هل بتنا في زمن (نمارس فيه فضيحة الحياة)!
محمد محسن
(1)
كنت أقرأ في موسوعة (نقد، نقد، العقل العربي) لمؤلفها آخر فلاسفة سورية، الفيلسوف {جورج طرابيشي}، رداً على كتاب الكاتب المغربي (محمد عابد الجابري) (نقد العقل العربي) الذي انحاز للفكر اليوناني ــ الغربي، على حساب دور الفكر العربي السابق تاريخياً للفكر الغربي، والمؤسس له.
والذي أظهر فيلسوفنا جورج طرابيشي في كتابه، مدى ضخامة التزييف، وفداحة العسف، الذي مارسه الجابري ضد الفكر العربي، شأنه شأن مثقفينا اليوم، الذين تغربوا، وكان دورهم، تسفيه تاريخ العرب وأدبهم، تماشياً مع سياسة التضليل الغربية.
فوقفت أتساءل بيني وبين نفسي؟ لماذا (تــــــاه) الكثرة الكاثرة، من العرب المحسوبين على العلم والمعرفة، الذين كانوا يدعون التقدم، والعقلانية، ولماذا باعوا تاريخهم، وتخلوا عن دورهم التثقيفي، التوعوي، العقلاني، وتنكروا لمجتمعاتهم، حتى أجدبت الساحة العلمية المعرفية في بلادنا، وجفت منابع الشعر، والأدب، والفلسفة. كما أغلقت 99% من مكتبات دمشق.
وتوجه الغالبية العظمي منهم نحو الفكر الغربي، وتبنوا القيم الغربية، بعد أن غارت الثقافة الغربية التنويرية، التي كنا ننهل منها، وسادت ثقافة العولمة، والسياسة النفعية، والمصالح السياسية.
وذهبوا بعيداً متناسين، تاريخهم، ودورهم، وراحوا كالقطعان نحو مصالحهم الشخصية، بعد أن ماتت عندهم قيم الشرق، ومحبة الأوطان، ولعنوا تاريخهم، وانتقلوا نحو ثقافة الأنا، التي تنمي الفردية، والغرائزية، والتركيز على المصالح الشخصية.
وبعضهم سقط فجأة وبدون سابق إنذار، في وهدة التزمت، وراح يبحث عن انتمائه البهيمي، يقوده حقده، الذي أعمى بصره وبصيرته، وعندما استفاق وجد نفسه في معسكر العدو المتعدد الهويات والمشارب، فالبعض بدأ يلعن نفسه، ولكن ما فائدة اللعن، ما دامت جهوده هي التي أوقعته في نفس المعسكر.
أما البعض الآخر لم يعترف بسقطته، بل راح يبحث عن محاسن موقعه الجديد، نكران لندمه، وإشباعاً لأحقاده، فأصبح كمن ضل الطريق، وهام على وجهه، يبحث عن من يجيره، ولا معين.
هذا الواقع الاجتماعي، الثقافي، المتردي، الذي وصلنا إليه، جعلني أردد مقولة: {الباهي محمد} (المفكر العربي المغربي التقدمي، الذي عاش بيننا في سورية، في ستينات القرن الماضي، (عندما كانت سورية قنديلاً) مشعاً، يضيء طريق كل المناضلين العرب.
فهل بتنا كما كان يقول {المناضل الباهي محمد} مداعباً، كلما سألته عن أحواله:
[نعــــــــيش فضيــــــحة الحيـــــــــاة]. وهو الآن [يعيش فضيحة الموت].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أما نحن فسنعيش، ونموت، ونحن نحمل راية الوطن، راية أمتنا العربية، راية القضية الفلسطينية، وضد إسرائيل وحماتها.
2025-02-04