معركة التصفيات في درعا: حان وقت القطاف!
عبير بسام.
بعد انتظار طويل يبدو أن القرار قد حسم بالنسبة للإرهابيين الذين ما زالوا يرتعون في محافظة درعا، وأنّ محافظة حوران الجميلة ستعود مجدداً وبشكل نهائي إلى كنف الدولة وأنّ القوة المسلحة الوحيدة التي ستبسط سلطتها على الأرض هي الجيش العربي والأمن السوريين. فمنذ منتصف العام 2019 تقريباً ابتدأت معركة الاغتيالات في درعا، وراح ضحية هذه العمليات عدد من رواد المصالحات في المحافظة من مختلف المدن والبلدات، وضباط وعناصر في الجيش والمخابرات السورية. ولكن البدء بعمليات الاغتيال والهجوم على نقاط الجيش العربي السوري بات يستدعي حلًا جذريًا.
كان من المنتظر أن يكون الروسي هو راعي المصالحات والضامن الوحيد في ثلاث مناطق لخفض التصعيد ألا وهي: مدينة بصرى الشام وبلدة طفس ودرعا البلد. والأخيرة هي الجزء القديم من مدينة درعا والتي انطلقت منها المظاهرات والمشاغبات، وكلنا نتذكر الجامع العمري، الذي تمركز في مئذنته القناصون الأوائل الذين ابتدؤوا بقنص جنود الجيش السوري منذ بداية الأحداث في آذار العام 2011. وبحسب ما تحدث به أهل المدينة في العام 2012 فقد كان من بينهم قناصون أجانب.
وأما بصرى الشام، وطفس، فلكل من البلدتين واقعها الخاص، حيث انطلقت في أواخر السنة الماضية تقريبًا من بصرى الشام العمليات الإرهابية ضد أهالي السويداء وقد قتل وقتها بعض الشباب والرجال من المحافظة وهم متوجهون لأعمالهم وخاصة في الحقول. وارتفعت الأصوات في السويداء وطالبت بحضور الجيش حيث تمركز في نقاط معينة في المحافظة، وتم ضبط الوضع ووقف الهجمات الإرهابية.
وفي طفس تتمركز عناصر قديمة من “النصرة” ومن المفترض أن يكون هؤلاء جزءًا من المصالحات التي رعاها الروسي، ولكن طفس وللأسف كانت مرتعًا للإرهابيين الذين كانوا يقومون بعمليات الاغتيال ومهاجمة نقاط الجيش العربي السوري، وكانوا يهربون بعد تنفيذ عملياتهم إلى داخل البلدة، كما كان البعض يتسللون عبر قرية جلين الحدودية من وإلى فلسطين المحتلة، ويلجؤون إلى العدو الصهيوني لحمايتهم، حتى تهدأ الأمور قبل أن يتم التحضير لعمليات اغتيال أخرى. وبحسب مصدر لـ”العهد” فإن هناك بقايا خلايا داعشية في ريف درعا الغربي وهي مرتبطة بالعدو الصهيوني بشكل مباشر. أما باقي الإرهابيين فهم على تواصل مع الاستخبارات الأردنية.
طفس هي البلدة الوحيدة بين البلدات الثلاث والتي تقع في ريف درعا الغربي، ويعد ريف درعا الغربي على صلة مباشرة بفلسطين عبر الأراضي السورية المحتلة في الحمة والجولان المحتلين، وبالأردن عبر وادي اليرموك في الغرب. هذا مع العلم أنّه لا توجد ممرات نظامية من الريف الغربي في درعا إلى الأردن، وأن الممر الوحيد هو عبر مركز درعا وجابر الحدوديين.
إذًا طفس تكتسب أهمية خاصة لكونها في قلب الريف الغربي. وليس هناك جواب واضح حول الطلب الروسي بتحديد مناطق خفض التصعيد الثلاث حتى اليوم. ولكن قد يعود سبب ذلك لطلب من المجموعات الإرهابية التي يفترض أنها تصالحت مع الدولة السورية، أو بطلب من جهة أخرى غريبة… وفي كل الأحوال فإن المتصالحين من الإرهابيين ما يزالون يحتفظون بسلاحهم الفردي، ويعدون خطراً على أمن المدنيين والعسكريين الذين يرابطون على طول الحدود في وادي اليرموك.
في 25 كانون الثاني/ يناير، يوم الإثنين، كان هناك اجتماع ضم ضباطًا من الجيش السوري واللجنة الأمنية ووجهاء مدينة طفس بحضور روسي، وأبلغت فيها قيادة الجيش، الممثلة بضباط من الفرقة الرابعة، فرقة الاقتحام، الوجهاء إما بأن يقوموا بتسليم الإرهابيين في البلدة لترحيلهم، وفي الغالب إلى إدلب، أو أنّ الجيش سيدخل ضمن عملية عسكرية لإعادة تأمين البلدة والتخلص من الإرهابيين فيها وجمع السلاح. وحدد الجيش مهلة لتسليم الإرهابيين والسلاح تنتهي يوم الخميس، أي بعد غد. وتقول المصادر الخاصة أن الشرطة الروسية هددت باستخدام الطيران، مع العلم أن مصدرا صحفياً خاصاً ومن خارج البلاد كان قد نبه أن اسرائيل تهدد بأنّها ستقوم بقصف الجيش السوري في حال ابتدأ الهجوم على طفس.
وقالت مصادر “العهد” إن “الدولة السورية تفضل تسليم الإرهابيين بشكل سلمي، ودخول البلدة وتأمينها من السلاح دون الحاجة الى القصف”. ويشكو العديد من أهالي طفس الذين استشهد أبناؤهم وهم يحاربون في صفوف الجيش السوري ضد الإرهاب على طول الأرض السورية، من أنهم لا يستطيعون وضع صور أبنائهم خوفًا من الإرهابيين، كما لا يتمكنون من رؤية أبنائهم الذين يخدمون في صفوف الجيش.
توقيت العملية اليوم قد تكون له أسباب لوجستية يحددها طابع المعركة وأولويات الجيش السوري والقيادة السورية بالتأكيد، لا سيما مع إعادة إطلاق خلايا “داعش” في غربي الفرات وقيامها بعمليات إرهابية أودت بحياة شهداء من الجيش السوري ومن الاختصاصيين والمهندسين والتقنيين الذين يقومون بإعادة تأهيل البنى التحتية.
بناء على ما سبق يمكن القراءة وبوضوح، أن ما سيجري من عمليات تنظيف وإغلاق لمنابع الإرهاب في طفس، لا بد سينسحب على درعا البلد وبصرى الشام، والتمهيد لإعادة أهالي الأخيرة إليها. وعملية التنظيف هذه تدل على أنّ سوريا تستعد لمواجهات في شرق الفرات، وأنّه حان أوان تجفيف منابع خلايا “داعش” وغيرها النائمة في جنوب البلاد، ليستعد الجيش لمعارك الشمال التي حانت استحقاقاتها.
2021-01-27