هل يدرك الفلسطينيون أهمية عامل الوقت!

هاني عرفات
لم يعد خافياً على أحد ، أن هناك من كان يمنّي النفس ، بأن ترفع المقاومة في غزة الراية البيضاء ، استسلاماً لهولاكو العصر.
الارهابي سموطريتش قالها قبل أيام : المعتدلون ( يقصد العرب) يطالبوننا في الغرف المغلقة باستكمال المهمة ، والقضاء على حماس قضاءً مبرما.
و بينما يمضي السياسيون هذه الايام ، في نقاشهم النظري حول توصيف الحالة ، فيما إذا كانت هزيمة أم نصر ، وفي كيفية اختيار الشكل النضالي الفلسطيني الأنسب.
في هذا الوقت ، يستعد نتنياهو للقاء الرئيس الأميركي في واشنطن ، لاستكمال المخطط.
في هذه الزيارة ، سوف يتم وضع برنامج متكامل ، قائم على رؤية استراتيجية للإقليم ، يتفق مع رؤية اليمين الاميركي والاسرائيلي للمنطقة، و إذا كان هناك أمر متفق عليه بينهما، فإنه يتمثل في ضرورة انتهاز فرصة الوضع الكارثي في غزة ، و تراجع دور محور الممانعة في المنطقة ، و الضياع الذي يعيشه النظام الرسمي العربي ، لتصفية القضية الفلسطينية ، واستكمال مخطط إحكام السيطرة على المنطقة.
من شروط هذه الخطة ، إنهاء حكم حماس لقطاع غزة سلماً أو حرباً ، و استكمال إجراءات الترانسفير بخشونة أو بنعومة.
من يعول على تصريحات طرامب ، أنه ملتزم بالإفراج عن كل المحتجزين في غزة ، و أنه يريد وقف الحروب واهم ، حينما يلتقي نتنياهو مع طرامب ، فإن نتنياهو سوف يكون مزوداً بسلاح يصعب على طرامب مقاومته ، هذا السلاح هو أعضاء الادارة من صقور المسيحية الصهيونية ، و هم أكثر تطرفاً من نتنياهو نفسه.
و سوف يستعين نتنياهو أيضاً بموقف سموطريتش، الذي يهدد بإسقاط الحكومة ، حال عدم استئناف الحرب ، بعد انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاقية، و سوف يحصل نتنياهو على سلة هدايا أميركية ، لرشوة سموطريتش ، تتضمن اعترافاً بالمستوطنات ، و السماح لإسرائيل بضم مناطق سي في الضفة كمرحلة أولى.
سموطريتش و نتنياهو فقط يعلمان أن تهديد الاول بإسقاط الحكومة ، لا يتعدى كونه مسرحية هما بطلاها ، و كلاهما يعلم أن سقوط الحكومة يعني سقوط اليمين الإسرائيلي في الانتخابات القادمة ، و كلاهما يفضل الموت على سقوط الحكومة.
كل ما في الأمر أن هذه المسرحية ، غرضها دعائي داخلي لجمهور ناخبي سموطريتش من المستوطنين أولاً ، و الحصول على مزيد من الهدايا المجانية من إدارة طرامب كما أسلفنا ثانياً .
لكن ما الذي يجري على الطرف الآخر من المعادلة؟
لا يبدو أن أحداً يريد أن يرى خطورة ما يجري الإعداد له من الأطراف الفلسطينية ، ولا يقدرون عامل الوقت ، أو أنهم يراهنون على حدوث معجزة ما لوقف هذا المخطط.
ليس من الضروري بالمناسبة ، أن تعود الحرب على غزة من حيث توقفت ، قد يستمر القتل والدمار بالقصف براً و بحراً و جواً و عن بعد و بأقل الخسائر من الطرف الإسرائيلي. و ليس بالضرورة أن يتم التهجير بطريقة خشنة و سريعة ، بل ربما بطريقة بطيئة و ناعمة ، من خلال الاستمرار في جعل بيئة غزة غير قابلة للحياة ، باستمرار الحصار الخانق ، و ربما فتح مكاتب تسفير للخارج تحت مسميات مختلفة.
أعتقد أن حماس تدرك أكثر من غيرها كل ذلك ، و الدليل قبولها بالتخلي عن حكم غزة و لو جزئياً ، من خلال اتفاق وطني شامل ، فيما لم تحرك السلطة الفلسطينية حتى هذه اللحظة ساكناً. في هذه المرحلة بالذات ، التوافق فيه نجاة للجميع ، والفرقة هلاك ، بعد أن تنقشع هذه السحابة السوداء ، هناك متسع من الوقت للمحاسبة.
عدم الوصول إلى اتفاق فلسطيني فلسطيني قبل انتهاء المرحلة الاولى، يعني ترك غزة لتواجه مصيرها ، و يعني في نفس الوقت و تلقائياً ضياع الضفة و القدس أيضاً ، لأن نجاح المشروع الصهيوني في غزة ، يعني نهاية المشروع الوطني الفلسطيني في كل فلسطين والعكس صحيح.
2025-03-09