يقلق واشنطن.. لماذا طلبت أميركا من إسرائيل تأجيل الهجوم البري على غزة؟
منذ بدء معركة “طوفان الأقصى” بين قطاع غزة وإسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، يهدد قادة الاحتلال بأن الاجتياح البري للقطاع بات وشيكا، لكن الواقع يشي بأن هذا التوغل يؤجَّل المرة تلو المرة.
وتحدثت وسائل إعلام أميركية وعبرية بعد أيام من اندلاع المعركة عن طلب الولايات المتحدة من إسرائيل تأجيل التوغل البري في غزة.
لكن الرئيس الأميركي جو بايدن قال في 25 أكتوبر إنه لم يطلب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تأجيل الهجوم البري على غزة و”ما طلبته هو إخراج الرهائن بأمان”.
وقال نتنياهو في مؤتمر له خلال نفس اليوم إنه “جرى تحديد موعد الهجوم البري على قطاع غزة لكننا لن نعلن عنه”.
وأسرت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس نحو 200-250 أسيرا لدى هجومها على مستوطنات غلاف غزة بينهم جنسيات أجنبية.
وقد نشرت صحيفة “آفتاب نيوز” الإيرانية تقريرا تناقش فيه أسباب هذا التأجيل المتكرر للتوغل البري ودوافعه.
سببان رئيسان
حددت الصحيفة أن السببين الرئيسين الداعيين للتشكك حول خيارات وأشكال هذا الهجوم البري يكمنان في التساؤلات المطروحة حول فرص نجاحه، وكذلك القيود التي فرضتها إدارة جو بايدن على إسرائيل.
ووفقا لما أوردته الصحيفة عن عاموس هرئيل، محلل الشؤون العسكرية في صحيفة “هآرتس” العبرية، فإن الخلافات حول الهجوم بين المستويين السياسي والعسكري في تل أبيب “لم يحل بعد”.
كذلك رجح هرئيل بأن الهجوم سيكون “عنيفا”، مؤكدا أن جيش الاحتلال الإسرائيلي “مصمم على تنفيذه إلى أبعد حد”.
وأفادت الصحيفة بأن جيش الاحتلال سيسعى خلال هذا الهجوم إلى تهجير مزيد من الفلسطينيين من شمال قطاع غزة.
ولفتت إلى أن تهديدات القادة السياسيين والعسكريين بتدمير القوة العسكرية لحركة حماس زادت من توقعات الرأي العام الإسرائيلي.
وهو ما جعل المسؤولين الإسرائيليين يؤكدون أن الحرب في غزة ستطول، حيث لا يوجد أي حديث حتى الآن عن تهدئة.
ووفقا لمحلل الشؤون العسكرية الإسرائيلي، فإن درجة من الشك تنتاب القيادة السياسية الإسرائيلية فيما يتعلق بخيارات وأشكال هذا الهجوم.
كما أن تصاعد التوترات على الحدود الشمالية مع حزب الله اللبناني وغيره من الفصائل الفلسطينية، يعد بمثابة “ترخيص لنتنياهو لتأخير الهجوم البري، بينما تحاول إسرائيل تجنب مواجهة عسكرية مباشرة مع الحزب، بحسب هرئيل.
قيود بايدن
وفيما يتعلق بالقيود التي تفرضها الولايات المتحدة على إسرائيل، تنقل الصحيفة عن مصادر إسرائيلية بأنه بالرغم من دعم بايدن لتدمير حركة حماس وتقويض قوتها في قطاع غزة، فإنه وضع في ذات الوقت قيدين أساسيين فيما يتعلق بعملية الاجتياح البري.
وأوضحت أن هذين البندين هما: التزام تل أبيب بالقوانين الدولية، وعدم احتلال قطاع غزة الذي انسحبت منه عام 2005.
وفي ذات الوقت، لفتت الصحيفة إلى أن الإدارة الأميركية تشعر بالقلق من الإضرار بمصالحها الإستراتيجية في المنطقة، انعكاسا للحملة البرية على القطاع.
كذلك أشارت لما حذر منه محللون أميركيون بارزون، حيث إن الهجوم البري الإسرائيلي على قطاع غزة قد يمثل تهديدا للدول القريبة من الولايات المتحدة؛ والتي أسس للعلاقات معها وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر،، بعد حرب أكتوبر 1973.
هذا إلى جانب أن العملية ذاتها ستتسبب في مقتل عدد كبير من المدنيين الفلسطينيين، وهو ما سيصعد من الضغوط الدولية على قيادة الاحتلال الإسرائيلي لوقف الحرب.
وعلى صعيد آخر، يهدف جيش الاحتلال -وفقا لمحلل الشؤون العسكرية الإسرائيلي- إلى استغلال الحرب في قطاع غزة لاستعادة موقعه في النظام الإقليمي.
كما يريد إقناع الدول العربية بالمشاركة في اتفاقات أبراهام التطبيعية وبأن إسرائيل لا تزال قوية، لكي تحافظ على تحالفها مع تل أبيب.
استعداد أفضل
وحسب “آفتاب نيوز” الإيرانية، طلبت الولايات المتحدة من إسرائيل تأجيل عملية الاجتياح البري لقطاع غزة.
وحول السبب، ذكرت وكالة أنباء العمل الإيرانية (إيلنا)، بأن الأمر يعود إلى الاستعداد بشكل أفضل لهجمات محتملة على المصالح الأميركية في المنطقة.
وتوقعت بعض المصادر أن تتصاعد الهجمات على القوات الأميركية إذا ما قررت إسرائيل اجتياح قطاع غزة بريا.
وتزعم واشنطن أن مصدر هذه الهجمات ستكون مجموعات إقليمية مدعومة من إيران، حسب الصحيفة.
وبالفعل حدثت عدة هجمات متفرقة على القوات الأميركية في عدة قواعد عسكرية في العراق وسوريا.
لكن يبدو أن هناك سببا آخر دفع الإدارة الأميركية إلى طلب التأجيل، وهو أنها تهدف إلى “كسب مزيد من الوقت للتفاوض على إطلاق سراح الرهائن المحتجزين” لدى فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة، وإرسال مساعدات إنسانية للمتضررين في القطاع.
وإضافة إلى ذلك، يرجح خبراء عسكريون أن يكون التوغل البري كارثيا على إسرائيل بسبب انتشار أنفاق المقاومة الفلسطينية تحت الأرض.
ومن المعروف أن هذه الفرق كانت تعد الخطط ضد قطاع غزة على مدار السنوات الماضية، لكنها لم تعد موجودة اليوم.
وتحدثت وسائل إعلام عبرية عن أن جميع تلك الخطط أصبحت في يد كتائب القسام بعد أن اجتاحت مقرات تلك الفرقة لدى هجومها، وهو ما يستدعي وضع خطط جديدة مختلفة كليا.
2023-10-28