” مشروع غزة الكبرى “!

رنا علوان
هو مشروع قديم سبق أن طرحه مستشار الأمن القومي للعدو الإسرائيلي ( آنذاك جيورا آيلاند عام 2004 ) ، وهو إقامة [دولة غزة الكبرى] ، بحيث تقتطع مساحة من غزة للعدو الصهيوني ، وتُضم مساحة من سيناء لغزة
ووفقًا لمشروع آيلاند ، فإن القطاع بحاجة إلى أن تزيد مساحته بواقع ثلاثة أضعاف واقترح ضم 600 كيلومتر مربع من سيناء للقطاع
ويهدف هذا المشروع ، الذي يقتضي أيضًا تقليص مساحة قطاع غزة من جهة الشرق ، إلى إيجاد منطقة عازلة تفصل بين حدود القطاع والبلدات والمستوطنات الإسرائيلية القريبة منه لتوفير المزيد من الأمن لهذه البلدات
ولعل هذا المخطط لا يهدف إلى حل مشكلة الديموغرافيا فقط بل هو مشروع اكبر يهدف الى [ تهجير كامل لأهالي غزة إلى مصر ، يتبعه تهجير كامل لأهالي الضفة الغربية إلى الأردن ، ومن هنا يبدأ “تحقيق هدف يهودية الدولة الإسرائيلية من النهر إلى البحر بحيث تكون خالصة لليهود”
وازاء ذلك تصاعدت التحذيرات بشكل كبير بعد أن أكد وزير خارجية العدو الإسرائيلي ( إيلي كوهين ) لإذاعة جيش العدو قبل أيام أنه “في نهاية هذه الحرب ، لن يتم القضاء على حماس في غزة فحسب ، بل سيتم تقليص مساحة غزة أيضًا”
لا سيما بعدما أظهر هجوم حركة حماس على المستوطنات الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة في السابع من أكتوبر والذي أسفر عن مقتل نحو 1400 إسرائيلي وأسر ما بين 200-250 آخرين ، ثغرة تتعلق بالمساحات الجغرافية ، حيث وصل مقاتلو الحركة إلى نحو 10 كيلومترات من الضفة الغربية
وتجدر الإشارة إلى أنه وفقًا لمشروع ايلاند ، فلقد اقترح تعويض مصر بمساحة 200 كيلومتر مربع من صحراء النقب شمال غرب مدينة إيلات ، بحيث تُساهم هذه المنطقة في الربط بين مصر والأردن وتحقيق منافع اقتصادية للبلدين ودول الخليج عبر إيجاد ممر إلى البحر المتوسط لتصدير النفط إلى أوروبا
وفي السابق كثر الحديث أيضًا ، عن حلولٍ سياسيةٍ قادمة ، تقوم على توسيع مساحة قطاع غزة غربًا ، بإتجاه الأراضي المصرية الحدودية ، ضمن ما يُعرف ب«صفقة القرن» ، بالرغم من النّفي الأمريكي الذي جاء على لسان المبعوث الأمريكي جيسون «جرينبلات» لأيّ تمددٍ وتوسيعٍ لحدود قطاع غزة على حساب الأراضي المصرية أو بالاتفاق معها
الغريب أنّه خلال فترةٍ وجيزة كانت قدّ أصدرت أكثر من جهةٍ إعلاميةٍ تقاريرًا عنّ خططٍ وُضعت لضمّ مساحاتٍ من أراضي سيناء إلى قطاع غزة ، وقدّ نُشرت خرائط متنوّعة لصورة القطاع في المرحلة القادمة ، واشتركت جميع تلك الخرائط بتمدّد مساحة قطاع غزة إلى المنطقة المحصورة ما بين رفح المصرية والعريش
فما كان من مصر الا ان تقطرح بدورها ( فتح صحراء النقب للغزيين بدلًا من سيناء ) من باب إلقاء الكرة في ملعب الإسرائيليين ليس أكثر”
في حين كان قد حذر كل من الرئيس المصري والفلسطيني في تصريحات سابقة من مخطط للعدو الإسرائيلي يفضي بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة المكتظ بالسكان ، حيث يعيش 2.3 مليون نسمة تقريبًا على مساحة 365 كيلومترًا مربعًا من الأرض ، إلى سيناء
كما ان مثل ذلك يشكل خطورة شديدة على الكيان الصهيوني الغاصب ، إذ إن وجود اتصال بري بين الضفة والقطاع يعني عزل وسط إسرائيل وجنوبها عن باقي الأراضي ، وإجبار القوات الإسرائيلية على العمل في ظروف صعبة للغاية وجرها لقتالٍ دامٍ داخل المدن المكتظة على الأراضي التي قامت عليها إسرائيل في 1948
لذلك نجد ان هذا المخطط سبقه عدة مبادرات دولية
1-مبادرة غزة عام 1949 : وطُرحت من جانب الولايات المتحدة بالتعاون مع بريطانيا ، تقضي بتوسيع غزة في مناطق النقب ، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إليها ، لكنّها رُفضت من قِبل الاحتلال ، لأنّها كانت تشترط عودة 150 ألف لاجئ فلسطيني إلى الأرض المحتلة عام 1948 من جهة، وتوسيع قطاع غزة شرقًا في صحراء النقب
الأمر الذي رأى فيه «بن غوريون» و«موشي شاريت» وزير الخارجية الصهيوني آنذاك خطرًا على كيان الاحتلال ، وسيؤدي إلى سيطرة العرب على النقب وميناء «إيلات» الحيوي ، كما أن الاحتلال لا يمكنه أن يمنح الدول العربية تنازلاتٍ إقليمية لمّ ينجحوا في الحصول عليها بطريقة الحرب ، لذلك أُجهضت الفكرة في مهدها ، ولم يمرّ عام1949 حتّى تخلّت الولايات المتحدة عنّ المبادرة
2-مبادرة التوطين 1953 : وتمّ الاتفاق عليها بين الرئيس المصري جمال عبد الناصر ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» في 14 تشرين الأول 1953، والتي يُقضى بموجبها أنّ تقدّم الحكومة المصرية 230 ألف فدان من الأراضي الصحراوية بهدف خدمة اللاجئين في قطاع غزة في مجالات الاسكان والزراعة والتطوير ، بحيث يتمّ نقل 59500 ألف نسمة لهذا الغرض في المرحلة الأولى ، ويُمكن نقل 85000 نسمة لاحقًا ، لكن هذا المشروع أُجهض أيضًا نتيجة الموقف الشعبي الفلسطيني الرافض له
3-مشروع جونسون : وهو لم يتمّ مناقشته بصورةٍ معمّقة كما هو الحال بالنسبة للمشاريع السابقة ، واقتصر الأمر على نقاشٍ بين الحكومة المصرية ووفدٍ أمريكي أرسله الرئيس «جونسون» في مطلع الستينات من القرن الماضي بهدف إعمار شمال سيناء وتوطين اللاجئين الفلسطينيين هناك
تلى فشل هذه المشاريع ، محاولة اخر على شكل مبادرات وكان ابرزها
1-مبادرة إيجال آلون 1967 : التي جاءت بعد احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967 ، وقدّ طرحت المبادرة فكرة توطين اللاجئين من سكان قطاع غزة في شمال سيناء ضمن خطة عُرفت باسم مشروع «إيجال آلون» ، من دون النظر إلى قبول مصر أو رفضها للمشروع نظرًا لسيطرة الاحتلال على سيناء
2- مبادرة شارون 1971 : وهي عبارة عن مشروع غير متكامل ، لأنّه لمّ يُقدم رؤيةً سياسية حول الموضوع، [ فقط بأن يتمّ نقل آلافٍ منّ الأسر الفلسطينية بعد هدم منازلهم في قطاع غزة ، ضمن خططٍ أمنية لفرض السيطرة التامة]
3- مبادرة غيورا إيلاند : وهو المشروع السالف ذكره اعلاه
4- مبادرة نتانياهو 2010 : التي كَشف عنها الرئيس المصري السابق حسني مبارك خلال لقاءٍ صحفي ، وادّعى أن رئيس الوزراء الصهيوني نتانياهو قدّ عرض عليه الفكرة عام 2010 خلال زيارته للقاهرة ، والذي دعا في حينها إلى منح الفلسطينيين أراضي من سيناء ليقيموا عليها دولتهم ، لكنّ الرئيس مبارك رفض في وقتها الفكرة ورفض الحديث في القضية برمتها
5- مبادرة هيشوع بن آرية 2013 : الرئيس السابق للجامعة العبرية والذي دعا في خطّته إلى تبادل الأراضي بين مصر والاحتلال وفلسطين ، على أنّ تتنازل مصر عن أراضي لنقل السكان اللاجئين من قطاع غزة إلى المنطقة الواقعة بين رفح حتى العريش ، وأنّ تحصل مصر على أراضي مماثلة في صحراء النقب، في المقابل يحصل الاحتلال على ما يقارب 40-60% من مساحة الضفة الغربية
ختامًا ، نجد كيف ان كل شيء يتم التخطيط له مسبقًا ، وكيف يمر بمراحل ( فشل واعادة محاولة من جديد ) حتى ان ينجح ، لكن كل هذا هو محض غباء ، بدءًا من فكرة مضمون المخططات والمبادرة لاسباب عديدة جدًا ، ابسطها [ من الناحية الجيو-استراتيجية فإنّ تمدّد قطاع غزة يُضيف تحدياتٍ على الأمن الصهيوني منّ جهة القدرة على السيطرة والمراقبة
فالاحتلال عجز خلال مواجهاته ، في الحروب الثلاث الأخيرة ، مع قطاع غزة في تحديد مواقع إطلاق الصواريخ ، بالرغم منّ صغر مساحة القطاع الجغرافية ، فكيف به أنّ يُراقب القطاع عندما تتمدّد مساحته لتصل إلى 1000كم² أو أكثر من ذلك كما تشير الخرائط ؟!؟!]
وصولاً الى استحالة التوقف عن عمل المقاومة والمواجهة ، هذا شعب لا يعرف الخنوع ، ويرفض التنازل عن ارضه المتجزر بها لصالح غاصب مجرم
2023-11-06