مصر ترسل جيشاً الى الصومال!
اضحوي جفال محمد*
حطت في مطار مقاديشو طائرات نقل مصرية تحمل عتاداً وجنوداً. وفي نفس الوقت ابلغت مصر مجلس الامن بأنها ستدافع عن مصالحها بكل الوسائل. وردّت اثيوبيا باقفال بوابات سد النهضة استعداداً لملء جديد، وحركت قوات الى الحدود الصومالية.
القصة وما فيها ان اثيوبيا اتفقت مع اقليم (ارض الصومال) المنفصل عملياً ان يعطيها منفذاً على البحر مقابل اعترافها به دولة مستقلة. فأثار ذلك غضب الحكومة الصومالية الشرعية واتجهت الى مصر للحصول على دعمها امام هذا التجاوز الخطير على ارضها. وقد وقع الطرفان، المصري والصومالي، اتفاقية دفاع مشترك أرسلت بموجبها مصر هذه القوات الى الصومال.
في الصومال الان قوات تركية وقوات افريقية لحفظ السلام يشكل الاثيوبيون عمودها الفقري اضافة الى قوات اثيوبية اخرى لمحاربة حركة الشباب (القاعدة). تركيا ارسلت قوات لدعم الصومال منذ سنوات وفقاً لاتفاق حصلت بموجبه على قاعدة عسكرية. لكنها غير مستعدة للاصطدام بأثيوبيا لأكثر من سبب، بينها التماثل في الحالتين التركية والاثيوبية في التصرف بمياه الانهار. فالتجربة الاثيوبية في قطع مياه النيل عن السودان ومصر استنساخ لقطع تركيا مياه الفراتين عن سوريا والعراق. وعلى هذا الاساس تجد تركيا نفسها في ذات الخندق الاثيوبي من منظور القانون الدولي وما يترتب عليه من تطورات سياسية.
الصومال طلبت من الاتحاد الافريقي سحب القوات الاثيوبية من اراضيها. وقد تنسحب من صفة حفظ السلام وتبقى اذا لزم الامر بصفتها الاثيوبية الخالصة.
اثيوبيا امبراطورية عملاقة من اكبر وأعرق الدول الافريقية، تدافع عن مصالحها الجيوسياسية، واهمها ضرورة الحصول على منفذ بحري يخرجها من وضع الدولة الحبيسة. فاتفقت مع ارض الصومال على شريط بعرض عشرين كيلومتراً على خليج عدن تبني فيه ميناءً وقاعدة عسكرية.
تواجه اثيوبيا مشاكل عويصة في مجالي الاقتصاد وتمردات الاقوام المختلفين من شعبها غير المتجانس. لكنها من جهة اخرى لا ترى أمامها احداً في هذه المرحلة من التاريخ. فمصر التي تعتبر اهم واقوى دولة في شرق افريقيا محكومة بعملاء ليسوا في وارد الدفاع عن مصالح شعبهم. لقد انشأت اثيوبيا سد النهضة على بُعد عشرة كيلومترات فقط عن الحدود السودانية تعبيراً عن مدى احتقارها للعرب المتضررين من هذا السد. فهم يستطيعون تدميره بالهاونات، لكن هيهات.. فأثيوبيا مطمئنة لمقدار ضعفهم وعمالتهم. كل ما عمله السيسي عندما شرعت اثيوبيا بانجاز السد ان استقبل الرئيس الاثيوبي آبي أحمد وقال له امام الصحفيين: قل والله العظيم انك لن تضر الشعب المصري! فقال آبي أحمد: والله العظيم لن اضر الشعب المصري. وهكذا إعتُبرت المشكلة منتهية.
تحظى اثيوبيا بدعم واسع من روسيا وامريكا والصين، ومن اسرائيل، ومن بعض الخليجيين. وفي تقديري ان السعودية سوف تتواطأ مع اثيوبيا في حصولها على منفذ بحري، وعندذاك تصبح اثيوبيا قوة بحرية مهيمنة في باب المندب وما حوله، فتُرزق السعودية بشرطي للبحر الاحمر يضاف الى شرطي الخليج الايراني، وتحصل على كل ما يليق بها من اذلال هنا وهناك. اما مصر فلن تفعل شيئاً سوى الجعجعة في الاعلام شهوراً ثم السكوت.
تاريخياً لم تربح مصر اي معركة مع اثيوبيا. خسرت الحرب في عز قوتها اثناء حكم الخديوي اسماعيل فهل تنتصر في عهد السيسي؟. يستحيل. يبقى ان تلطف بها الاقدار وتنفجر صراعات القوميات في اثيوبيا، وحتى في هذه الحالة أشك في ان يتجرأ السيسي على دعم حركات التمرد الكثيرة.
( اضحوي _ 1857 )
2024-09-05