هل تمتلك “إسرائيل” أسلحة نووية أم أنها تخادع؟
د. سلام العبيدي
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يقترح على “إسرائيل” أن تكشف عن أسلحتها النووية، إن وجدت.
لماذا دخلت مياه البحر الأبيض المتوسط الغواصة النووية الأمريكية رود آيلاند, المجهزة ب 20 صاروخاً باليستياً من طراز ترايدنت 2 D 5 عابراً للقارات ومزوداً برؤوس حربية نووية؟
ربما هذا هو السلاح النووي الذي تحدث عنه وزير التراث الإسرائيلي أميهاي بن إلياهو, ملمحا إلى احتمال استخدامه في سياق العدوان العسكري على غزة؟
بصفتي فيزيائيا نوويا، يمكنني أن أتخيل ما يعنيه امتلاك أسلحة نووية. انها صناعة معقدة ومكلف للغاية، وتتطلب وجود العديد من المكونات:
– توافر قاعدة تصميم علمية وتقنية وتجريبية لتطوير الأسلحة النووية؛
– توافر التمويل الكافي لتنفيذ مشروع الأسلحة النووية؛
– تخصيب اليورانيوم إلى البلوتونيوم الحربي بكميات كافية لصنع رأس حربي نووي؛
– بناء منشأة تخزين لحفظ الرؤوس الحربية في حالة مفككة. وهذا هيكل معقد للغاية من الناحية التكنولوجية;
– توافر قدرات اختبار الأسلحة النووية.
من بين جميع القائمة المذكورة أعلاه، لا يمكن ل”إسرائيل” ان تستوفي أياً من المتطلبات أعلاه بشكل كامل. بالإضافة إلى ذلك، فإن الأراضي المحدودة والبيئة المعادية تجعلان تنفيذ هذا المشروع صعبا بشكل مضاعف.
نعم، أجرت “إسرائيل” دراسات مشتركة لتطوير الاسلحة النووية مع نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. لكن هذا الأخير فكك برنامجه النووي قبل تفكيك النظام العنصري.
بالطبع، لا يمكن التقليل من الإمكانات العلمية ل”إسرائيل”. لكن هذه الإمكانات وحدها لن تصنع قنبلة ذرية. وفقا لخصائصه، فإن المفاعل النووي القديم في ديمونة، والذي يعمل باليورانيوم الطبيعي، لا يمكنه إنتاج الكثير من البلوتونيوم المستخدم في صنع الأسلحة بقدر ما هو مطلوب لإنتاج 90 وحتى أكثر من 200 رأس حربي يفترض ان “إسرائيل” تمتلكها، وفقا لمصادر مختلفة.
مما سبق، يمكنني أن أفترض أن “إسرائيل”، في أحسن الأحوال ، قد لا تمتلك سوى عدد قليل من الرؤوس الحربية النووية التكتيكية منخفضة الطاقة، الأمر الذي لا يمنحها تفوقا استراتيجيا على خصومها الرئيسيين، مثل إيران، وكما يمكننا أن نستنتج بعد تصريح أردوغان، تركيا أيضاً.
بالمناسبة، حريٌّ بنا أن نتذكر كلمات رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة غولدا مائير: “أولا ، ليس لدينا أسلحة نووية، وثانيا، إذا لزم الأمر، سنستخدمها“.
لذلك، يمكن للولايات المتحدة أن تؤمن ل”إسرائيل” مظلة نووية. أليس هذا هو سبب وجود غواصة رود آيلاند في شرق البحر الأبيض المتوسط؟
بدلاً من الخاتمة:
إعترافات الخبير النووي الإسرائيلي مردخاي فعنونو، الذي فرَّ من “إسرائيل” في أواسط ثمانيات القرن الماضي و”فضح” البرنامج النووي الإسرائيلي، أضعها في خانة الدعاية و”التعتيم” اللذين تتبعهما تل أبيب في مسألة برنامجها النووي. بالمناسبة، فعنونو لم يكن عالماً نووياً كبيراً في مفاعل ديمونا، بل كان موظفا تقنياً. لذلك، يمكن النظر إلى “زلة لسان” وزير التراث أميهاي إلياهو على أنها جزء من سياسة الدعاية و”التعتيم” الاسرائيلية في ظروف التهديد الوجودي الذي يواجهه الكيان عقب عملية “طوفان الأقصى” المباركة.
2023-11-18