ملف الانسحاب الأمريكي يُركن على أدراج الحكومة بضغط من واشنطن!
رغم استمرار المطالبات الشعبية والسياسية*
غاب ملف الانسحاب الأمريكي من الأراضي العراقية خلال الفترة الماضية، وتوقفت المباحثات بين الطرفين، وسط صمت حكومي على هذا الملف، إذ لم تعلن نتائج مفاوضات اللجنة الأمنية الثنائية التي تشكلت بين الجانبين لغاية الآن، وبقت المباحثات معلقة، على الرغم من اعلان الاتفاق على انهاء مهمة التحالف الدولي الذي يعد واجهة للقوات الأجنبية الموجودة في العراق، تمهيداً للانسحاب العسكري الكامل.
وأعلن العراق بعد مفاوضات استمرت لأشهر عدة مع واشنطن، عن التوصل لاتفاق لإنهاء الوجود العسكري الأمريكي وفق جداول زمنية محددة، وأكدت الحكومة في وقت سابق، وجود خلاف على المدة الزمنية للانسحاب، إذ يسعى العراق الى ان يحدد المدة خلال العامين المقبلين، فيما تريد أمريكا تمديد فترة وجودها لأكثر من خمس سنوات على أقل تقدير، بحسب تصريحات قادتها العسكريين.
ومع التطورات العسكرية والسياسية التي تشهدها المنطقة، يبدو ان واشنطن بدأت تتملص من ملف الانسحاب من العراق، وتحاول الالتفاف على الاتفاقيات التي أبرمت بين الجانبين، في المقابل لم تصدر الحكومة العراقية خلال المدة الماضية، أي تعليق عن هذا الملف، وهو ما يفسره مراقبون بوجود ضغط من إدارة البيت الأبيض بعدم فتح هذا الملف في الوقت الحالي، وهو ما يضع الحكومة العراقية بحرج كبير، سيما مع تواصل الضغط الشعبي بهذا الخصوص.
يشار الى ان الاجتماع الأخير الذي جمع رئيس الحكومة محمد شياع السوداني مع قائد قوات التحالف الدولي لمحاربة تنظيم “داعش” في العراق وسوريا كيفن ليهي، خلا من الحديث عن انهاء مهمة هذا التحالف، وفقاً للاتفاق بين الجانبين، وهو ما يعتبر تغييراً في السياسة العراقية تُجاه الولايات المتحدة، إذ كان ملف الانسحاب يتصدر جميع اللقاءات بين الجانبين.
وحول هذا الموضوع، يقول عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية علي البنداوي، أن “العراق ماضٍ في عملية انهاء الوجود العسكري الأجنبي، وفقاً للاتفاقيات التي تمت بين اللجان الأمنية”.
وأضاف البنداوي لـ”المراقب العراقي”: أن “خطر الإرهاب زال، ولا يوجد مبرر لبقاء القوات الأجنبية على الأراضي العراقية، والحكومة والطبقة السياسية والشعب مصرون على انهاء هذا الملف”.
وأشار الى ان “الأوضاع التي مرت بها المنطقة أجلت أو جعلت الحكومة تتريث قليلاً، لكنها ماضية بتطبيق القرار، وتم بحث هذه القضية قبل فترة مع قائد التحالف الدولي، وتم الاتفاق على العمل وفق الجداول الزمنية المحددة”.
وأوضح: أن “القوات الأمنية العراقية قادرة على حفظ الأمن وحماية البلاد من أي تعدٍ خارجي، والدليل حربنا ضد الإرهاب والبطولات التي سطرها أبناء العراق من الجيش والشرطة والحشد الشعبي”.
ويرى مراقبون، ان الحكومة تحاول تجنب الدخول بصراع مباشر مع واشنطن خلال هذه المرحلة الحرجة، خاصة وان أمريكا بعثت رسائل مبطنة الى العراق، بانها لا تفكر بالانسحاب وتسعى لزيادة قواعدها العسكرية، خاصة بعد سقوط نظام الأسد وسيطرة الجماعات الإرهابية على سوريا، وهو ما يعطي حجة لواشنطن للبقاء فترة أكبر، تماشياً مع مصالحها.
وأعلنت بغداد وواشنطن، مطلع أيلول 2024، عن اتفاق يقضي بإنهاء مهمة التحالف الدولي ضد تنظيم “داعش” في العراق في موعد أقصاه نهاية أيلول 2025، وجاء الإعلان عن هذا الاتفاق عبر بيان مشترك للبلدين، بعد جولات حوار امتدت لأشهر على خلفية مطالب شعبية وسياسية بإنهاء وجود التحالف.
الجدير ذكره، انه يوجد نحو 2500 عسكري أمريكي في العراق ضمن التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن منذ أيلول 2014، ويتوزع الجنود على ثلاثة مواقع رئيسة في العراق، هي قاعدة عين الأسد في الأنبار، وقاعدة حرير في أربيل، ومعسكر فيكتوريا الملاصق لمطار بغداد الدولي، وليست جميع هذه القوات أمريكية، إذ توجد أيضاً قوات فرنسية وأسترالية وبريطانية تعمل ضمن قوات التحالف، وأخرى ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في العراق.
المراقب العراقي/ سداد الخفاجي..
2025-02-03