موسى مندلسون משה מנדלסון!
رنا علوان

وهو فيلسوف يهودي ألماني دافع عن التسامح الديني وكان من رواد حركة هاسكالا (التنوير) التي نادت بضرورة اندماج اليهود في المجتمعات الأوروبية ونشر التنوير والتسامح وفصل الدين عن الدولة ، وتمنح برلين جائزة سنوية باسمه لأشخاص يساهمون في تعميق التسامح
ويعتبر في نظر أغلب اليهود هو «موسى الثالث» بعد النبي موسى وموسى بن ميمون
لقد صاغ موسى فلسفته وفكره كإمتداد لفكر كريستيان وولف فيلسوف حركة التنوير الأوروبية ، وعلى فكر ليبنتز الفيلسوف العقلاني (وخرج منهما بفكر علماني)
كما تأثر بشكل كبير ، بمؤلفات سبينوزا ، وكان صديقًا للفيلسوف إيمانويل كانط ، وذاع صيته في بداية الأمر بسبب كتاباته في فلسفة الجمال التي تُعَدُّ إسهاماً لابأس به في هذا الحقل الفلسفي
وكان يقود حملة له لتحرير اليهود من التبعية ، وحثهم على تكوين اتحادات مع غير اليهود من رجال الحكومات والمثقفين ، رغبة منه في تحسين العلاقة بين اليهود والمسيحيين
منحه فريدريك الأكبر رتبة ( يهودي تحت الحماية الإستثنائية )
وأصبح بذلك رمزًا ورائدًا لحركة التنوير اليهودي التي تسمى بالعبرية [ هاسكالا أو التنوير العلماني ] الذي قاد يهود أوروبا وفيما بعد إلى حركة الصهيونية العالمية ، ويعد والد دوروثيا فيت وحفيده هو الموسيقار فيلكس مندلسون
ترجم موسى [ التاناخ ] الى اللغة الالمانية ، وجمعها في كتاب واحد وهو ما يسمى ب [ العهد القديم ]عند المسيحيين وهو إنجيل اليهود
كما ترجم كتابًا بعنوان [الدفاع عن اليهود] للكاتب اليهودي منسى بن إسرائيل عام 1656
في عام 1782 ، ترجم أيضًا مقدمة بعنوان [خلاص اليهود]
وفي العام 1783 قام بنشر كتاب تحت عنوان [أورشليم ، أو في السلطة الدينية والديانة اليهودية]
ومن أهم مؤلفاته [ فادون Phadon ] 1767 والذي استوحى عنوانه من كتاب [ فيدو ] لأفلاطون ، تناول فيه موضوع الخلود الشخصي في شكل حوار أفلاطوني يؤكد فيه فكرة خلود الروح وأن الموت لا يعني الفناء الكامل ، وبيَّن أن الرب الخيِّر ما كان ليغرس هذه الفكرة في روح الإنسان إن لم يكن هناك خلود حقيقي للروح
ويتضح في الكتاب مدى تأثر مندلسون بمفكري عصر العقل والاستنارة والفلاسفة الربوبيين ، [ الذين كانوا يؤمنون بالخالق دون إيمان بأي دين ولا حتى بالآخرة ]
وقد أثار الكتاب جدلاً واسعًا ، وأطلق عليه إسم ( افلاطون الألمان ، وسقراط اليهود )
نأتي الى كتاب أورشليم ، والذي إعتُبر نظيرًا لكتاب [ فصل المقال لابن رشد ] ، وبالطبع مع ملاحظة فارق الإطار الفكري التاريخي ، وقد نوه الفيلسوف ايمانويل كانط بذلك ، واعتبره إنجازًا لصالح سائر الأمم ، راجيًا أن يحذو الجميع حذوه
ولعل ابرز القضايا التي تناولها الكتاب أورشليم هي قضايا ( العلاقة بين الدين والدولة ، وعلاقة الدين أوجهه المؤسسة والمهيكلة ( كدور الكنيسة والمؤسسات ورجال الدين بشكل عام ) بالاضافة الى وضعية الفرد المدني داخل المجتمع ( حرية الضمير ، وحرية التفكير ، والتعبير ، وغيرها …)
وقد ربط خلاص الإنسان بالايمان ( بمروريات ، اتخذت من لبوس الواقعية التاريخية ) كما اعتبر صادرًا عن نفس روح الفلسفة الليبرالية ، لأمثال ( جاك تورجو ) التي تشعبت بها ( ديباجة ) دستور فيرجينيا بالولايات المتحدة الناشئة حينذاك
من اهم اقواله
[ تجاهل صوت المحبطين ، ركز على الحب المخبأ لك في صوت الذين يحفزونك ]
[ فأنّا إذن يوجد إله ]
[ لا تراقب مكانًا لم يعد لك ، إرحم قلبك قليلًا ]
[ لا يعترف ديني بأي التزام لحل الشك إلا من خلال الوسائل العقلانية ، ولا يأمر بمجرد الإيمان بالحقائق الأبدية ]
دخل مندلسون في نقاش حاد مع المفكر الديني المسيحي السويسري يوحنان لافاتر الذي طلب إلى مندلسون أن يثبت زيف الدلائل على صدق العقيدة المسيحية أو أن يفعل ما كان سيفعله سقراط لو كان في الموقف نفسه ، أي أن يتنصَّر
ختامًا ، نجد كيف ان فكر عصر التنوير ، او الأنوار ، بموضوعاته وبمضامينه حولها ، قد شكل الافضاء النهائي لما يُسمى ب ( الاصلاح الديني ) ، والذي دشنته الثورة البروتيستانتية في بداية القرن السادس عشر في اوروبا
2023-05-28