وحدة العراق… هي المطلب الوطني للعراقيين
قحطان الملاك
ليس غريباً أن تعلوا وتظهر هذه النداءات لأصوات غريبة بالانفصال أو نغمة اليوم الإقليم.. نسأل أنفسنا كيف ابتدأت هذه الفكرة ومن يتولى أمرها؟
في العشرينيات من القرن الماضي، وعند تشكيل حكم العراق الجديد الذي سمي بالحكم الوطني تعالت الأصوات في البصرة مطالبة إلحاق ولاية البصرة بحكومة الهند، وتوجه هؤلاء المطالبين إلى الحاكم العسكري البريطاني لتلبية طلبهم وتصدت لهم مجموعة من شباب البصرة في مواجهة كبيرة وثابتة معبرين بروحية بصرية أصيلة عن رفض هذا التوجه ومؤكدين ثوابت العلاقة بين البصرة والعراق وبغداد المركز، وملأوا الشوارع بالشعارات بمناسبة قدوم الملك فيصل الأول إلى العراق على طريق البصرة وظلوا مصرين هؤلاء الشباب على موقفهم حتى أفشلوا ذلكم المطالبين بالانفصال فانكفاؤا في زواياهم حتى لم يعلوا لهم صوت بعد ذلك، وعند البحث عن أصول هؤلاء المطالبين، وهي مذكورة في مجموعة تاريخ الوزارات العراقية لعبد الرزاق الحسني وكذلك كرها المستشرق الدانماركي فيتسر صاحب الكتاب القيم والذي يجب أ، يقرأه كل بصري، يتضح بأن هؤلاء الأشخاص هم من أصول كويتية ونجدية، وأن من رفض توجهاتهم هم أبناء البصرة الأصلاء.
اليوم عادت فكرة الإقليم مع الاحتلال الأميركي سنة 2003، تلك السنة المشؤومة في تاريخ العراق الذي تولدت عنه كل هذه الانشقاقات وكل هذه الحروب الداعشية وكل الأفكار والمشاعر الطائفية المتغذية على الاحتلال وعملائه والصهاينة، وهي فكرة وحركة كان وما زال الغرض منها بالدرجة الأساس تقسيم العراق وتركيز الطائفية والعنصرية والإقليمية في كل العراق…
ولنسأل أنفسنا سؤالاً بسيطاً أولياً، هل نجحت مجالس المحافظات في إدارة شؤون المدن؟ ألم تصبح هذه المجالس عبئاً على المدينة والميزانية والحياة اليومية والعمل؟
ماذا تعمل هذه الأعداد من الموظفين التي تبلغ الثلاثين والأربعين والخمسين في مجالس المحافظات؟ هل يمتلك أحدهم العقلية والفكرة عن إدارة الدولة؟ هل من عاش في خارج الوطن لعشرة أعوام أو أكثر يمكنه أن يعرف ما تحتاجه المدينة وفكر المدينة؟ هل عمل أحدهم في دوائر الدولة حتى يفهم طبيعة العمل الوظيفي؟
لقد كان الموظف يتنقل في أرجاء البلد من جنوبه إلى شماله في وظيفته ليتدرج فيها حتى يصل بعد خمسة عشر سنة أو عشرين إلى منصب المتصرف (المحافظ)، وكان راتبه هو راتب اسلم الوظيفي المعتاد والذي يزداد كلما ارتفع الموظف في درجته، دون مخصصات إضافية ولا امتيازات تجعل من راتبه يرتفع إلى درجات غير معقولة.
اليوم جلب لنا الاحتلال صورة جديدة من الوظيفة والموظفين الذين يجلسون على كراسيهم محاطين بخمسين نفر ممن يسمون الحمايات، فإن كان الموظف المسؤول يخشى أن يتواجد في مكان لوحده من غير حماية، فلم إذن يجلس على هذا الكرسي؟ لقد كان المحافظ (المتصرف) في قديم الزمان يقضي جل وقته في التجوال في أطراف المدينة من أجل معرفة احتياجاتها، كان النواب ينقلون احتياجات مدنهم ومطالب أبناءها إلى الحكومة عن طريق مجلس النواب ويتابعون سير عملية تنفيذها، فهل من المعقول أ، يأخذ هؤلاء النفر الذين استولوا على مناصب المدن والدولة ليسكبوا هذه الملايين ومن ثم يكافؤا بتقاعد مجزي بفحش؟
ماذا عمل هؤلاء في البصرة طيلة العشرة سنوات الماضية؟ لنسأل المحافظ وزمرته؟ نهر العشار الذي يرتع أمامهم بأكوام الأزبال، مثل أجزاء المدينة الأخرى.. أين ذهبت الميزانية وأموال التيرودولار؟ هل تم تبليط شارع، هل بنيت دور سكنية جديدة، هل حافظوا على وجه البصرة التاريخي والحضاري؟ أنا متأكد من أنهم لا يعرفون كيف كانت ساحة أم البروم قبل سبعين عاماً أو ثمانين!! هل يعرفون بأن الحيانية سميت على اسم متصرفها (محمد الحياني) في ستينيات القرن الماضي، الذي كان (رحمه الله) يتجول في أرجاء ويجلس بين أبناء العشائر لسماع مشاكلهم والسعي لحلها، وهل يعلمون من الذي فتح شارع الكورنيش في ثلاثينيات القرن الماضي؟ وإن أرادوا أن اوجد لهم أمثلة حول البصرة، فأنا متأكد أن لا أحد منهم يعرف شيئاً عنها!!، لماذا سميت أم البروم؟!، أو غيرها من أسماء شوارع المدينة الجميلة، هل هي في حاجة إلى تغيير؟ الجزائر، شارع دينار، شارع أنس، أم أنهم لا يعرفون حتى هذه الأسماء!.
وإلى دعاة هذا الإقليم الانفصالي الذي وضعت أسسه إدارة الاحتلال الأميركي ليحاسبوا المسؤولين الموجودين اليوم وطيلة السنوات العشر الماضية عن إنجازاتهم قبل أن يتحولوا إلى كارثة كبرى تسلم إلى إداري فاسد. ليسألوا من هو هذا الذي يبني أعلى عمارة في البصرة، ومن أين له كل هذا؟
وليسألوا متولي حملة الإقليم من أين له هذا لفتح قناة تلفزيونية، ومن أين لك هذا في حملتك الانتخابية، ومن أين لك تدفع وتدفع بهذه المبالغ؟
طالبوا وحاسبوا يا أبناء البصرة بحقوقكم المالية، ولا تتركوا مجالاً للفاسدين والانتهازيين ليلعبوا بكم كيفما يشاؤون، كونوا يا أبناء البصرة بصريين أصلاء ودافعوا وحاسبوا قبل أن تتدفعوا إلى مزالق لا يعرف نتائجها أحد إلا مروجيها ودعاتها.
فياد طالباني… ونصائحه الصهيونية
يكمل هذا الاتجاه في البصرة والذي يراد له أن يشمل العراق بموجب مشروع بايدن لتقسيم العراق المدعو فباد طالباني، فبعد أن تفوه مسعود لكل ادعاءاته وتطاولاته على العراق تظهر لنا شخصية هذا الفياد ليكمل دوره في العملية. فياد هذا كان يعيش في الولايات المتحدة وتربى في أحضان الـCIA والموساد واكمل صلاته بزواجه من صهيونية من أجل أن لا يبقى شيء يخفى… فالمدعو فياد يخرج علينا بتصريحات تطالب بتنازل الحكومة المركزية عن صلاحياتها إلى الأقاليم وتشكيل إقليم سني، من المؤسف أن تستخدم هذه العبارة المقززة لتركيزها على طائفية بغيضة يقابلها إقليم شيعي..! أهكذا يريدون؟ هل يمكن أن يقبل العراقيون الأصلاء أبناء الموصل والدليم والمنتفك والبصرة والنجف من العراق مثل هذا التوصيف؟ إن قبلوا به، فلنترحم على العراق! العراق عراقنا الذي عرفناه منذ آلاف السنين، عراق الحضارة لا عراق الطائفية أو الطائفة الواحدة، فإذا كان المدعو فياد (والذي لا يعرف معنى "الوطن") يريد تقسيم العراق، فليذهب إلى الجحيم، ليس في السليمانية بل في موطن زوجته إسرائيل…
من العار أن يصبح في العراق مثل هذه الأصوات النتنة التي لا تعرف معنى للوطن والوطنية..
من المؤسف أن يخرج مثل هؤلاء الطفيليين ليتزعموا العراق ويريدون فرض هذه الطفيليات علينا، لكن هيهات لهم… هيهات… فالعراق الذي بنى ماضيه وحاضره ومستقبله على قوة مركزية لا يمكن له أن يتجزأ مثلما يريد هؤلاء الطفيليون…
نعم! يا أبناء البصرة الأصلاء انتبهوا إلى هذه المؤامرة التي يركض وراءها البعض من الأبرياء وحسني النية، فكل هذه الشعارات مدفوع ثمنها وفضائيات مثل الفيحاء للطائي هي واحدة من هاته المحطات المدفوع ثمنها… حاسبوهم قبل أن تتبعوهم.. كونوا متحدين متراصين في وحدة عراقية لا غيرها… وحدة وطنية عراقية واحدة لا ثني لها. فهذا هو ما يجب أن يكون حاضر العراق ومستقبله وهو التحدي الأكبر لنا في هذه الأيام ولا أقول إلى هذا الفياد إلا ما قاله الجواهري: صه يا رقيع فلقد بان معدنك الردي…
وليعش العراق واحداً موحداً شاء أم أبى فياد وأمثاله
20/12/2014