هل العراق غارق سلعيا؟!
انتصار الماهود
الإغراق السلعي أو التجاري،
يتردد هذا المصطلح في هذه الفترة كثيراً، من خلال متابعاتي لتصريحات إقتصاديين عراقيين يشكون من أن البلد يعاني من حالة الإغراق السلعي.
أولا : لنعرف ما هو هذا المصطلح، وهل فعلاً العراق يعاني منه وما هي المعالجات الجذرية له إن صح التعبير .
أولا :
مفهوم الإغراق السلعي، هي ممارسة تجارية غير عادلة بين دولتين، أحدهما أو شركاتها تقوم بتصدير منتجاتها الى دولة أخرى، بأسعار أقل تكلفة من إنتاجها أو بأقل من أسعارها في السوق المحلية للدولة المصدرة، والهدف منها هو السيطرة على السوق الاجنبية، وإزاحة المنافسين المحليين، ومن ثم رفع الأسعار بعد تدمير الصناعة المحلية.
**ما هي خصائص الاغراق السلعي ؟
أولا : بيع السلعة بأقل من سعرها الحقيقي
ثانيا : الإضرار بالصناعة المحلية
ثالثاً : فقدان السكان المحليين لوظائفهم بعد إغلاق المصانع الخاصة ببلدهم .
رابعاً : خلق تبعية إقتصادية للسلعة الأجنبية.
** سؤال هل يعاني العراق فعلا من الاغراق السلعي؟!
بالطبع العراق يعاني من الإغراق السلعي خاصة المنتجات الزراعية والصناعية والبضائع الإستهلاكية ، التي تأتي من دول مثل الصين وتركيا وتباع باسعار رخيصة جداً .
بالطبع لو فكرنا بالإغراق السلعي لاتجهت كل الأنظار الى إيران، اليس كذلك؟! وهذا شائع ومتداول بأن إيران،استولت على الإقتصاد العراقي وسيطرت عليه.
لكن لنترك كلام الإعلام والترويج له، ولنتجه للغة الأرقام لنبحث عن قائمة التبادل التجاري بين العراق وعدة دول، ضمنها إيران لنعرف حجم التبادل التجاري مع كل منها ،ثم نتكلم أي دولة فعلا مسيطرة سلعيا على العراق .
أولا :: التبادل التجاري بين العراق والصين 50 مليار دولار سنويا
ثانيا :: التبادل التجاري بين العراق وتركيا 20 مليار دولار سنوياً
ثالثاً :: التبادل التجاري بين العراق والهند 12.5 مليار دولار سنوياً
رابعاً:: العراق وإيران 10 مليار دولار سنويا
خامساً:: العراق وامريكا 10 مليار دولار سنوياً ، ضمنها 260 مليون دولار كمكائن ومعدات لصيانة الطاقة الكهربائية ( شفت الكهرباء زينة لا شنو أخبارها ؟!!!)
ووصل أعلى تبادل تجاري بين العراق وأمريكا الى 24 مليار دولار عام 2008
سادساً:: العراق والسعودية 1.3 مليار دولار سنوياً (يمكن نصها بخور جاوي وعود).
لم ناخذ جميع الدول التي تتعامل إقتصاديا مع العراق، لكن أخذنا الدول الأعلى والتي يتعامل معها العراق بصورة أساسية، وكما رأينا أن الأرقام هي من تتكلم حيث أن المرتبة الاولى كانت من نصيب الصين ب 50 مليار دولار وإيران هي الرابعة، تتشاطر مع أمريكا بنفس قيمة التبادل التجاري وهي 10 مليار دولار .
إذا من هنا يتبين أن الشريك المهيمن والمسيطر والصامت على الإقتصاد العراقي، أو على الأقل على السوق العراقية هو الصين.
فسياسة الصين الجديدة لا تعتمد على القوة العسكرية لإحتلال العالم، بل هي تستخدم أسلوب القوة الناعمة وهي لجات للإقتصاد الرخيص كاسلوب أساسي للسيطرة على إقتصاديات الدول وهذا ربما سنذكره في مقال آخر مفصل وأكثر .
لكن ما يهمنا هو علاقة الصين التجارية مع العراق، ونحن نرى أن حجم البضائع الصينية في العراق كثيرة وكبيرة ومتنوعة جدا، وهنالك من نراه يصرخ ولغاية الآن وبأعلى صوته: (انوخذنا وانهجم بيتنا إيران سيطرت على تجارتنا وإقتصادنا, أبويا قريت الأرقام وشفت بعينك منو مسيطر لو نعيد؟؟).
بالتأكيد سياسة العجوز بريمر وتوقيعه للقوانين، لا تزال مع الأسف سارية حتى يومنا هذا، يمكن أن تكون الأساس الذي دمر الصناعة المحلية ما بعد عام 2003، ولا زلنا نعاني من تأثيرها حتى يومنا هذا، ونحن كأننا في بِرْكة من الوحل لا نستطيع الخلاص منها فتعطيل الصناعة الوطنية، يعني بطالة للشباب وخروج العملة الصعبة من البلاد دون الإستفادة منها.
ربما هنالك خطوات قد تكون فعالة لإعادة الثقة بالإقتصاد العراقي، والمنتج الوطني وتكون كافيه لتعزيزه والتخلص من ظاهرة الإغراق السلعي وهي ::
أولا :: حماية السوق المحلية من خلال فرض رسوم مكافحة إغراق السلع على المنتجات الأجنبية التي تسبب ضرراً، حقيقياً للمنتج الوطني مثل البضائع الكمالية والملابس والعصائر والسجائر وغيرها.
وكذلك تحديد قوائم للسلع الحساسة التي تتعامل معها الدولة بحذر لضمان عدم تدمير الصناعة الوطنية.
ثانياً :: دعم فعلي للمنتج الوطني بفوائد رمزية أو دون فوائد للمصانع والمزارعين مع فرض رقابة حكومية صارمة لمتابعة المنتجات.
كذلك تقليل تكاليف الإنتاج مثل دعم الماء والكهرباء والوقود للمصانع وتوفير المواد الاولية للمنتجات المحلية، بأسعار مناسبة إضافة الى إقامة معارض داخلية لتسويق المنتجات العراقية، وربطها بالأسواق الخارجية عبر الملحقيات التجارية التابعه للعراق.
ثالثاً:: إصلاح المنافذ الحدودية عبر تفعيل أنظمة جمركية حديثة، لتتبع حركة البضاعة ومنع دخول البضائع الرديئة، وغير المطابقة للمواصفات ومحاربة الفساد الجمركي بشكل حازم.
رابعاً :: تحسين جودة وتنافس المنتجات العراقية، مثل إطلاق البرامج التدريبية والتنموية لأصحاب المصانع وتشجيع التغليف العصري، والتسويق الذكي ودعم الشراكات مع الشركات الأجنبية لاكتساب الخبرة ونقل التكنولوجيا.
خامساً :؛ توعية المواطن وتعزيز ثقافته الإقتصادية، مثل إطلاق حملات وهاشتاغات وطنية لدعم المنتج الوطني، مع التعريف عنه وبيان أهمية تقديم الحوافز للمتاجر التي تتعامل مع المنتج الوطني، مثل تخفيض ودعم دعائي لتلك المتاجر
التطبيق بصراحة ليس صعبا، وبوادره فعلا موجودة للتخلص من ظاهرة الإغراق السلعي، لكن هل سيستغني المواطن عن السلع الكمالية ويدعم المنتج الوطني، ويترك البراندات التي تروج لها الفاشنستات ويدعم منتوجه ؟
بالمقابل هل سنرى أصحاب المعامل والمصانع يتخذون سياسة بيع وترويج، تكون عادلة مع المواطن دون المغالاة في أسعار بضائعهم وهو ما يجعل المواطن يلجأ الى الأرخص والأوفر وهي البضائع الأجنبية؟؟
وأنتم ما رأيكم اعزائي القراء؟؟
أما رأيي أنا فهو بعد آرائكم
2025-04-16