يتيم أصبح عظيماً..!
إنتصار الماهود
توقف….
أنت الآن أمام أعظم شخصية ستقرأ عنها في كتب التأريخ، مدرسة عظيمة من الإنسانية والخلق الرفيع أنقذت البشرية وأخرجتهم من الظلمات إلى النور.
ولد محمد بن عبدالله بن عبد المطلب في مكة المكرمة من قبيلة قريش، تربى وعاش يتيما في كنف جده ورعايته، وبعدها رعاه ورباه وعلمه عمه أبو طالب وهم سادة قريش وأشرافها، ساعدت تنشئته المتوازنة بأن تبني له شخصية متميزة فريدة لعبت دوراً محورياً في التأريخ.
نشأ محمد صلى الله عليه وآله وسلم في مجتمع مكة، وهو مجتمع يحكم فيه المال والنسب والقوة بدلا من العدل والمساواة، عالم يأكل القوي فيه الضعيف وتغير القبائل بعضها على بعض طلبا للقوة والسلطان، أحلاف تعقد قائمة على مصالح وغايات باطلة، في عهدهم كانت النساء مجرد أدوات للمتعة والمتاجرة بهن، وإرتبطن دوما بالعار فكان من حق الأب أن يدفن إبنته فقط لأنه لا يريدها، يتعاملون معهن معاملة أقرب للرِق والعبودية.
مجتمع فاسد يحتاج الى ثورة إصلاحية جذرية لن تتم على يد أي شخص كان، ولن يكون الطريق سهلاً أبدا على من يتولى مسؤولية التغيير، ولأن الله رؤف بعباده حباهم بسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ليأخذ على عاتقه هذا الدور العظيم.
لقد إمتاز النبي الأكرم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله بصفات أخلاقية، لن تجد لها نظيرا بالطبع فالنبوة تكليف رباني عظيم وليس هنالك أفضل من الصادق الأمين، ليكون أهلا لها، هو الذي إمتاز بالحياء والعفة والكرم والشجاعة والحِلْم وحسن الخلق ودماثته، مسقيم منذ ولادته وحتى مماته.
لم يكن العرب مفرغي بالطبع من الصفات الجيدة تماما فقد إمتازوا بخصال كالكرم والشجاعة والفصاحة وحسن الضيافة ولكنها ليست كافية لبناء مجتمع إنساني سليم يحمل رسالة عظيمة وما قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق إلا دليل على كلامنا، وهو دليل على أن هنالك من العناصر والأسس التي تساعده على بناء مشروعه النهضوي الإنساني السماوي ووجود الأرض الخصبة التي ستساعد بذور الإسلام لتنمو فيها.
إن مجتمع قريش تغلب عليه طابع القسوة والبداوة والجِلْفة ليس من اليسير إخضاعه للتغيرات السماوية التي أرادها الله له، لقد كانت دعوة حبيب الله صلى الله عليه وآله وسلم ثورة على واقع العبودية والظلم، التي مارستها القبائل في مكة المكرمة والجزيرة بشكل عام، جاء لأن المجتمع كان بحاجة ماسة لنظام عادل يلغي الطبقية التي كانت قائمة، ويحسن معاملة النساء اللاتي أكرمهن الإسلام وأخرجهن من إطار العبودية والمتجارة بهن، الى إطار حفظ الإنسانية والكرامة والحقوق، وخير مثل على ذلك معاملة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم لإبنته مولاتي فاطمة الزهراء عليها السلام التي كان يلقبها بأم أبيها لعظيم منزلتها في قلبه وروحه فهي التي يستشيرها بأمره وكانت عنده عظيمة مكرمة برّ بها وزوّجها لأشجع وأعدل وأتقى وأفضل من أنجبته بطون العرب بعده إبن عمه (علي بن أبي طالب عليهالسلام)، ورِفْقه بزوجاته وإحترامه لهن وهو بذلك سنّ سُنةً من أجل أن يسير عليها من بعده من إتبعه في كيفية التعامل مع النساء.
كان صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله رجل دولة من الطراز الأول بارع في السلم والحرب وكان يخطط ويقود بنجاح، يشد على أزر مقاتليه يستخدم أسلوب التعبئة المعنوية والتشجيع التي جعلته يتغلب على أعداء الل، بترهيبهم وتشتيت شملهم في أغلب معاركه التي خاضها رغم قلة عدد المسلمين، مقارنة بالمعسكر المقابل له، وإستطاع في أوقات السلم والهدنة بتوسيع رقعة دولته وضم قبائل مهمة ومؤثرة لصفه.
لقد أسس محمد الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم لدولة كاملة متكاملة، خلال السنوات التي عاشها في المدينة المنورة، وإستثمر ما جمعه بين يديه من قوة سياسية وعسكرية، ليؤسس لأعدل نظام سياسي عرفته المنطقة، وقد تغير عل يديه المجتمع العربي تغييرا جذريا وإنتشر منه الى باقي المجتمعات.
هنالك معارضة بالطبع لكل حكم، ولحكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم معارضة بالطبع، من بعص سادة قريش الذين لم يتقبلوا أن يتساووا بالعبيد والفقراء، الإ أنهم كانوا يكتمون نفاقهم ومعارضتهم للإسلام وللنبي محمد، حتى ظهرت بعد وفاته بل ظهرت خلال فترة الحزن والحداد على نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم، وقوت شوكة هذه المعارضة ووجدت لها الأرضية لتقوى وترفض وتنقض بيعة الغدير، التي عقدت الوصاية والإمامة للإمام علي عليه السلام ولا نقصد خلافتهم المزعومة، لقد إنشق صف المسلمين بين مؤيد للمنافقين ومعارض لهم يقف مع صاحب الحق الإمام علي عليه السلام، ولولا حكمة علي عليه السلام وإلتزامه بوصية نبيه وإبن عمه، لكنا لغاية يومنا ندفع ثمن هذا الإنشقاق حروبا دموية، بسبب الحكم غير السوي الذي إتبعوه والذين أسسوا لنظام حكم جديد، يختلف تماما عما أراده الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
بالطبع نحن لسنا بموقع من يقيم السيرة النبوية حاشا لله، لكننا نلمس تلك الآثار الإيجابية التي لازالت شاخصة فينا وفي بنائنا الإنساني التربوي، وتلك القيم التي إستقيناها وتعلمناها من حبيبنا ونبينا صلى الله عليه وآله وسلم، سيرة كان من المفترض أن يكملها من بعده علي وولده المعصومين عليهم السلام، لولا غدر الأقربون له الذين تطاولوا على هذا الحق، وهذا التطاول مع الأسف ادى الى إنحرافات وإنزلاقات فكرية وإنسانية خطيرة، حاول الأئمة المعصومين تصحيح مسيرتها وإرجاع الإسلام الى سيرته الاولى، وتخلصه من الشوائب التي علقت به، بسببهم أخرجوا لنا دينا مشوها لا يمت للإسلام بصلة حتى وصل إلينا بهذا الشكل.
وختاما للقاريء أسئلة له حرية الترك أو الإجابة عليها:
ماذا إستفدتم من كونكم مسلمين؟!
هل فعلا أنكم تتبعون السيرة النبوية العطرة وتلتزمون بها؟!
هل تتبعون آل البيت الاطهار عليهم السلام وتسيرون على نهجهم القويم؟!
هل أنتم مستعدون للمحاربة والمجابهة مع معسكر الباطل والإنتصار لدين محمد صلى الله عليه وآله وسلّم؟!
هل ستقاومون الإغراءات والأموال وزخرف الدنيا مقابل التمسك بدينكم الحق؟!
هل أنتم على إستعداد تام لحمل شعلة السيرة النبوية الشريفة والمحافظة عليها حتى ظهور صاحب العصر والزمان روحي له الفداء وتسليمها له كما كانت في عهد جده رسول الله؟!
عظم الله لنا ولكم الاجر في ذكرى إستشهاد النبي الاعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم
2024-09-04