لنحتفي بسميح القاسم شاعر قصيدة الاشتباك!
(في الذكرى الثامنة لرحيله) نصار إبراهيم
“البَشَرة: قمحى
القدّ: رُمحى
الشَّعر: أخشَنْ م الدِّريس
لون العيون: أسود غِطيس
الأنف: نافر كالحُصان
الفم : ثابت فى المكان” (أحمد فؤاد نجم)
***
ولد سميح القاسم في مدينة الزرقاء بالاردن في 11 أيار 1939 لعائلة فلسطينية من قرية الرامة الجليلية، درس المرحلة الابتدائية في مدرسة اللاتين في الرامة (1945 – 1953)، ثم درس في كلية تيرسانطا في الناصرة (1953 – 1955)، ثم نال الثانوية في سنة 1957، ليسافر من بعدها إلى الاتحاد السوفياتي لدراسة الفلسفة والاقتصاد واللغة الروسية.
يقال أن والد سميح القاسم كان ضابطاً في قوّة حدود شرق الأردن، وفي إحدى رحلات العودة إلى فلسطين في القطار خلال الحرب العالمية الثانية ونظام التعتيم، بكى الطفل سميح فذُعر الركَّاب وخافوا أن تهتدي إليهم الطائرات الألمانية. وبلغَ بهم الذعر درجة التهديد بقتل الطفل إلى أن اضطر الوالد إلى إشهار سلاحه في وجوههم لردعهم، وحين رُوِيَت الحكاية لسميح القاسم فيما بعد، قال: “حسناً… لقد حاولوا إخراسي منذ الطفولة سأريهم سأتكلّم متى أشاء وفي أيّ وقت وبأعلى صَوت، لن يقوى أحد على إسكاتي”.
قال عنه الكاتب سهيل كيوان هو “هوميروس من الصحراء”، أما الشاعرة والباحثة الدكتورة رقية زيدان فوصفته ب”قيثارة فلسطين” و “متنبي فلسطين” وهو “شاعر العرب الأكبر” كما يقول الشاعر والناقد المتوكل طه. أما الكاتب محمد علي طه فيرى أنه “شاعر العروبة بلا منازع وبلا نقاش وبلا جدل”.
فيما يصفه لطفي بولعابة ب”الشاعر القديس”، وهو “سيّد الأبجدية” وفق الكاتب عبد المجيد دقنيش.
أما الكاتب والناقد الدكتور نبيه القاسم فيقول إن سميح القاسم هو “الشاعر المبدع، المتجدّد دائماً والمتطوّر أبداً”، فيما الكاتب الطيّب شلبي يرى أن سميح القاسم “الرجل المتفوّق في قوة مخيلته والتي يصعب أن نجد مثلها لدى شعراء آخرين”.
واعتبرت الشاعرة والكاتبة آمال موسى سميح القاسم “مغني الربابة وشاعر الشمس، ويمتلك هذه العمارة وهذه القوة التي تسمح له بأن يكون البطل الدائم في عالمه الشعري”. وهو “شاعر المقاومة الفلسطينية” و”شاعر القومية العربية” و”الشاعر العملاق” كما يراهُ الناقد اللبناني محمد دكروب، وهو “شاعر الغضب الثوري” على حد تعبير الناقد المصري رجاء النقاش، و”شاعر الملاحم”، و”شاعر المواقف الدرامية” و”شاعر الصراع” كما يقول الدكتور عبد الرحمن ياغي، وهو “مارد سُجنَ في قمقم” كما يقول الدكتور ميشال سليمان، وشاعر “البناء الأوركسترالي للقصيدة” على حد تعبير شوقي خميس.
نعم إن شاعرنا الكبير سميح القاسم استحقَّ وبكل جدارة كل هذه الأقاب والسمات.
أما أنا فأرى أن سميح القاسم هو شاعر فلسطين الكبير الأليف الحميم المتواضع القريب للقلب والروح في شخصه وسلوكه فتجاوز زواريب الوعي الضيقة ليكون بمستوى فلسطين وهوية شعب فلسطين، إنه الشاعر الحاسم الذي كان له دور عميق في تأسيس وعي المقاومة في الوجدان والذاكرة الفلسطينية والعربية، هو سميح القاسم شاعر قصيدة الاشتباك، المندفع نحو فكرته كرصاصة:
“تقدَموا… تقدموا
كل سماءٍ فوقكم جهنَّم
وكل أرضٍ تحتكم جهنَّم
تقدموا
يموت منا الطفل والشيخ… ولا يستسلمُ
وتسقط الأمُّ على ابنائها القتلى… ولا تستسلمُ
تقدموا… تقدموا
بناقلاتِ جندكم… وراجماتِ حقدكم
وهدِّدوا وشرَدوا ويتِّموا وهدِّموا
لن تكسروا أعماقنا.. لن تهزموا أشواقنا
نحن القضاءُ المبرم
تقدموا.. تقدموا
طريقكم ورائكم… وغدُكم ورائكم
وبحرُكم ورائَكم.. وبرُّكم ورائكم
ولم يزل أمامنا طريقنا
وغدنا.. وبرّنا.. وبحرنا.. وخيرنا.. وشرُّنا
تقدّموا.. تقدّموا
كل سماءٍ فوقكم جهنّم
وكل أرضٍ تحتكم جهنّم”.
لروح سميح القاسم المجد والخلود.
وضاح سميح القاسم حسين