أنثى غير عابره..!
حيدر عبد الرحمن الربيعي
كما اعتادت تتحدث في يومياتها عن حراكها الذاتي المتأتي من تركيبتها المتمردة على محيطها سلوكا وفكرا .. اطارا لم يألفه هذا المحيط والخليط الغير متجانس بجهله وسلوكه الفكري المعتمد على التقليد لمن هم ارفع واعلى واكثر غربة عن دم هذا البلد الناضح . سجاياها متناثرة دائرة بين ان تكون او لا تكون .. تفرض ارادتها او لا تفرضها في صراعات يومية في معادلة غير متعادلة بين اشباه الذكور واكثر النساء انوثة .. قلبت كفيها متأملة في التجاعيد التي بدأت تبرز متخذه طرق وعرة على كفيها البيضاويين وتارة اخرى تطرق النظر في خطوط يدها الداخلية متأملة مبتسمة وهي ترى بقراءتها مستقبلا واملا للخلاص متذكرة كلام جدتها عندما كانت متهافتة بشباب نقي وهي تقرا لها طالع كفها مخبرة اياها عن احلام كانت بعمر الشباب .. طالع كفها الممتزج بأحلام مستقبلية تبث فيها روح الامل قي زيجة وعائلة وحياة مبتسمة .. ولم تكن تعلم بان الابتسامة المرتسمة على شفتيها الظمئانتين تنم عن سعادة وقتية ليس الا .. حكمتها فيما بعد اسوار العشيرة والاقتران التقليدي بابن العم المنهمك بحروب التحرير والردع المتعاقبة في قافية سار عليها معظم ابناء ذلك الجيل .
الاقتتال الداخلي الذي كان يلامس ثنايا قلبها وروحها في كثير من الاحيان كان يرجح كفة الرذيلة التي كانت تتقنها مخيلتها بأناقة .. ومتعة المزاولة الذاتية والتلذذ المبدد مع اول إغفاءة لها تعتبرها طوق النجاة من صراعها المتواتر .
جسدها اللؤلؤي المندثر تحت سواد قاتم كعادة عند وفاة احد الاقارب يكاد ينطفئ بين ثنايا المثلث الملتهب كل شواردها الذهنية وهي ترتقبه .. ذلك الفتى السومري .. الاغريقي .. الممتزج بفحولة ابن البادية ودماثة ابن المدينة والغجري المتحرر والمتمرد على كل القيود .. كانت ترتقب مروره اليومي مع دقات الساعة الخامسة عصرا وكأن عقارب الساعة الجدارية الموروثة من جدها والمتوسطة لغرفة استقبال الضيوف كأن هذه العقارب تمتزج تكتكتها مع وقع اقدامه وهي ترقبه من الشباك ذا الستارة المتهرئة وهو مار بخطوات ثابتة من امام منزلها متجها الى الملتقى اليومي في مقهى المدينة الذي كان يغج بمثقفيها في تلك الحقبة من عمر العراق ومنها انطلقت الشرارة الاولى لأفكار وايديولوجيات وثقافات كونت نسيجا جميلا وملهما لمن وضع في خانة المبدعين في سنوات لاحقة . تلك المدينة التي غيرت ثوبها كالحرباء تارة محبة وتارة معطاء وتارة تلفظ ابنائها بعدما لقحها الزحف البدوي من هنا وهناك كالغانية في زمانها تميل مع كل ناعق مرتمية في احضان من يدفع اكثر .
وبدأت تستمع في داخلها وكان همسا يداعب اذنيها .. لا .. لا .. لا .. الى ان سمعت صوت اقدام متثاقلة تتجه نحو غرفة الاستقبال التي كانت تحتضن شباكها ترقب اطلالته كما اسلفت مخيلتها .. واذا بجدتها تدخل على اعقاب صوت قدميها غير مكترثة لما في داخل لمياء .. مع من تتحدثين ؟؟ لمن تقولين لا لا؟؟ اجابتها مرتجفة نعم جدتي لا جدتي وتلعثمت واغتصت الشهوة في اوجها .. وتلعثمت وسحبت يدها اليسرى من على صدرها بعد إغفاءتها عليه وهي ترقبه يمر امامها . نعم جدتي لست احدث احد .. انه صوت الجيران .. حسنا اذهبي لتكملي غسيل الملابس .
2022-07-20