الانتخابات العراقية… 3!
اضحوي جفال محمد*
العملية الانتخابية هي الجزء الشكلي من الديمقراطية، أما الجانب الجوهري منها، اي الهدف المنشود من اجرائها فهو أن يحكم الشعب نفسه بنفسه، وهو الترجمة العربية لعبارة ديموكراسي الإغريقيّة. في مرحلة (دول المدينة) عند الإغريق كان الشعب قادراً على الاجتماع في ساحات محددة فيتداول شؤونه ويتخذ القرارات. ذاك هو نظام الديمقراطية المباشرة الذي زال منذ ازمنة بعيدة ولم يبق لدينا منه سوى بعض المظاهر كالاستفتاء والاعتراض العام وحتى التظاهر.
حين توسعت الدول ولم يعد ممكناً جمع الشعوب في مكان واحد ظهر نظام التمثيل حيث يختار الناس شخصاً يمثلهم في محافل اتخاذ القرار، وهو ما يعرف بالديمقراطية النيابية السائدة الان. وباعتقادي ان الديمقراطية المباشرة ستعود من جديد عبر تطور وسائل التواصل الالكترونية وهي ما تعرف بالديمقراطية الرقمية.
الجانب الشكلي من الديمقراطية موجود الان عندنا بشكل جيد، لكنه لا يؤدي إلى تحكيم الارادة الشعبية في ادارة البلاد. والسبب ان البرلمان المنتخب ديمقراطياً فشل حتى الان في امتلاك آلية العمل البرلماني البديهية، وهي أن ينقسم إلى حكومة ومعارضة. بدون المعارضة تفقد المؤسسة النيابية أهم أركانها وهو ان يكون امام الناخب خياران مختلفان فيصوت لأحدهما على أساس المبدأ وليس على اساس الاشخاص. بدون معارضة يصبح البرلمان كالمحكمة من غير محامين ودفاع. هذا التشويه حصل بفعل مؤثرات عديدة لا مجال لاستعراضها الان، وقد شرحناها باستفاضة في كتابنا (في العراق الاستوائي) الذي سأضعه لكم على التلغرام غداً ان شاء الله. ومن يريد الاستزادة من هذا الموضوع يجده في الفصل الثالث من الكتاب والخاص بـ (الديمقراطية والانتخابات).
النتيجة البائسة عندنا ان الجميع باتوا مشاركين في الحكومة، إلى حد ان السياسيين توافقوا في حكومة المالكي الثانية على منح منصب وزير لكل خمسة نواب.. وهكذا ارتفع عدد الوزراء إلى 42 وزيراً بالإضافة إلى اربعة نواب للرئيس لا عمل لهم سوى جني الامتيازات الهائلة. وطبعاً يمارس الجميع بالإضافة إلى عملهم التنفيذي يمارسون ايضاً دور المعارضة من خلال توزعهم على التلفزيونات لانتقاد الوضع والفساد وسوء الخدمات.
___ يتبع
( اضحوي _ 2272 )
2025-11-06