من الجولاني إلى السوداني..أسلِم..تَسْلَم..!
انتصار الماهود
من الجولاني إلى السوداني أسلِم تَسْلَم ولا تتدخل في شؤون سوريا وإنأى بنفسك وبلدك وحشدك عنا، ودعوا سوريا تقرر مصيرها لوحدها.
لاتستغربوا تلك المقدمة الفانتازية من نسج خيالي، ربما لو كنا في وقت بني أمية لكان هذا خطاب الدواعش لنا، لكن رغم تقدم الزمن وتطوره هذه هي الصورة الأقرب للواقع الآن.
أولا من هو الجولاني الذي ظهر فجأة وأصبح المتحدث الرسمي لمن يسمون أنفسهم بالثوار، ومن الذي نصّبه عنهم؟!.
أبو محمد الجولاني أو أسامة العبسي الواحدي مواليد سوريا عام 1982، القائد الأعلى لهيئة تحرير الشام، والذي كان سابقا أميراً في جبهة النصرة وهي الفرع السوري لتنظيم القاعدة، وقد إنتمى لصفوفه عام 2003 ليتحول من تنظيم القاعدة لجبهة النصرة عام 2013، ويصبح أبرز قياداته الإرهابية في عام 2016.
بعد إنحسار سيطرة دا عش على الأراضي السورية وإستقرار الوضع نسبيا هنالك، عاد التنظيم لينشط مجددا في نهاية نوفمبر للعام 2024، وعاد الجولاني يقود المجاميع الإرهابية للسيطرة على الشمال السوري.
طلب الجولاني في مقطع فيديوي له وخطاب مكتوب من الحكومة العراقية ورئيس الوزراء، بالنأي بالعراق بعيدا عن عن الوضع في سوريا وعدم إرسال الحشد الشعبي للتدخل في الشأن الداخلي السوري، وهي رسالة موجهة واضحة من إرهابي يطلب من جهة رسمية حكومية جارة عدم التدخل!!.
أما تصريح الجولاني ل CNN فقد أشار فيه الى أن هدفهم الأساس، هو الإطاحة بنظام بشار الأسد وإنشاء دولة مؤسسات تتعايش فيها الطوائف والأديان معا ولا يحق لأحد القضاء عليها.
لا أعرف أ أضحك أم أبكي بسبب هذا التصريح؟!، هل شاهدتم مثلي مقاطع الفيديو المنتشرة لل (المعارضة السورية كما يدعّون)، والتي تروج للعنف والإرهاب وقطع الرؤوس وسفك دماء الشيعة، لا أعرف عن أي تعايش سلمي وأي دولة مؤسسات سيؤسس لها، تنظيم إرهابي قائم على فكر متطرف لا يمت للدين أو الإنسانية بأية صلة،
ثم كيف إستطاعت قناة مهمة مثل ال CNN عقد مثل هذا اللقاء مع شخصية إرهابية مطلوبة لأمريكا، وكيف لم تستطيع تكنولوجيا العم سام تحديد موقع هذا الإرهابي وتحييده، كما فعلت مع العديد من الشخصيات المعادية لمصالحها ، أم أن الأمر هو موضوع عائلي ولا شأن لنا به،(الخال وإبن أخته يعني وغلسوا بوية).
رغم شراسة هذا التنظيم ورجاله الإ ان تصريحاتهم الأخيرة بينت أنهم متخوفين من أمرين في المنطقة، أولها الحشد الشعبي العراقي (اليد العقائدية الحكومية التي قضت على الإرهاب التكفيري وأنهت وجوده)، ثانيا باقي فصائل المقاومة في العراق ودول المقاومة الشيعية و صانع السجاد الصبور.
لقد عانى الإرهابيون في العراق من كابوس تسبب لهم بها الحشد الشعبي وفصائل المقاومة، والتي إستعادت السيطرة على الأراضي التي إجتاحها التنظيم خلال فترة قياسية مقارنة بالوضع في سوريا.
عاد الإرهاب لينشط من جديد في الساحة السورية، بإسم جديد لكن بنفس الخرقة البالية ونفس الجسد والعقلية العفنة التكفيرية السلفية الوهابية، والمضحك بأنهم يطالبون من الجميع أن يساندهم ويقف معهم وألا يتدخل بما سيفعلونه في سوريا، حمائم السلام تلك لم تجلب أبدا الخراب للمنطقة.
لو لم يكن الحشد قويا هكذا هل سيطالب الأرهابيون من الحكومة العراقية بعدم تدخله في فيما يحدث بسوريا، للعلم أن من شارك في سوريا هي فصائل المقاومة العراقية، وليس الحشد الشعبي، فالحشد مؤسسة رسمية عسكرية مسؤوليتها الدفاع عن العراق وحدوده، وليس لها أي واجبات خارج حدوده، لكن لو إقتضى الأمر وكان هنالك تعاون حكومي عراقي_سوري، من يدري ربما سنجد الحشد في قلب سوريا يلقن الإرهابيين درسا ويمحو الفكر التكفيري الذي تغلغل فيها.
بالنسبة لموقف فصائل المقاومة بالطبع لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ما يحصل هنالك، وستفعل ما بوسعها للحفاظ على وحدة الصف ووحدة الساحات، وتجنب عزل سوريا عن باقي دول المحور لدورها المهم، في خط الدعم اللوجستي لجنوب لبنان وحزب الله، فلو قُطِع هذا الخط سيخف الضغط من محور جنوب لبنان على شمال فلسطين المحتل، وهذا سيترك فجوة في الجبهات المفتوحة ضد العدو الصهيوني.
كما لا ننسى أن ننوه الى أن المئات من الجماعات الإرهابية المسلحة تسللت الى الحدود الشمالية لسوريا قادمة من تركيا، وأعادت إحياء الخلايا النائمة، وإستغلت كما ذكرت من قبل الأوضاع الأمنية غير المستقرة في شمال سوريا.
لعبت تركيا بورقة خطرة جدا وربما ستؤثر على تواجدها في المنطقة مستقبلا، خاصة بوجود حزب العمال الكوردستاني PKK نشطا في شمال العراق وسوريا، من يدري ربما سيكون هنالك تعاون بينه وبين الحكومة السورية، بل وحتى الفصائل المسلحة من أجل منع تدفق الإرهابيين من الحدود التركية (فعدو عدوي هو صديقي اليس كذلك!).
هذا حدا بأردوغان للتعبير، عن قلقه البالغ و محاولته لدفع خطر توسع حزب العمال الكوردستاني، من أن يتوسع في شمال سوريا ويحاول أن يتخذ خطوات بما يتسق مع أمن تركيا القومي، (والله عاد يا عمو أردوغان من يفتح الباب على مصراعيه للإرهاب يجب أن يتحمل الجواب فتحمل نتيجة لعبك بالنار ومحاولة إحراقك للمنطقة).
في الختام إن موقف العراق الرسمي الحكومي واضح وصريح على لسان رئيس وزراءه، بأن البلد لن يقف متفرجا أمام التداعيات الخطرة، وشدد على أهمية إحترام ووحدة سوريا وسيادتها وضرورة التنسيق المشترك مع الجانب السوري.
أما الموقف غير الرسمي لفصائل المقاومة، فأكدت على وحدة الساحات ووحدة العقيدة وضرورة الدفاع عن أي دولة من دول محور المقاومة الشيعي، قد تتعرض لخطر الإرهاب سواء كان صهيوني أم أمريكي أو تكفيري وهابي، وهم رجال إن قالوا.. فعلوا.
2024-12-08