في حوار جرئ لايخلو من الصراحة
الاديبة البصرية الموهوبة
القاصّة خولة جاسم الناهي
لايمكن ان يلتزم الكاتب الحياد السياسي!
زمننا هو زمن الرواية!
إيران أفضل من العراق بالحقوق
المدنية.
انا مع التخصص بجنس أدبي
واحد بالكتابة .
ماحاجتنا لتشريعات دينية
جرى تحديثها فقهياً عشرات
المرات؟
###### التقاليد الإجتماعية اشد
ظلماً من التشريعات الدينية.
حاورها /ياس الركابي
تقديم
أجزم ودونما افتراء بأنني أمام وعيٍ نسوي يملي عليك طروحاته لتكون وبإرادتك أمام قناعات مطلقة.... ومع أن مخرجاتها الأدبية مازالت عند عتبة الإنطلاق من خلال مجموعتيها القصصيتين (لائحة بأسماء الآلهة/٢٠١٣)و( جنوب خط/٣٣) إلا أنني أتساجل معها وكأنها على وشك إعتزال عملها الأدبي بعد سيل ثراء تجاوز ال(٥٠)منجزاً !!!!
نعم..هكذا هي متماهية في رهانها على المستقبل ...قابضة وبقوة على كل ماله علاقة بالتجديد كرسالة ..وهوية لها...هذه الكائنة التي ترعرت في بيئة ظلت على مدى عمر العراق الادبي وَلّادةً لكل تَمَيّز لأن منها ريادة القص العراقي حيث فيلسوف السرد محمد خضير.
خولة جاسم الناهي وانت تعاين كل ماجادت به حتى اللحظة تبدو وكأنك بإزاء حزمة من قوى تاخذك عبر متاهات لمسارات عنكبوتية بلغة آسرة لترى بانك قد جنحت حتى عن إطار النص وأنت شارد الذهن أمام نصوصها التي لولا أن إختزلتها بعبقريتها لسرحت حيث البناء الملحمي الذي يفوق الروي إكتظاظاً وإكتنازاً جُمَلياً لينتهي طوافها القصصي حيث إندلاق الوليد الجديد ذلك الذي رسمت كل معالمه في مخيالها
قبل ولوج متاهات النص والتدوين .
نعم..ففي كل مانثرته خولة.. حتى اللحظة كان (الإنسان)وحده..هو هَمّها والفارس الأوحد ….وأَبت إلا ان تمضي وهو غايتها .
خولة الناهي التي تجد في الله واهل البيت سنداً ترى في انها وسواها من أدباء أصدق في نقل التاريخ ..كل التاريخ …اصدق من أُولئك الّذين تصَدّوا لتدوينه ..
هاهي امامكم خولة جاسم الناهي فاقرؤوها.
السؤال الأول
من خلال معاينتنا لتجربتك الإبداعية تلمسنا إكتظاظ ذاكرتك بكل ماله علاقة بالهم الإنساني وانت التي تجرعت مرارات الإنكسارات التي كان عليها الوطن والمواطن عبر مايزيد على ٤٠ سنة حتى تولدت لدينا قناعة بأننا امام مؤرخ …وإلا فكيف تولدت لديك قناعة بمصداقيتك في نقل التاريخ كأديبة؟ هذا التاريخ الذي نراه خاصية من خصائص الصحافة والمؤرخين…
جواب السؤال الأول
انا شخصيا اجد في الأدب توثيقاً تاريخياً اكثر مصداقية وانسانية من كتابة المؤرخين المعتمدة اكاديميا ..
وذلك لوجود الجانب الانساني والتفاعل العاطفي مع تلك الوثائق والاحداث ..
ومالم يكن الكاتب مؤدلجا فهو سيكون مؤرخا ممتازا ومعتمدا (اقصد بالنسبة لي) ..
عودة لسؤالك
كيف يمكن تجاهل الاحداث التي مرت بي كعراقية وبصرية وعدم التطرق لها وهي تشكل كل ذاكراتي؟
مع هذا انا لم احاول توثيق التاريخ متعمدة ولست مؤرخة ولكني عشت هذا التاريخ كواقع وقتها ..
وكنت شاهدة عيان عليه..
واستخدام بعض التفاصيل يكون غالبا مؤطرا ببعض الاحداث والشخصيات الخيالية بما يتطلبه العمل السردي ..
بكل الأحوال حاولت نقل تلك الاحداث بأمانة قدر الأمكان
السؤال الثاني
مع انكِ تسعين جاهدة في عموم شذراتك القصصية إلى ان تنثري امام ذهن القارئ مالم يألفه من قبل كسرد كتابي إلا ان اللافت في تجربتك القصصية هو انك تحيلين قارئك الى التيه الذي يكون عنده امام تفسير وتقدير وتأويل وهو يتملى إسقاطاتك النصية قصاً لذيذاً وأنت تتماهين كثيراً وبوعي منك في ان تقتلي وحدة التشابه بين نصوصك ..ماالغاية في عدم تشابه قصصك ؟ وفي الوقت الذي تقولين فيه بأن هذا هو التجديد يرى آخرون بإنعدام تلك الوحدة هو لعدم إختمار عجينة خوله الناهي الإبداعية بعد!!!
جواب السؤال الثاني
تعمدت كثيرا عدم تكرار نفسي
اما مسألة التجديد فهي مسعى اتمنى ان اكون قد نجحت به لمواكبة التطور في وسائل التواصل والوصول للقارئ..
مفردة اختمار تفترض ان الأدب كالخمر يحتاج التعتيق والاختمار ومرور الزمن بينما كثير من التجارب تشير الى أن المنجز الأول هو الأفضل لبعض الكتاب وبقية المؤلفات هو تكرار لتلك التجربة ..
سأصوغ جوابي بصورة مختصرة واقول
نحتاج الزمن لتطوير بعض التقنيات لكن مرور ذلك الزمن ليس لصالح تدفق الابداع وتوهج الحماس لدى الأديب .
وبكل الاحوال تجربة كل كاتب لها خصوصية وتختلف عن غيره ولايصح التعميم ..
عن نفسي اتمنى لو بدأت الكتابة منذ عمر مبكر.
السؤال الثالث
قبل ان تثب خولة الناهي لممارسة هوايتها في الكتابة الأدبية كانت قد تسلحت بكل مقوماتها وحيث ان ماتصدت له من محطات لها مساس بحياة العامة من الناس وكأنها تبغي تغيير لخارطة مشهد حياتي نرى أن ذلك يقترب من حاجز العمل السياسي …هل ترى مثلك مانراه ؟وهل هناك حسب رؤيتك ضرورة في ان يمزج الكاتب بين السياسة والأدب في زمن الخراب الذي نحياه وسط سكوت مطبق لعموم النخبة الثقافية التي تخلت عن شرعية شراكة المثقف في صياغة آليات الحوار ومفهومات الوعي والحكم .
جواب السؤال الثالث
لايمكن ان يلتزم الكاتب الحياد السياسي بكتاباته
لكن طريقة التصريح بالرأي هي التي تختلف من أديب لآخر ..
والكاتب ولا يمتلك تلك الأدوات التي تساعده في تشكيل الوعي الجماهيري في الوقت الحاضر مع وجود كل هذا الانفتاح الثقافي وتطور وسائل السوشل ميديا مالم تقترن بمحطات ووسائل الترويج المعروفة مثل السينما بالنسبة للعمل الروائي والقصصي والغنائي بالنسبة للشعر .
وهذا مانراه في بعض البلدان مثل مصر التي حولت كثير من اعمال محفوظ ويوسف ادريس و احسان عبد القدوس الى افلام سينمائية وصلت للمتلقي اسرع من الكتاب و أثرت في الجمهور .
هذا عدا عن منصات الترويج الحديثة مثل اليوتوب والتلغرام والتكتوك التي بدأت تؤثر في الجيل الجديد بشكل غير مسبوق .
السؤال الرابع
مع إيماننا المطلق بان تناول القصة القصيرة جدا إنما يعد ذكاءًا في الكتابة وجمالاً في اللغة لكنه جنس وليد الغرب حيث التاسيس لها كان عند نهاية القرن العشرين …وانتِ خولة التي تناولت القصيرة جدا……..( والقصيرة )التي اجدتي في تناولها بروح رياضية شعرية!!!! من خلال وضوح دلالات رموزك الإشارية وتكثيفك المجازي الشديد بالوان طيف متناهية الابعاد…فهل ان بوحك القصصي هذا دون غيره من قص سردي طويل ياتي لضيق الوقت وسط معترك حياتي صادم أم كما يراه سواك هو تعبير عن روح العصر؟
جواب السؤال الرابع
القصة القصيرة بدأت منذ منتصف القرن التاسع عشر وربما ابكر من هذا الوقت . لهذا هي فن سردي عمره اكثر من قرنين من الزمان وهذا ينفي فكرة انه فن حديث وعصري ..
اما روح العصر فهي تميل
للفن السردي الذي يتيح الاستغراق في الاحداث اكثر من النص القصير .. واعتقد انه زمن الرواية اكثر من كونه زمن القصة القصيرة ..
فيما يخصني من السؤال
اميل للقصة القصيرة لأنها تناسب مزاجي اكثر
وايضا تناسب ظرفي ووقتي المزدحم بالغالب بسبب ظرف عملي . ففي العراق ليس لدينا اجازة تفرغ للعمل الابداعي والكتابة ، اضف لذلك كتابة الأدب ليست عملا مربحا او مجزيا من الناحية المادية ليكتف به الأديب عن العمل الوظيفي . هذا عدا عن ظرفي الاجتماعي وانشغالاتي الخاصة كأمرأة ..
لا أريد الترويج لحقوق المرأة ولست بصدد الانحياز لبنات جنسي ..لكن انشغالات المرأة المنزلية تفوق انشغالات الرجل بكثير
السؤال الخامس
تذهبين الى ضرورة إنزياح مجتمعك الى المدنية داعية الى عدم اعتماد الإسلام كمصدر للتشريع وكانك تؤشرين بأن مايطفو على سطح المشهد العراقي من طقوس دينية إنما هو نظام دولة… وما إستوقفنا هو مطالبتك بالأخذ بتجارب بعض دول إقليم في إشارة الى تركيا تلك التي اطبقت عليها جلابيب الدكتاتورية بشهادة كل المتابعين…كيف تولدت هذه القناعات لديك ؟وهل لنا ان نقرأ رؤاك لخارطة طريق تأخذ بالمراة الى ماتستحقه وللامة الى رشادها ؟
جواب السؤال الخامس
اؤيد المدنية بشدة هذا أمر لا أُخفيه في حياتي العامة وتصريحاتي على وسائل التواصل العامة .. لكني فعلا لم احاول توظيف هذه الفكرة في قصصي بعد . انما كان تركيزي أكثر على التقاليد الاجتماعية الظالمة والتي هي اشد ظلما من التشريعات الدينية فعلا.
لست ضد الدين لكني أراه عقيدة خاصة بالانسان وغير ملزمة للآخرين .. ومع وجود قوانين منصفة تم اثبات فعاليتها ماحاجتنا لتشريعات قديمة جرى تحديثها فقهيا عشرات المرات ..
لماذا نتعب الفقهاء بتحديثات جديدة تواكب العصر مادامت تلك القوانين موجودة وهي انسانية ومنسجمة مع روح العدالة التي يسعى لها الأسلام وكل الأديان بالعموم..
اما بخصوص تركيا
ذكرت تجربتها بالمدنية واصلاحات اتاتورك ولم اتطرق للدكاتورية ولا احبها ابدا..
مع هذا بكل المقايس دول مثل تركيا او ماليزيا او حتى ايران هي افضل من العراق بالحقوق المدنية ولا احتاج لاثباتات بهذا الخصوص.
السؤال السادس
بعد مجموعتيك القصصيّتين
كيف تقرئين ذاتك كمبدعة وماالذي تتهيئين له؟
جواب السؤال السادس
كل مجموعة هي محطة جديدة لي
نحن نعيش وعياً جديداً كل يوم ..وخولة (لائحة باسماء الملائكة ) تختلف عن تلك التي عاشت جنوب خط 33
وهي حتما تعيش تجربة مختلفة الآن ..
حتى لو لم نغير قناعاتنا لكننا حتما نغير اماكننا في خارطة السرد
بعد مجموعتيك القصصيّتين
كيف تقرئين ذاتك كمبدعة وماالذي تتهيئين له؟
السؤال السابع
نرى كما يرى آخرون بأن انتقال المبدع من فضاء الكتابة الروائية الى مادونها يُعد ثلمة في القدرة التعبيرية ذي النفس السردي الطويل وانتِ التي كانت لك تجربة واحدة في السرد الروائي كيف تقرئين إدعاءنا هذا ؟وهل تعتقدين كما نعتقد بأن تعدد مجالات البوح الإبداعي بين القصة والرواية والمسرحية سيأخذ بالمبدع الى جادة الإفول؟
جواب السؤال السابع
ليس لي تجربة بالسرد الروائي بعد ..
بدأت بكتابة عمل ولم يتوفر لي الوقت لاتمامه ..
ولا اعتقد تغير نوع السرد يغير من قابليات الكاتب الابداعية ..
ولنا في رغد السهيل وضياء الجبيلي ولؤي حمزة عباس امثلة جيدة ..
في الازمنة القديمة كان تشيخوف كاتب مسرحي بارع وهو ايضا افضل من كتب القصة القصيرة رغم انه كان من اوائل من كتبوها ولم يتأثر او يعتمد تقنيات غيره..
المبدع لايستهلكه تنوع الكتابات خاصة الكتابات من اجناس متشابهة مثل القصة والرواية والمسرح ..
لكنني مع التخصص في جنس واحد من الكتابة لأنه يوفر لك الوقت للكاتب ..
بالمناسبة هناك ادباء تميزوا بتنوع كتاباتهم في اكثر من جنس وقد ابدعوا ، بينما هناك من ضاع وسط كل هذا .
لأنه لم يفلح في ايجاد نفسه في أي نوع .
……………….
سيرة خولة الناهي
……….
مترجمة كاتبة صحفية درست الأدب الإنكليزي والروسي واللاتيني ولها منجز روائي لم يكتمل بعد سبق إنشغالها القصصي…. كان بحثها الأكاديمي عند تخرجها عن مجموعة قصص الكاتب الروسي تشيخوف…. مهتمة بالكتابة عن الهَم الإنساني عامة مع إنحياز واضح للمرأة …..لها منشورات في عديد الصحف والمجلات ….. بكلوريوس ادب انكليزي…. عضوة جمعية المترجمين العراقيين عضوة إتحاد الادباء والكتاب ومنتدى اديبات البصرة.
2023-08-30