هكذا ساهم الذكاء الإصطناعي في إجراء العمليات الجراحية دون وجود الجَرّاح ؟
(في لقاء جمعنا بأطباء و باحثين بيولوجيين)
(السؤال الذي يطرح الأن من يحكمُ منْ؟ الإنسان أم الروبوت؟)
علجية عيش*
تشهد الساحة العلمية و التقنية العديد من التطورات و التغيرات بعد ظهور الذكاء الاصطناعي، هذا الكائن الغير بشري الذي اقتحم كل المجالات العلمية و التربوية و السياسية بتدخله و تحكمه في الإنسان و قد يتحكم في توزيع الهواء الذي يستنشقه، بمعني أن مصير البشرية كلها متوقفة علي عمل الذكاء الإصطناعي و أن مصير الإنسان مربوط به، فالإنسان الألي أصبح هو المفكر و هو الذي يقرر و يتحكم في الحياة اليومية للإنسان و أضحي هذا البشري بدون حركة و بدون وظيفة، السؤال الذي يطرح الأن من يحكمُ منْ؟ الإنسان أم الروبوت؟ و هل نحن نتجه إلى عصر ما بعد الإنسان؟
كان لنا لقاء مع أطباء و باحثين ع على هامش معرض وطني للكتاب احتضنته الولاية التاريخية الأولى باتنة و بمكتبة الإحسان، كانوا في زيارة للمعرض و قد دفعنا الفضول للدردشة مع الطبيب محمد الشريف، و الدكتور لبيار عماد الدين أستاذ بكلية الطب و باحث بيولوجي بجامعة باتنة شرق الجزائر، و كان السؤال حول الرقمنة و ما هو الدور الذي يعكسه الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي ؟ لاسيما و الذكاء الإصطناعي حقق تقدما كبيرا في العديد من الجوانب في المجال الطبي، مثل: التشخيص، والتكنولوجيا الحيوية، كما ساهم في تحسين الخطط العلاجية وتطوير الأدوية ومراقبة المريض ورعايته ، و هذا بفضل التطورات الحديثة في علوم الحاسوب أو الكمبيوتر و نظام المعلومات، حيث أصبح الذكاء الإصطناعي يطبق في مجال الطب و أثّر فيه تأثيرا إيجابيا في الكشف عن الأمراض و تشخيصها ، كذلك التقليل من نسبة الأخطاء الطبية التي يرتكبها الأطباء أحيانا.
حول الرقمنة يقول الطبيب محمد الشريف نحن في الجزائر متأخرين لعدة عوامل منها التاريخية ، فالجزائر خرجت من مرحلة الإستعمار و دخلت في حرب أهلية، حتي جاءت سنة 2013 بدأت الجزائر تواكب الرقمنة و سميت هذه السنة بعام الرقمنة، بدأ فيها الجزائريون يكتشفون العالم الخارجي، كان الاكتشاف كما يضيف محدثنا فرديا و ليس جماعيا، و كان لكل مواطن رغبته، و لولا الرقمنة لما ظهر الذكاء الإصطناعي في كل المجالات ، و بخاصة المجال الطبي، حيث مكن الأطباء من اكتشاف العلامات المرضية للمريض ، و أصبح جزءًا أساسيًا من أنظمة الصحة الرقمية التي تشكل الطب الحديث وتدعمه، و التسريع في وتيرة البحوث الطبية، أما في الجزائر فهو (أي الذكاء الإصطناعي) بحاجة إلى إثراء، لأنه محصور في أفكار بسيطة و يفتقر إلى الاستمرارية، رغم أنه توصل إلى حل مشاكل في العالم الواقعي و تمكن من إجراء عمليات جراحية دون وجود الجَرّاح و عتاده، و يوجد أيضا ما يسمي بطب النّانو Nano médicine، أو الطب النانوي، أي توظيف تكنولوجية النانو nanotechnologie في الطب أو العلاج المُوَجَّه، كما يسمّيه البعض، يضيف هذا الطبيب أن هذه التجربة لقيت نجاحا كبيرا في العالم ، لكن في الجزائر لا تزال متأخرة.
أما الدكتور لبيار عماد الدين يقول أن الذكاء الإصطناعي وسيلة اقحمت البحث العلمي، لكن العديد من الباحثين في مختلف المجالات لا زالوا يجهلون استخدام هذه التقنية الحديثة، مشيرا بالقول : طالما هناك رقمنة هناك ذكاء اصطناعي، فرغم الملتقيات و المؤتمرات التي تعقدها الجامعة الجزائرية ،هناك نقص كبير في استخدام الذكاء الإصطناعي ، ونجد الباحث الجزائري لا يزال يدور في دائرة مغلقة ، و لذا لابد من الانطلاقة بمنهجية معينة، فالذكاء الإصطناعي باعتباره هيكل من التقنيات و الحاسوبيات التي بإمكانها تحليل مجموعة كبيرة من المعلومات و المعطيات، أثار تخوفا كبيرا لدى الناس و بخاصة الموظفين في مختلف القطاعات بأنه سيقضي على مصيرهم المهني و بسببه سوف يخسرون وظائفهم، لكنه في الواقع لا يمكن الذكاء الإنساني أن يقضي على الإنسان، و لا يمكنه أن يعوض الروح الإنسانية لأنه مجرد رقم و سيظل رقما.
السؤال الذي يطرح الأن من يحكمُ منْ؟ الإنسان أم الروبوت؟، يرد الطبيبين على هذا السؤال بالحديث عن ظاهرة ما بعد الإنسان Posthuman، أراد الطبيبين أن يطرحا إشكالية تدور حول مستقبل البشرية في عالم ما بعد الإنسان و هو الموضوع الذي يسعي البحث العلمي و العلوم الطبية بالخصوص دراسته و تحليله بعد ظهور “الروبوتات ” و معرفة أين موقع الإنسان من عالم الروبوتات؟، أمام ظهور جيل آخر أكثر تطورا، جيلٌ قادر على إنجاز مهام أكثر تعقيداً كان من المفترض أنها حكر على الإنسان وحده ، يقارن هذين الطبيبين بين الروبوت و الإنسان، هذا الأخير الذي هو كومة من المشاعر عكس الروبوت، باعتباره ألة مبرمجة، وليست لها القدرة على الخيال و بالتالي لا تستطيع هذه الروبوتات تأسيس مجتمعا لأنها لا تملك الخيال الجماعي.
فالحرب في الماضي كانت حرب مجاعية و اليوم هي حرب تموقع، و الإنسان ينطلق بتحسين وجوده و قد بدأ باستخدام العقل و التقنيات ( الروبوتيك) ، و هذه الروبوتات التي هو وضاعها لا يمكن أن تهدده بقدر ما هي في خدمته، للإشارة أنه منذ 2014 ، كانت هناك مشاريع حققتها الجزائر في المجال الطبي و هي استعمال تقنية الطب عن بعد télémédecine، في إطار التواصل الإلكتروني بين الأطباء لمعالجة الملفات الطبية للمرضى و رقمنتها، حتى تكون في متناول الأطباء للإطلاع على ملفات المرضى الذين يخضعون إلى العلاج و إجراء عمليات جراحية عن بعد و كان هذا المشروع يدخل ضمن سياسة الدولة في إدخال وتطوير مفهوم الطب عن بعد، عبر كامل التراب الوطني، وهذا في إطار اتفاقيات الـ: “توأمة ” بين المستشفيات التي شرعت فيها وزارة الصحة داخل و خارج الجزائر ، من أجل تحسين نوعية العلاج و عصرنته، و كانت هناك ورشات عمل workshop للتطرق إلى كل القضايا المستعصية في المجال الطبي.
التقت بهم علجية عيش الجزائر

2024-12-17