مع المفكر حسن حنفي و أزمة الحريات!
ماهي مشكلة العالم العربي و الإسلامي؟ و لماذا هو مُنْقَسِمٌ؟
و هل ستحقق أمريكا مشروعها المسيهودي؟
علجية عيش بتصرف
هل العيب فينا أم في الغرب ؟ و هل نحن كما يقول المفكر حسن حنفي شعوبٌ تراثية تهوى الحضارة و تعشق التاريخ و تعيش في الدين؟ من يلمس ثقافتها يحركها و يثيرها، فقد عرف حسن حنفي بمشروعه “التراث و التجديد”، فاهتم بالفلسفة، و أراد عن طريقها أن يسهم في نهضة الإسلام والمسلمين من خلال تقديم صياغة جديدة للإسلام، ما جعل كتاباته تتعرض للتحليل و النقد و السؤال : كيف السبيل لإستعادة حضارتنا الإسلامية المفقودة؟
يقول المفكر حسن حنفي أن العالم الإسلامي لم يشغل نفسه كما شغلنا في الوطن العربي بحوار الحضارات لا في ماليزيا ولا في إندونيسيا، لأن طموحهما الحضاري في التفوق الصناعي في إطار مشروع “النمور الأسيوية” ( فعل أكثر كلام أقل، و إبداع أكثر و نقل أقل)، فإيران مثلا قابلت حوار الحضارات بصدام الحضارات كرد فعل و ليس كفعل، حيث استطاعت أن تتفوق في السلاح النووي ، و من يملك السلاح اليوم يملك القوة، حتي في الهند و الصين لا يوجد حوار حضارات أو صراعها و لا حول العولمة و لا حول نهاية التاريخ، لأنهما مشغولتان بالتفوق الصناعي و السبق العلمي، و الاكتفاء الذاتي و تصدر فائضا في الإنتاج، و لذا يدعو حسن حنفي الباحثين إلى اتباع المنهج الأفضل و السليم و هو تحليل الخبرات الحيّة الفردية و الجماعية، الذاتية و المشتركة، من أجل وصف ماهية الحوار بين الحضارات و استرجاع التجارب القديمة عن طريق الذاكرة التاريخية و وصف التجارب المعاصرة، و هو ما يسمي بالمذهب الظاهرياتي في الغرب المعاصر، و هو مذهب يهتم بفهم كيفية إدراكنا للعالم من خلال خبراتنا الشخصية والذاتية، بدلاً من البحث عن حقائق موضوعية مجردة، و يُعتبر إدموند هوسرل المؤسس الرئيسي لهذا المذهب، كما تعتبر تجارب حوار الحضارات ردود أفعال بالرفض و المعارضة و الاستهجان الديني و الأخلاقي و السياسي و التاريخي عن مقال هانتنجتون بعنوان: “صدام الحضارات” ، استطاع هانتنجتون في مقاله أن يؤثر في الشعوب و هذا يعني إخفاء صراع المصالح و هي نوع جديد من الحرب الباردة بين الغرب و الشرق، من أجل حصار الشرق، أو بين الشمال و الجنوب من أجل نهب ثروات الجنوب ( النفط) .
كانت كلمة السرّ كما يقول حسن حنفي لقيام الحرب العالمية الثالثة، التي بدأت بشائرها في العدوان على أفغانستان ثم العراق و إيران، ثم سوريا و لبنان، ثم اليمن و السودان لتأتي السعودية و مصر في محاولة إجهاض احتمال ولادة قطب ثاني ضد القطب الواحد، ليبقي هذا القطب كنظام عالمي لا أحد وتكون له القوة و العزمة و الهيمنة يمارس نفوذه الثقافي والاقتصادي والعسكري و السياسي، و على مستوى العالم كله ، هي رسالة وجهها حسن حنفي لباحثين الذين يعتمدون على اسلوب العنعنة و هو بذلك يسأله متى تكتب متنك؟ و متى تؤلف نصّك؟ متى تبدع دون أن تكون شارحا ناقلا و مهمشا لإبداع الغير؟ نعم متى تأتي المبادرة التاريخية من العرب لا من الغرب؟ و متى يقضي العرب علي إحساسهم بالنقص أمام الأخر فيكون هو صاحب العمل او المشروع و ليس الغرب؟ ، و نحن بدورنا نتساءل اهي مشكلة العالم العربي و الإسلامي؟ و لماذا نحن متأخرين؟، أقول: إن الصين مثلا تشجع المبادرات و تدفع بمواطنيها إلى الإبداع و خوض التجربة، تعلم الطفل كيف يبدع و يصنع منذ الصغر حتى لو فشل المرة الأولى و الثانية، تعلمه كيف يصعد سُلَّمَ النجاح درجة درجة بثقة و أمل و عزيمة، و لا تشلُّ إرادته و عزيمته، توفر له إمكانيات التعلم و التمدرس، و لا تتركه يجوع أو يعرى ، حققت التفوق الصناعي و حافظت علي هويتها و ثقافتها و تراثها الديني، أما العربي فهو يمارس العنصرية، ينجح بالوساطة و يوظف بالوساطة و الرشوة و في إنجاز مشروع من مال الدولة، يعمل بمبدأ الاحتكار على العرب إذن أن يعترفوا بهزيمتهم و إفلاسهم الفكري و الحضاري، لأنهم لم يبنوا أوطانهم، لا يمكن للعالم العبي و الإسلامي أن ينهض و يعيد حضارته المفقودة و هو منقسمٌ بين سُنِّي و شيعي، و بين تيارات إسلامية متفرقة ، متناحرة و متصارعة ، فالأنظمة العربية تفرض هيمنتها على الشعوب و لا تسمح بأن تكون الأحزاب الإسلامية في الحكم ، مثلما حدث مع الإخوان المسلمون في مصر و جبهة الإنقاذ الإسلامية في الجزائر و مع راشد الغنوشي في تونس ، و لو اعترفت هذه الأنظمة بشرعية الأحزاب الإسلامية و حقها في إدارة شؤون البلاد بعد أن فازت في الانتخابات كما رأيناه في الجزائر لكانت حققت تفوقها الصناعي و مشروعها الحضاري في تلك المرحلة الدموية ، رغم مرور أكثر من ثلاثين سنة ، لكن الصراع من أجل التموقع حال دون تحقيق الهدف.
و لو وقفنا على ما ينجز من مشاريع فبعضها لا يشرف الجزائر التي هي قادرة على إنشاء مصانع كبرى لتوظيف الشباب من خريجي الجامعة و المعاهد، و لنقف على شوارعنا كلها محلات صغيرة ( بيتزيريات) و دور الثقافة مغلقة و بلا مدير، و تلاميذ يتعاطون المخدرات داخل المؤسسات التربوية و في الجامعات، فلماذا لا نعترف و نقول: ” العيب فينا و ليس في الغرب” ، لأننا تركنا الأخر يتحكم فينا، أصبحنا مستهلكين لا منتجين، نستورد القمح و الحليب و اللحوم و الأغنام و الدواء و حتي اللباس لنستر به عوراتنا و نتباهى به أمام الناس، و لنقارن بيننا و بين بلجيكا، كيف اهتمت بالبقرة ( الفلاحة) و سبّقتها على المحروقات، ذات يوم قرأت مقالا تحليليا لكاتب غير مسلم، اسمه “جوليو ميو” صحفي و مؤلف إيطالي حول مشروع الدولة الإسلامية في بلجيكا التي يسعى حزب الإسلام تأسيسها في أفاق 2030 ، و اعتمد هذا الصحفي على ما نشرته بعض الصحف الغربية، منها صحيفة لو فيغارو، التي قالت أن العاصمة الأوروبية بروكسل سوف تصبح مدينة إسلامية في غضون عشرين عاما، و ما نشرته كذلك مجلة كوزور الفرنسية Causeur، و عبروا عن تخوفهم من هذا الحزب الذي حقق نتائج مثيرة في انتخابات 2012 ، لدرجة أن الخبراء في الشؤون الإسلامية و من بينهم مايكل بريفو حذروا من حدوث انفجار في المجتمع البلجيكي من الداخل، بل ذهبوا إلى حد المطالبة بحظر الحزب، لأنه يشكل خطورة على عقيدة البلجيكيين، خاصة ما تعلق بمحاربة الاختلاط و السماح للفتيات ارتداء الحجاب داخل المؤسسات التربوية، و التوصل كذلك إلى اتفاق بشأن الأعياد الدينية الإسلامية، وفقا لدراسة مسحية أجراها عالم الاجتماع يان هيرتوجن ، فإن عدد المسلمين في بلجيكا يفوق عددهم اليوم 780 ألف مسلما حسب إحصائيات 2016 ، و يشكلون 07 بالمائة من مجموع السكان في بلجيكا.
هل ستحقق أمريكا مشروعها المسيهودي؟
إن أمريكا صاحبة المشروع العالمي تريد أن تكون كل الشعوب تحت سقف عقيدة واحدة هي: ” المسيهودية” أي لا هي ( أي الشعوب) مسيحية و لا هي يهودية، و قد آلت هذه “المسيهودية” كما يقول الدكتور طه جابر العُلواني من جامعة فرجينيا إلى ما يعرف اليوم في أمريكا بـ: الجودوكرستيان”، هي أمريكا التي ورثت عن الرومان و الإمبراطورية الرومانية فكرة تأسيس مجتمع عالمي بديلا عن عالمية أو مركزية الإمبراطورية الرومانية في ظل تعاليم المسيهودية، فأمريكا ترى أن الإسلام الذي أسس دولة هي دولة محمد النبي، أصبح ينافس الكنيسة التي أسست دولة هي الأخرى، و لأن الكنيسة لم تفلح في أن تجعل من دولتها دولة عالمية ، و فشلت محاولتها في السيطرة و الهيمنة و التخلص من الأديان كالإسلام، اندفعت لتغيير أنماط حياة الناس و ذهنياتهم، و تكسير بناهم الإجتماعية و الإقتصادية، أضحت تتخوف من وصول الإسلام إلى العالمية، و تعتبر الإسلام دين يهدد مصيرها و مستقبلها، إن أزمة الحريات في دول العالم كما يقول حسن حنفي هي سيطرة الدولة على المجتمع و هي تعرف متى و كيف تذله و تستعبده؟ فتجبره على الصمت، و الاستعباد عندما ترفع الأسعار في المواد الغذائية و تفتح المدال للمضاربات، هكذا ظلت شعوب العالم الإسلامي و بخاص العالم الثالث ، متخلفة عن الركب الحضاري و متأخرة في كل المجالات، حتى الإعتراف بحقوق الإنسان جاء متأخرا في العالم الثالث، ففي الغرب أعلن عن حقوق الإنسان في 1948م و في الجزائر (كمثال) في 1971م بعد أن قام الغرب بتفتيت المجتمع المسلم و دعوة المرأة المسلمة إلى التحرر فأغرق المجتمع المسلم في وحل الفساد و جرّه إلى الحروب الأهلية، أصبح المسلم يقتل اخاه المسلم و الغرب يتفرج و يضحك.
الجزائر
2025-07-04