيل خوفا من ضياع الدعم المالي والسياسي اليهودي لكي يصبح هذا وذاك نائبا في الكونجرس أو رئيسا لامريكا.إن إسرائيل تركب على ظهرامريكا وتسوقها وهي مغمضة العينين نحو الانحدار الأخلاقي والعجز السياسي عندما يحين قول كلمة حق لأنها تحتلها احتلالا فعليا وليس مجازيا كما تحتل فلسطين . بعد مجزرة جنين لم تجرؤ واشنطن الصهيونية على إدانة هذه المجزرة كما فعلت بعد الهجوم على الكِنّيس وقد استشاط عقلها الصهيوني غضبا عندما أعلنت السلطة الوطنية الفلسطينية وقف التعاون الأمني مع الكيان الاستئصالي، الذي يتمنى كثيرون أن يكون قرارا نهائيا ولارجعة عنه، وطالبتها بالتراجع عن القرار الذي اعتبرته خاطئا من أساسه.واشنطن لم تقل في أي يوم أن الاحتلال هو سبب مايعانيه الفلسطينيون وأن الاحتلال يجب ان ينتهي. ولسنوات لم تعترض واشنطن أو تدين انتهاكات قطعان المستوطنين، وبينهم صهاينة امريكيين، للمسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي أواستخدام إسرائيل للغازات الخانقة في مستشفى مخيم جنين في انتهاك متكرر لاتفاقية جنيف الرابعة لعام ١٩٤٩ التي تنص على حماية المدنيين ورعاية مصالحهم وعدم الإضرار بها بأي وجه من الوجوه من قبل الدولة المحتلة. إن إسرائيل بموافقة ضمنية امريكية تعتبر إسرائيل نفسها صاحبة البيت في فلسطين لطول فترة احتلالها وبدلا من عقابها تكافئها امريكا وعبيدها البيض بالحماية والتبرير.
جنين ، المخيم ، واحد من مخيمات فلسطينيةلامثيل لها في التاريخ وهي التي تذكر العالم الغافل بالنكبة وعمرها 75 عاما ومخيم جنين كغيره من المخيمات في الضفة و غزة والأردن ولبنان وسوريا شاهدة على سياسة التطهير العرقي لدولة الاحتلال التي اتبعتها قبل تأسيس الكيان الغاصب ولاتزال مخلصة لها كلما سنحت لها الفرصة. إن تاريخ إسرائيل الدموي تاريخ مجازر وتوسع وتطهير عرقي لأنها كدولة حرب لاتستطيع البقاء ولملمة كيانها إلا في مناخ صراع مستمر مع الفلسطينيين ، لأن السلام سيصيبها في مقتل ولأن الصراع يوحد قواها التي تتشارك في دعم التوسع وإنكار حق الفلسطينيين في دولة مستقلة يستوي في ذلك المستعمِرين الجدد والقدامى والصابرا. إن على الإدارة الامريكية التي تذكرت فجأة مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة في الحرب الاوكرانية – الروسية والتي تصب بترولها على نارها أن تُذكِّر إسرائيل بهذه المبادئ وتطالبها بإنهاء احتلالها لفلسطين.
إن واشنطن تتجاهل هذه المبادئ عندما يتعلق الأمر بحقوق الشعب الفلسطيني وبنضاله من أجل الحرية والاستقلال الذي لايختلف عماقام به الامريكيون ضد الاحتلال البريطاني لامريكا. لقد فرح الفلسطينيون أيما فرح بما حدث في المعبد اليهودي وزغردت النساء ووزع الرجال والنساء الزهور والحلويات في الشوارع ، ولا شك أن فرحتهم لها مايبررها لأنهم يعيشون تحت احتلال وحشي يقمعهم ليل نهار ويفرض على المقدسيين ضرائب باهضة ويتعمد مستعمِريه البيض في القدس المحتلة مضايقة المقدسيين برمي القمامة إلى أفنية منازلهم أو وضعها أمام أبوابها ورمي الحجارة إلى نوافذها لكي تسوء أحوالهم المعيشية والأمنية ويتركون وطنهم لمستعمِرين بيض جدد. هذه الفرحة تجعلنا نتجاهل أولئك الذين خيبوا ظنونا بهم عندما استنكروا وأدانوا مقاومة مشروعة وتماهوا مع الموقف الامريكي والغربي المعادي لحق الشعب الفلسطيني في المقاومة وتقرير مصيره. إن العرب يشاركون الفلسطينيين فرحتهم ويباركون مقاومتهم وهذا خير رد على من أدان مقاومتهم وعلى من يقف على هامش التاريخ.
2023-01-29
تعليق واحد
الا متى سيبقى دم الفلسطيني رخيصا؟