وزير الخارجية يحنث بالقسم ويؤدي فروض الطاعة الى “حاملة القلم”!
سلوكيات انفصالية تضر بالسيادة الوطنية*
في الوقت الذي تعمل فيه جهات سياسية وشعبية بالعراق على انهاء أشكال الهيمنة الأمريكية على العراق كافة، تتحرك أطراف سياسية محسوبة على الحكومة الاتحادية وجزء من العملية السياسية بالضد من الإرادة الوطنية، وتحاول تكريس الوجود الأمريكي بكل الطرق والوسائل، متجاهلة الدعوات الشعبية المطالبة بطرد الاحتلال الأمريكي من العراق، بل مخالفة التوجه الحكومي الساعي لإنهاء التواجد الأجنبي العسكري، خدمة لمصالحها الحزبية والقومية.
وأثار بيان صادر عن وزارة الخارجية عقب لقاء الوزير فؤاد حسين بالسفيرة الأمريكية في بغداد الينا رومانوسكي، جدلاً واسعاً بين العراقيين الذين وصفوه بمحاولة تكريس الوصاية الأمريكية على العراق، وابقاءه تحت الهيمنة الأمريكية بعدما وصف أمريكا بأنها “حاملة القلم” بالنسبة للعراق، والتي تشير الى ان النظام القائم على الصياغة، وهو نوع من الوصاية التي يفرضها مجلس الأمن على عدد من البلدان غير المستقرة.
وتعتبر وزارة الخارجية، واجهة البلد في جميع الدول، وتمثل وجهة النظر الحكومية الرسمية، وبالتالي فأن تصريحاتها يجب ان تكون مدروسة ومتفقاً عليها، لكن دور الخارجية في العراق يختلف كثيراً عن البلدان الأخرى، ووفقاً لنظام المحاصصة الحزبية، فأن الخارجية من حصة المكون الكردي، وبالتالي تحولت الى شبه مكتب تابع لإقليم كردستان ينفذ أجندات البارزاني ومشروعه التوسعي في العراق، متجاهلة دورها القانوني والرسمي.
يشار الى ان وزير الخارجية فؤاد حسين أكد خلال لقائه، السفيرة الأمريكية لدى العراق، ألينا رومانوسكي، أن الولايات المتحدة الأمريكية تعد (حاملة القلم) بالنسبة للعراق، مما يتطلب العمل المشترك في هذا المجال، داعياً الى تدخل بلادها في قضية انتخابات الإقليم، الأمر الذي أثار موجة من الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي، ان تصريحات وزير الخارجية نسفت الجهود الحكومية المطالبة بطرد الاحتلال الأمريكي.
وبهذا الشأن، يقول عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية، عامر الفائز، إنه “يجب ان تكون التصريحات الرسمية منسجمة مع توجه الحكومة وضرورة الابتعاد عن المصالح الحزبية الضيقة، والالتفات لمصلحة العراق العامة”.
وأضاف الفائز لـ”المراقب العراقي”: إن “العراق قطع شوطاً طويلاً في انهاء الوجود الأمريكي عبر الطرق القانونية”، منوهاً الى ان “البلاد اليوم تشهد استقراراً سياسياً وأمنياً يمكّنها من مسك زمام المبادرة”.
ويسعى العراق الى انهاء الوجود الأمريكي من الأراضي العراقية، وأجرى جولتين للمفاوضات مع واشنطن، أكدت خلالها الحكومة العراقية، الاتفاق على نقاط تتعلق بالانسحاب من البلاد، وفق جدول زمني، كما أجرى رئيس الوزراء، زيارة الى واشنطن لنفس الغرض، بالإضافة الى استمرار ضغط المقاومة الإسلامية على القواعد العسكرية، وبالتالي فأن البيت الأبيض يواجه، تحدياً كبيراً في العراق والمنطقة بصورة عامة.
من جهته، أكد المحلل السياسي إبراهيم السراج، أن “تصريحات وزير الخارجية تنسف جهود حكومة السوداني الرامية الى انهاء الوجود الأمريكي، وتهدم جميع ما وصلت اليه المفاوضات، بشأن الانسحاب الأجنبي خلال الفترة الماضية”.
وقال السراج لـ”المراقب العراقي”: إن “الولايات الأمريكية لا تريد مغادرة العراق، ووصف وزير الخارجية، واشنطن بأنها “حاملة القلم” فهي تكرس الوجود والهيمنة الأجنبية في البلاد، مشيراً الى ان “الحكومة طلبت مراراً انهاء الوجود الأمريكي، وهذه التصريحات يراد منها خلط الأوراق ونسف كل ما بناه العراق خلال المرحلة السابقة”.
وأضاف: ان “الكثير من الملاحظات تدور حول وزير الخارجية ، فهو يتعامل بمنصبه من جانب حزبه على اعتبار انه عضو بالديمقراطي الكردستاني، ولا يمثل سياسة العراق اطلاقاً، داعياً الى استضافته في البرلمان واستجوابه حول هذه التصريحات”.
وأوضح: ان “موقف العراق الرسمي يسوّق من خلال وزارة الخارجية، فكيف سيكون موقف البلاد إذا كان وزير الخارجية منحازاً لحزبه، وتجاوز حدود صلاحياته”، مؤكداً ان “احدى أكبر مساوئ نظام المحاصصة الحزبية هو اسناد المناصب الحساسة الى شخصيات غير مناسبة”.
وانتقد السراج، “لجنة العلاقات الخارجية النيابية، بسبب تغاضيها عن تصريحات وزير الخارجية المخالفة لرأي الحكومة، وعدم استجوابه في البرلمان، ثم الذهاب الى عزله من منصبه إذا كانت أجوبته غير مقنعة”.
يذكر ان عبارة “حامل القلم”، تشير إلى نظام داخل مجلس الأمن يُعرف بـ”القائم على الصياغة”، وهو نوع من الوصاية التي يفرضها مجلس الأمن الدولي على عدد من الدول غير المستقرة، من بينها العراق، يُدار هذا النظام من قِبل ثلاث دول هي: الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وفرنسا.
ولا يتوقف دور “حاملة القلم” على القرارات والبيانات والوثائق التي يصدرها مجلس الأمن فحسب، بل يتجاوزه إلى المبادرة بأنشطة مجلس الأمن المتعلقة بعقد اجتماعات طارئة، وتنظيم مناقشات مفتوحة، وقيادة البعثات الزائرة، وترؤس المفاوضات حول مسودات القوانين المتعلقة بالبلدان الداخلة ضمن نظام “القائم على الصياغة”.
ئالمراقب العراقي/ سداد الخفاجي..
2024-05-15