متغيرات ما بعد التغيير!
عمار يزلي
تتجه الأحداث القادمة، لاسيما بداية من شهر يناير، نحو معادلات جديدة فرضها الواقع الجديد في الشرق الأوسط والعالم، وفي الجزائر ومحيطها المغاربي الإفريقي: وقائع جديدة فرضتها معادلة المقاومة في لبنان ورضوخ الكيان للقرار 1701، من دون زيادة ولا شروط إضافية: فرض منطق المقاومة وخرج لبنان منتصرا رغم الدمار والخراب، وفشل المخطط الذي كان يراد به إنهاء وجود المقاومة في لبنان، عسكريّا وسياسيّا تمهيدا لخطوات لاحقة تجاه دول الجوار في سوريا والعراق والأردن وما يليها.
سقط كل شيء، في انتظار 9 يناير وانتخاب رئيس للجمهورية، وسدّ الفراغ الدستوري في هذا البلد، محل أطماع الجميع. رئيس لن يكون إلا توافقيا، على خلاف ما كانت تهدف الإدارات الغربية والكيان: رئيس يقوم بما لم تحقِّقه بالقوة، وهو تهميش دور المقاومة في البلد وتعطيل المقاومة خدمة للأجندة الصهيونية. فشل كل ذلك، وبقيت المقاومة صامدة محتفظة بقوتها البشرية والمادية وحاضنتها الاجتماعية، في انتظار مرور الشهرين من قرار وقف إطلاق النار، إن لم تحدث خروق لا يُعتقد أنها ستكون فارقة، خاصة وأن الكيان هو من استجدى أمريكا للتوصُّل إلى هذه الهدنة ريثما يعيد الكيان “إنعاش جيشه المتهالك” واقتصاده المتضعضع جراء 14 شهرا من العدوان والتجنيد وإفراغ مخازن العتاد والسلاح فوق رؤوس سكان غزة ولبنان.
غزة، ستكون الآن، هي مرمى التهديف، والتحضير لما بعد تنصيب الإدارة الجديدة في البيت الأبيض في 20 جانفي القادم. سندخل مجال الحديث عن الصفقات من جديد، وبيع الوهم والمناقصات الدولية بشأن قضية فلسطين بشكل عامّ ومسألة حل الدولتين والضفة والقطاع، ومن يحكم من ومن لا يحكم، أو ما يُسمَّى “اليوم الموالي”، لكن غزة ستكون القضية رقم واحد حتى قبل الحرب الروسية الأوكرانية.
الحركة عادت لتدبَّ من جديد بعد الضغوط ضد حماس إلى درجة أنها هدِّدت أمريكيًّا، حتى في وجود مكتبها السياسي بقطر، بعد أن رفضت “نصف الصفقة” وأنصاف الحلول، بل أن حماس ستعيد فرض شروطها من جديد: إدخال ضامن آخر، وهو تركيا، التي طالما رفضها الكيان. تركيا التي بفضل وجود بعض قادة حماس على أرضها وفي قطر، ستدخل على الخط في أيِّ تسوية أو صفقة محتملة مع مجيء ترمب، وقد بدأت الاتصالات من جديد بين مصر وقطر وتركيا من جهة والولايات المتحدة والكيان من جهة ثانية، طمعا في إيجاد حل والوصول إلى صفقة وقف إطلاق النار وتحرير الأسرى والمعتقلين، تكون المقاومة اللبنانية قد ساهمت فيها بقوة.
أمام كلِّ هذه التحولات، فرنسا تريد أن تدخل لاعبا من جديد في لبنان من خلال لجنة المراقبة بعد أن رفض الكيان ذلك بسبب الحرب الكلامية بين رئيس وزرائه والرئيس الفرنسي. حرب كلامية لا معنى لها، إذا كانت فرنسا هي من ساعدت الكيان على مرِّ التاريخ والنشأة، ككيان مغتصِب للأرض وكقوة نووية مارقة بالمنطقة، كانت فرنسا وعلماؤها هم من طوَّروا برنامج ديمونا بعد تجارب رقان وعين إيكر في جنوب الجزائر.
فرنسا والكيان لا يزالان يعملان سرا وعلانية على تقويض المشروع النهضوي لكل البلدان الرافضة للهيمنة في الشرق الأوسط والمغرب العربي ومنها الجزائر. إنها تعمل اليوم عبر قوّتها الناعمة والخشنة، وخلاياها النائمة على تقويض التغير في الجزائر، هي الخاسرة فيه: تنسيق ثلاثي الأبعاد: مغربي صهيوني فرنسي، لاسيما الدولة العميقة اليمينية. فرنسا التي تشعر أنها قد بدأت تنهار اقتصاديا وأمنيا واجتماعيا ودوليا في مستعمراتها الإفريقية ومنها المغرب، تبحث عن ذرائع للفوز بإرث الملك المريض.
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة تعبّر عن رأي صاحبها حصراً
2024-11-30