نفط العراق هدف باذخ!
علي عباس
من يستطيع ان يفسر لنا تهافت الحكومات العراقية على تمكين الشركات النفطية الاحتكارية الدولية الكبرى من استغلال ونهب الثروة النفطية العراقية من دون أن يضعوا ولو 10% من مصلحة البلد في اعتبارهم؟
بدءاً؛ إن حصتنا في اوبك لم تزد يوماً عن 3,800 ثلاثة ملايين وثمانمائة الف برميل يومياً، وفي الغالب يجري خفضها بنسبة 10% اي تبقى في حدود 3,500 مليون برميل يومياُ وهو المعدل الثابت الى حد ما. وهذا اقصى ما يمكن ان يصدره العراق وفقط عندما ينتعش الاقتصاد العالمي. اما عندما يحدث ركود اقتصادي في العالم الراسمالي خصوصاً، أوتحدث ازمات اقتصادية فإن هذه الحصّة تتراجع الى مادون 3 ملايين برميل يومياً. اي تتراجع إلى المستوى الذي كانت تنتجه وتبيعه شركة نفط الجنوب بُعيد عام 2003 بسنة او سنتين، حينما كان السيد جبار اللعيبي مديرا لها ومن دون مساعدة المحتلين او الشركات الاحتكارية الدولية.
والملاحظ اليوم أن حجم الاستخراج الكلي في العراق وبعد اربع جولات من عقود تراخيص الخدمة المعيارية!!! ومرور 12 سنة على عقود التراخيص هذه ما زال يتراوح بين 4,900 و5,000 مليون برميل يومياً، وهوحجم الاستخراج المعروف حتى هذا اليوم.
والملفت للنظر في تمرير جولات التراخيص واستغفال العراقيين هو الاكاذيب الحكومية. إذ عندما بدأت سياسة جولات التراخيص النفطية، وعدت الحكومة العراقية وهي تعرف انها تكذب، انها سترفع الانتاج إلى 12 مليون برميل يومياً. وهم يكذبون جميعهم على العراقيين ايام كانوا يخافون من غضب العراقيين.. اي انهم كاذبون بالاتفاق؛ مع الشركات النفطية الاحتكارية ، وهم يعرفون ان الانتاج عبر جولات التراخيص لن يتعدى 6 ملايين برميل يومياً حسب ما جاء في تقرير اللجنة التي شكلها عام 2010 “برهم صالح” لمعرفة الجدوى من جولات التراخيص التي كانت تدفع امريكا لتمريرها بعد فشلها بتمرير قانون النفط والغاز في البرلمان، نتيجة تصدي الخبراء الوطنيين في داخل العراق وفي الخارج لهذا القانون، وهوالقانون الذي اعده البنك الدولي يومها.
وفي الحقيقة ان برهم صالح شكل لجنته هذه من خبراء النفط في الوزارة بتكليف من “نوري المالكي”، لكن امريكا مزقت تقرير اللجنة لانه كان ينصف العراق ويوصي من حرص وطني بـ:
– إن العراق قادر بجهوده وخبراته الوطنية على انتاج 6 مليون برميل يومياً بدءاً من عام 2015 بعد تجديد وتأهيل المعدات والمكائن السطحية فقط في الحقول المتوقفة عن الانتاج، ومن دون تدخل الشركات الاحتكارية
– ضرورة ترك جولات التراخيص لآربع سنوات قادمة لأنها مكلفة وتماثل عقود المشاركة الى حد عدم وجود أي فرقً فيما بينهما. بعد ان وجدت اللجنة ان العراق من دون شركات اجنبية رفع انتاجه الى 3.600 مليون الف برميل حينها.
– ضرورة انتهاج سياسة عقود الشراء والتجهيز، لشراء المكائن والمعدات السطحية في حقول النفط المتوقفة والمعطلة لكي يجري تأهيلها وتجديد ما تلف منها بسبب حصار الـ13 سنة على العراق.
ومع ذلك فان الزيادة الى حدود 6 ملايين برميل يومياً ستكون فائضة عن الحاجة، ولايمكن تصدير هذه الكمية لأن السوق سيكون متخماً، وسيغرقه المنافسون اذا بعنا نفطنا أدنى من سعر السوق أو سعر اوبك او نافسنا الآخرين على عملائهم التقليديين. وقد تكون هذه المنافسة سببا في انخفاض سعر البرميل الى حد قد يصل الى اقل من كلفة الاستخراج، كما سبق ان حصل هذا فاصبح سعر البرميل 7 دولار للبرميل حينما رفعت السعودية انتاجهااثناء فترة ركود اقتصادي، من 10 مليون الى 12 مليون برميل يومياً، بعد أن انتهجت سياسة مواجهة “جبهة الصمود والتصدي” أيامذاك، بأمر من امريكا لاضعاف واخضاع العراق وليبيا وسوريا ومصر، وهو ،ومن جهة أخرى،الامر الذي كان عاملا مهما في مسلسل التطبيع فيما بعد.
علما ان الحكومة العراقية اسقطت بند “معالجة الغاز المصاحب” من عقود التراخيص الأولى الذي كانت الشركات ملزمة بمعالجته وفقا لعقد الترخيص، عندما قامت بالتعديل على العقود بعد ثلاث سنوات. وهذا لم يأت من فراغ بل من اوامر وخطط (الغرف السرية في السفارة الامريكية) لتخفيف الحمل عن كاهل الشركات النفطية الاحتكارية، ومن اجل رفع معدل ارباحها غير الخاضعة للضريبة.
والسؤال الآن:-
لماذا يقوم “حيان عبدالغني” وزير النفط الحالي، في كل مرقص لراقصي النهب باضافة جملته الحبيبة الى قلب السفيرة بذكر اهمية “تطوير الحقول النفطية لرفع انتاجيتها” ويدعو شركات النفط الاحتكارية الدولية النهابّة للقيام بذللك، وفي كل دعوة يذكر مثاله “حقل ارطاوي” الذي يعتبر أسوأ عقود العراق طراً، واكثرها خيانة لابناء الشعب، واكثرها هدرا لحق الشعب بثروته، فقد منح العقد شركة توتال الفرنسية حقوقا مطلقة في حقل ارطاوي، يعيد مثال الامتيازات الاستعمارية على النفط العراقي. وقد أبدى خبراء النفط عراقيون وغير عراقيين رأيهم في عقد حقل ارطاوي وتحدثوا عنه بلغاتهم كلها وقالوا انه خيانة للثروة الوطنية..
افيدونا.. هل هناك من يعرف لماذا هذا التهافت؟
2023-05-25