متى يرفع حزب الله وتيرة انخراطه الإستراتيجي بالمعركة ؟؟
كتب ناجي صفا
كمية كبيرة من الأسئلة يطرحها المواطنون وبعض النخب ، عنوانها لماذا لم ينخرط حزب الله حتى الآن بشكل اعلى حتى الآن في المعركة .
عناصر الإجابة على هذا السؤال متعددة .
اولا ان حزب الله منخرط في المعركة منذ اليوم الاول وبوتيرة متصاعدة ويلحق بالعدو خسائر فادحة . .
بداية ينبغي القول قبل الإجابة القاطعة على هذا السؤال هو اننا نتمزق غيظا جراء ما يجري في غزة ، واجزم ان حزب الله ايضا يتمزق غيظا بسبب الضوابط التي تحول دون انخراطه بشكل اعلى مما هو الحال ، لكنه يأخذ بعين الإعتبار بعض الحسابات الحساسة التي تحول دون ذلك ويعمل على تجنبها منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري عام ٢٠٠٥ .
صحيح ان الساحات العربية امتلأت بالجماهير العربية التي صرخت بصوت عال ضد الإجرام الحاصل بحق الشعب الفلسطيني ، لكن الحقيقة وما ينبغي مقاربته بشفافية هو إن الموقف الرسمي العربي كان مخزيا ، اذ تنطحت ٩ دول عربية للدفاع عن اسرائيل داخل مؤتمر القمة العربية والإسلامية ، ورفضت اتخاذ اي خطوة جدية لوقف هذه المجزرة ، وتبين ان بعض الدول تنسق تحت الطاولة مع اسرائيل ، وان هذه الدول لن تتورع عن الذهاب الى فتنة طائفية تحت عنوان ان ما يجري هي معركة الشيعة ومعركة ايران .
كان لذلك انعكاسا مباشرا على تحفظ حزب الله في الآندفاع اكثر نحو رفع الوتيرة بشكل اعلى وامكانية تحولها الى حرب اقليمية تعطي الفرصة لهؤلاء في تحميل حزب الله المسؤولية عنها ، وربما تذهب الى حرب مذهبية سنية – شيعية لا يريدها حزب الله .
من بشائر ذلك ان الشارع العربي قد خفت وتيرته جراء مجموعة خطوات اتخذتها بعض الانظمة ، منها القمع ومنع التظاهر وصولا الى الإعتقال حتى لمجرد تغريدة على الفيس بوك او تويتر او ما شابه من وسائل التواصل الإجتماعي .
الملفت ان الحراك الشعبي بقي مجرد ظاهرة صوتية محصورة ، ودون ان يتمكن من ترجمة حراكه الى فعل ميداني، او احداث اي تأثير على قرارات النظام الرسمي العربي، حتى ان وتيرة الشارع الغربي باتت اعلى من وتيرة الشارع العربي . واستطاع النظام الرسمي العربي احتواء حركة الشارع ، سواء بالترهيب والقمع احيانا ، او بالإعلام المناهض احيانا اخرى ، وسلط بعض النخب ورجال الدين للترويج لموقف معاد للفلسطينيين ، وبلغ الامر ببعض هؤلاء للترويج لمنتوجات اجنبية بوجه دعوات المقاطعة .
لا يمكن لحزب الله ان لا يأخذ هذه المعطيات بعين الإعتبار ، لا سيما ان بعض الدول التسع كان قد عمل بعضها على الفتنة المذهبية طيلة عشرية الدم في سوريا وما سمي بالبريع العربي وجند المنظمات تحت هذا العنوان ، ولن يتوانى عن تكرار التجربة بدعم اميركي .
لن تتورع هذه الدول عن إثارة حرب مذهبية. جديدة تحت عنوان انها معركة الشيعة ومعركة الهلال الشيعي التي قد طرحها الملك الاردني، وان هذه المعركة تخاض لمصلحة ايران .
الشعوب العربية هي المعني الاول في افشال هذه المؤامرة ، ليس فقط من خلال النزول الى الشارع ، وانما من خلال البقاء في الشارع ليلا نهارا ، وتصويب البوصلة الى فعل ميداني بما يتجاوز الظاهرة الصوتية ، باقتحام السفارات الإسرائيلية والاميركية في الدول العربية ، والسيطرة عليها ، ما يشعر الاميركي والإسرائيلي بالجدية ،وانهما سيدفعان ثمنا غاليا لقاء المجازر التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني .
الحضور الشعبي الدائم في الشارع من شأنه ان يسقط مؤامرة أخذ المعركة لأبعاد مذهبية وطائفية ، ويثبت ان الشعب العربي بكافة طوائفه ومذاهبه موحدا في مواجهة العدوان ، اذ ذاك سيشعر حزب الله بوحدة الموقف العربي والإسلامي، وبسقوط مؤامرة الفتنة التي يمكن ان يعمل عليها البعض مدعوما بماكينة الإعلام الاميركي وادواته ، عند ذلك سيجد حزب الله نفسه مجبرا على رفع وتيرة تدخله الإستراتيجي ، لأنه سيكون مطمئنا الى عدم نجاح المؤامرة واحداث الفتنة السنية الشيعية .
لا شك ان حزب الله يتصرف بحكمة عالية حتى الآن ، رغم انه منخرط بالمعركة منذ اليوم الاول وبوتيرة متدرجة في التصعيد، ويكبد العدو خسائر فادحة ، ويحجز ثلث الجيش الإسرائيلي من النخبة في شمال فلسطين ، ويحجز ٩٠ % من الطيران الحربي الإسرائيلي باعتراف العدو نفسه لمواجهة الوضع في الجنوب اللبناني احتسابا لتدحرج الامور .
لقد اعلن حزب الله رغم كل شيء ثوابته بمنع سقوط غزة ، ومنع كسر المقاومة مهما كلف الامر ، تحت طائلة تدحرج الامور التي وصفها سماحة السيد بأنها مفتوحة على التدحرج ، وانه لن يكتفي بالقدر الذي يقوم به الآن على أهميته .
من المؤكد ان حزب الله سيرفع من وتيرة تدخله لكنه يريد ان يطمئن الى سلامة الواقع العربي والعجز عن انتاج فتنة مذهبية يجهد منذ سنوات لعدم وقوعها .
2023-11-21