دلالات وأسباب فوز زهران وأطول إغلاق حكومي وخطاب عودة الإستعمار!
مصطفى السعيد
جاء فوز زهران ممداني بمنصب عمدة نيويورك في سياق الغضب الشعبي المتزايد من الأزمة الإقتصادية والسياسية الأمريكية المستفحلة، وعجز النخب القديمة المخادعة عن فعل شيء ملموس نحو حل الأزمات، وإلقاء اللوم على المهاجرين “أضعف الشرائح الإجتماعية”، وطرح شعارات عنصرية، وفشل سياسات ترامب الرأسمالية القومية المتطرفة، التي بلغت حد العودة إلى الحروب الإستعمارية القديمة، واحتلال الدول الضعيفة ونهب ثرواتها. فوز زهراني تتويج لتراجع الثقة في النخبة السياسية الأمريكية، واتساع الفوارق الطبقية بين حفنة من كبار المليارديرات وطبقات شعبية يلهبها ارتفاع أسعار السلع والإيجارات والطاقة وغيرها .. فاز زهراني في نيويورك التي يسكنها أثرى الأثرياء، لكن يسكنها أيضا أغلبية من الملونين، من اللاتين والأفارقة والآسيويين يشكلون نحو 60% من السكان، معظمهم من ذوي الدخول المحدودة .. مدينة التناقضات الطبقية والعرقية. جاء زهراني من أقصى يسار الحزب الديمقراطي اليميني الليبرالي، في مؤشر على أن الحزب يعاني من تباعد أجنحته، فهو أكثر راديكالية من بوبي ساندرز، ولا يخفي ميوله الإشتراكية نوعا، في بلد تسيطر عليه أشد الرأسماليات بأسا وبغضا لأي درجة من الإشتراكية، حتى لو كانت إصلاحية. الحزبان المتداولان للحكم الرأسمالي بجناحيه الليبرالي والمحافظ يتفسخان، وهذا هو أهم مؤشرات فوز زهران ممداني، وهو بمثابة إنتفاضة للمهاجرين الذين يستمعون إلى شعارات معادية تنذر بالخطر، وهو شاب جريئ لا يخجل من أصوله الأفريقية الآسيوية، ولا من ديانته، ويطرح برنامجا عقلانيا، يشعر الطبقات الدنيا بالأمل في التغيير، أو على الأقل وقف الجموح الرأسمالي العنصري. وكان للإغلاق الحكومي الذي يعطل الكثير من الخدمات، ويمنع صرف رواتب الموظفين الفيدراليين، ويعكس حجم الأزمة السياسية دور مهم في فوز زهران، فالنخبة السياسية الحاكمة يثبت فشلها وعجزها وتسقط أكاذيبها وزيف شعاراتها المخادعة. فلن تنجو أمريكا من أزماتها الإقتصادية بمعاداة المهاجرين والخطاب العنصري ولا بالدعوة إلى إحتلال بلدان ولا بالوعود إلى أمجاد نتيت على النهب بأشكاله، من إبادة السكان الأصليين إلى العبودية ثم استثمار الحروب والفتن، وفوز زهراني بأصوات ملونين وعمال وبعض من أصحاب الضمائر من البيض واليهود يمكن أن يصبح حركة أوسع وأشمل، تتخطى نيويورك إلى باقي المدن والولايات، لتنهي تلك الحقبة التي تنذر بانهيارات مرعبة وحروب أكثر رعبا.
2025-11-06