هل قرأ الأميركي النهاية في عيون تل أبيب؟
بقلم : نضال بن مصبـاح
لم يُولد الذعر في هذه الليلة.
هو قديم…
قديم في الغرف المحصنة،
قديم في وجوه القادة حين يتكلمون كثيرًا ولا يقولون شيئًا.
كان يُخزَّن في بطاريات “حيتس”، ويُخفى خلف الابتسامات الخشبية وهم يكرّرون نشيدهم عن التفوّق.
لكن السماء لا تُجامل،
والردع لا يرحم المُتعَب،
والقبة الحديدية لا تصلّي.
لهذا، حين بدأ المشهد بالتشقق، خرجت الطائرات الأمريكية من سباتها في الغرب، واتجهت نحو الشرق الذي لا ينام.
طائرات B2 تحلّق، والهواء من حولها مشبعٌ برائحة الحرب.
ليست مناورات… بل ردّ فعل على ارتباكٍ وقع لا على الأطراف، بل في القلب.
في تل أبيب…
وفي الكرياه، حيث تُتخذ القرارات حين يتعطّل الردع وتصبح الصواريخ تسبق المؤتمرات الصحفية.
“السهم الثالث”، درّة التاج في منظومة الدفاع الإسرائيلية، لم يعد يُستخدم حيث يُقصف الناس، بل حيث يُخزن السلاح.
لم يعد سيفًا لحماية المدن، بل مظلّة صغيرة فوق رؤوس من لا يحتملون الخسارة.
حيفا؟ بئر السبع؟ حولون؟
ليحترق السكان… الدفاع الجوي ليس لهم هذه المرة.
الاعتراف لم يأتِ بصوت وزير، بل بصمت “الاعتراض”.
الصواريخ تمرّ،
والأهداف تُضرب،
والمنازل تهوي
الأسطورة تتآكل…
ليس أمام الكاميرات،
بل في نظرة الطفل الذي يسأل: “أين ذهبت القبة؟”
كلما طالت الحرب، قصُر نفس إسرائيل.
وكلما فاض الصمت، انكشفت الأصوات التي كانت تصرخ بالنصر… واختفت.
لم يكن بيان صنعاء استعراضًا لغويًا.
حين أعلنت القوات المسلحة اليمنية استعدادها لاستهداف السفن والبوارج الأمريكية في البحر الأحمر، لم تكن تناور… بل رصدت، وقرّرت، وانتظرت الإشارة.
اليمن، كما طهران، لا يُطلق تهديدًا إلا إذا لمح الحركة على الأرض.
وها هي الأرض تتحرك.
لكن المدهش ليس فقط في ما يُطلق، بل في ما لا يُعترض.
في الصمت المُرّ داخل منظومات كلفت المليارات، وهي تراقب السقوط وتظل ساكنة.
في طهران، وفي صعدة، وفي الضاحية… تُرسم الخطط من جديد.
ليس لأنهم أقوى… بل لأن تل أبيب أضعف مما تخيّلوا.
ولأنّ أمريكا، مهما صرّحت، لا تستطيع أن تحارب بدلاً من كيانها إلى الأبد.
وهكذا… لم تعد الحرب مسألة وقت، بل مسألة أعصاب.
الصواريخ التي خرجت من إيران لم تسقط فقط على القواعد،
بل سقطت على الثقة.
على تلك المسافة المجهولة بين الزرّ والمنصة،
بين الرادار والتحرّك،
بين القرار… والخوف من القرار.
وكلّما مرّت ضربة دون اعتراض،
تآكلت فكرة “الردع”،
تمدّد ظلّ محور المقاومة في البحر،
في السماء،
في النشرات،
في الأحلام.
أما الذين يُراقبون من صنعاء…
فهم لا يستعجلون النار،
لا يصفقون،
لا يضحكون،
لكنهم يعرفون تمامًا
متى… وأين… وكيف
يكون الطلق الأخير.
2025-06-22
