هذه ليست حربًا!
يوسف القدرة*
منذ أربعة عشر شهرًا والعالم يشاهد، لا كمتفرجٍ محايد، بل كطرفٍ يضفي الشرعية على إبادة جماعية تُرتكب بحق الفلسطينيين. وكأن الخراب الذي يلتهم الأرض، والدم الذي يسيل في الشوارع، والوجوه التي تختفي تحت الركام، ليست سوى مشاهد عابرة في مسرحية طويلة عن الغلبة والهيمنة.
هذه ليست حربًا، فنحن هنا أمام عملية محو، أمام مشروع اقتلاع لا يبقي أثراً ولا صوتاً. البيوت لا تُهدم فحسب، بل تُنسى، والأسماء لا تُمحى فقط، بل تُستبدل بأرقام صامتة في تقارير باردة.
منذ أربعة عشر شهرًا، والضمير العالمي يقف على أطراف أصابعه، يختار كلماته بعناية ليوازن بين الحق والظلم، وكأن العدالة باتت مسألة رأي يمكن التفاوض عليها. كل طفل يُقتل، كل أم تودّع، كل جدار ينهار، ليس مجرد خسارة حياة، بل خسارة ذاكرة، خسارة رواية، خسارة لمعنى الوجود نفسه. حين تُبرَّر الجرائم تُقتل الحقيقة مرتين.
*شاعر من فلسطين
2024-11-30