متابعات، نشرة أسبوعية – العدد التّسعون، بتاريخ الواحد والعشرين من أيلول/سبتمبر 2024!
الطاهر المعز
يتضمّن العدد التّسعون من نشرة “متابعات” الأسبوعية فقرات بعنوان في جبهة الأعداء وتتعلق بالدعم المُطلق للكيان الصهيوني من قِبَل حكومة حزب العمل البريطاني، كما حزب المحافظين من قَبْلِهِ، وفقرة عن قرار جريء اتخدته الحكومة العسكرية في النّيجر، لتيسير استفادة المواطنين من الرعاية الصحية، وفقرة عن إضراب عمال أكبر منجم للنحاس في تشيلي وفقرة عن إضراب عمال شركة بوينغ في الولايات المتحدة، وفقرة عن تقليص الحريات في ألمانيا وفقرة عن التزامات كامالا هاريس بدعم الكيان الصهيوني…
في جبهة الأعداء – التواجد العسكري الأمريكي في “الشرق الأوسط”
تُشكّل الأسلحة الأمريكية أكثر من 80% من مُعدّات الجيش الصهيوني الذي يشتري معظمها – أو كلّها – بما يتلقاه من مساعدات عسكرية أمريكية أو بأسعار منخفضة، وتلقّى الكيان الصّهيوني نحو 310 مليارات دولار من المساعدات الأميركية المُعْلَنَة رسْمِيًّا، بين سَنَتَيْ 1948 و 2022، بحسب الموقع الرسمي للمساعدات الخارجية الأميركية، بمعدّل يفوق أربع مليارات دولار سنويا، أو حوالي 18% من الميزانية العسكرية السنوية للعدو، ولا تتضمن هذه الأرقام الأسلحة التي يحصل عليها الجيش الصهيوني من مخازن الجيش الأمريكي بفلسطين المحتلة أو من القواعد في تركيا أو اليونان أو قُبْرص وغيرها، ولا تتضمّن 10 مليارات دولار من مساهمات الولايات المتحدة في تطوير أنظمة الصواريخ المعروفة بالقبة الحديدية، لتكون بذلك دولة الإحتلال أكبر متلقّية للمساعدات الأميركية، وفق “خدمة أبحاث الكونغرس الأميركي” التي تؤكّد إن ثلاثة أرباع الدعم الأمريكي هو دعم عسكري مباشر ويُشكل الدّعم الإقتصادي حوالي 25% من الدّعم المباشر، فضلا عن الإعفاء من الرسوم الجمركية والحوافز والقروض الحكومية بدون فائض والتّبرّعات، والاقتراض من المصارف الأميركية بأسعار فائدة منخفضة عن سعر السوق، وحث المؤسسات على شراء السندات الصهيونية، بالإضافة إلى الدّعم الأمريكي المباشر لقطاعات البحث العلمي والتكنولوجي وتصنيع الأسلحة والذّخائر وقطع غيار السلاح، وأقَرّ الكونغرس الأمريكي سنة 2008، مفهوم «التفوّق العسكري النوعي» الصهيوني أي ضمان قدرة الكيان الصهيوني على هزيمة جيوش الدّول العربية مجتمعة، ولذلك حصل الجيش الصهيوني على طائرات إف – 35 قبل جيوش الدّول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، وشكّل الدّعم العسكري للكيان الصهيوني، سنتَيْ 2021 و 2022، أي قبل عُدوان تشرين الأول/اكتوبر 2023، قرابة 60% من إجمالي “المساعدات” العسكرية الأمريكية لدول العالم.
ارتفع حجم الدّعم الأوروبي والأمريكي إثْر كل عدوان صهيوني على الشعوب والأوطان العربية، وتجلّى الدّعم الأمريكي والألماني والأوروبي بشكل واضح منذ عدوان السابع من تشرين الأول/اكتوبر، فقد أقرّت الولايات المتحدة مُساعدات عسكرية إضافية بقيمة 26 مليار دولارا مُعْلَنَة، لاستكمال عملية إبادة الفلسطينيين في غزّة، ثم الضّفّة الغربية، بمشاركة مالية وعسكرية أمريكية مباشرة، فضلا عن الدّعم اللوجيستي والإستخباراتي والدّبلوماسي والإعلامي لأي عدوان صهيوني على الشعب الفلسطيني وعلى الشعوب العربية، وتحرّكت الأساطيل الأمريكية في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر حيث توجد قواعد عديدة، لردع أي طرف يدعم المقاومة الفلسطينية قصف المقاومة في اليمن، فضلا عن شحنات الأسلحة التي يتسلمها الجيش الصهيوني بشكل يومي منذ السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023، ومن بينها صواريخ أرض-جو، وصواريخ موجهة بالليزر، وصواريخ خارقة للتحصينات والأنفاق، وذخائر مُسَيَّرَة ومُجهزة بكاميرا، ومركبات وبنادق، وأجهزة استشعار تعمل بالأشعة تحت الحمراء وقذائف مُعدّة لتدمير المناطق السّكنية وفق وكالة بلومبرغ ووفق رسالة احتجاج وجّهتها ثلاثون منظمة إلى وزير الحرب الأميركي “لويد أوستن”…
أوردت وسائل الإعلام الأمريكية أخبارًا عن زيادة عدد السفن والطائرات والجنود الأميركيين المنتشرين في المشرق العربي، منذ عدوان تشرين الأول/اكتوبر 2023، وعن ارتفاع عدد الجنود والضّبّاط المتخصّصين في الاتصالات والذخائر والمتفجّرات لدعم الجيش الصهيوني، وقُدِّرَ عدد الجنود والضّبّاط الأمريكيين في القواعد العسكرية في 10 بلدان عربية بما لا يقل عن 46 ألف، فضلا عن قواعد تركيا وقبرص واليونان حيث تحتفط الولايات المتحدة بالأسلحة والعتاد والذّخائر في فلسطين المحتلة، وأهم هذه القواعد في قطر (العِدِيد والسِّيلِيّة الجَوِّيّتَيْن) والبحرين ( مقرّ القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية في الشرق الأوسط والأسطول البحري الخامس)، والإمارات والكويت والسعودية وعُمان والأردن والعراق (الأنبار وأربيل) وفي سوريا (دون موافقة أجهزة الدّولة السّورية)، فضلا عن مركز استخبارات وحوالي 300 جندي في القاهرة، و”مراقبون” عسكريون أمريكيون في شبه جزيرة سيناء… كما إن الوطن العربي مُحاط بالقواعد العسكرية الأمريكية في تركيا – التي تتلقى الدّعم العسكري الأمريكي منذ سنة 1947 – وفي معظم دول جنوب أوروبا، من جبل طارق، جنوب إسبانيا إلى قبرص، مرورًا بالقواعد الضخمة في جنوب إيطاليا واليونان، وتُعتبر قواعد حلف شمال الأطلسي في تركيا من أخطرها، نظرًا لدَوْرِها في الحرب الباردة، خصوصًا منذ مشاركة جيش تركيا في العدوان على كوريا سنة 1950 وانضمام تركيا إلى حلف شمال الأطلسي سنة 1952 مع الإشارة إلى اعتراف تركيا بالكيان الصهيوني منذ سنة 1949، وتطوير العلاقات بينهما في ظل حكومة يرأسها عدنان مندريس لفترة عشر سنوات، حتى 1961، وهو أحد رموز الإسلام السياسي (كما نجم الدّين أربكان، مُعلم أردوغان، وكان رئيس حكومة تركيا من 1996 إلى 1997)، لكن تراجعت مكانة تركيا ودورها في المشرق العربي، بعد انهيار الإتحاد السوفييتي، وأعلنت الولايات المتحدة ثُلُثَيْ قواعدها (8 من 12) وخفض المساعدات العسكرية الأميركية لتركيا، مما يُفَسِّر اختلاف وجهات النّظر بين تركيا من جهة والكيان الصهيوني والولايات المتحدة مكن جهة أخرى، لكن الأطراف الثلاثة مُعادية للشعوب العربية، ويمكن تصنيفها ضمن أشدّ الأعداء شراسةً…
في جبهة الأعداء: بريطانيا – تغيّرت القِشْرَة ولم يَتَغَيَّر اللُّبّ
تغيرت حكومة بريطانيا وتغيّر إسم الحزب الحاكم، لكن للإمبريالية البريطانية ثوابت لا تتغير، ومن بينها الدّعم المُطْلَق أو شبه المُطلق للكيان الصهيوني، وكان رئيس الحكومة الحالية لحزب العُمّال (كير ستارمر) رأس حِرْبَة الحَمْلَة التي قادها الصهاينة ضد جيريمي كوربين لإجباره على التَّنَحِّي عن قيادة الحزب بتهمة مُعاداة السامية، ولمُكافأة ستارمر أنفقت مجموعات الضّغط الصهيونية خمسين ألف جنيه استرليني لدعم حملته الإنتخابية الأخيرة، وما لا يقل عن ثلاثمائة ألف جنيها استرلينيا لفائدة حملة ستة من وزراء حكومته فيما استقال الدبلوماسي البريطاني الرفيع مارك سميث، احتجاجاً على مشاركة حكومة بريطانيا في حرب الإبادة في غزة، وأشارت الصّحف البريطانية إلى تَلَقِّي أكثر من نصف أعضاء حكومة حزب العمل الجديدة دعماً مالياً علنياً من مجموعات الضّغط الصّهْيُونية، ما يُعَلِّلُ تجاهل الحكومة مطالب قاعدة حزب العُمّال بوقف تصدير الأسلحة ومعدات القتل والإبادة إلى الكيان الصّهيوني…
يعتمد جيش العدوّ على الأسلحة الأمريكية، لكنه يشتري من بريطانيا وألمانيا (بأسعر مُخفضة) أسلحة ثقيلة وقطع غيار للطائرات المقاتلة الأمريكية الصنع، وتقنيات رادار عسكريّة متقدمة، ومعدات للحرب الإلكترونية، وما إلى ذلك، وتتكتّم بريطانيا وفرنسا ودول أخرى عن الصادرات “غير التجاريّة” التي تنقلها جيوش هذه الدّول (التي تنتمي إلى حلف شمال الأطلسي) ومنها الجيش البريطاني، مباشرة من مستودعاتها إلى قواعد الجيش الصهيوني.
صَرّح وزير التجارة والأعمال السابق في حكومة حزب المُحافظين، كيمي بادينوش (نيسان/ابريل 2024): ” لا يوجد أيّ خطر واضح من أن المعدات المصدرة إلى الجيش الإسرائيلي قد تستخدم لارتكاب أو تسهيل انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي” ، ولذلك تجاهلت الحكومة السابقة ضغوطاً من مُحامين ومن نواب في مجلس العموم ومنظمات المجتمع المدني لوقف تصدير الأسلحة للكيان الصهيوني، لكن حكومة حزب العُمّال تُواصل نفس السياسة الدّاعمة عسكريا ودبلوماسيا وإعلاميا لحرب الإبادة التي يُمارسها الكيان الصهيوني، بحكم الدّعم المالي الصهيوني المُباشر لرئيس الوزراء كير ستارمر ونائبته أنجيلا راينر والمستشارة راشيل ريفز ووزير الخارجية ديفيد لامي ووزيرة الداخلية إيفيت كوبر ووزير التجارة جوناثان رينولدز، الموكل بإصدار تراخيص تصدير الأسلحة إلى العدو الصهيوني وبات مكفادين الموكل بمهام الأمن القومي، وفق موقع “ديكلاسيفايد” الذي أشار إن بعض “التبرعات” للحملات الإنتخابية تأتي بواسطة منظمة “أصدقاء إسرائيل في حزب العمل”، وهي مجموعة ضغط تنظم زيارات لنواب الحزب الحاكم ومستشارين للحكومة إلى فلسطين المحتلة بغطاء “تقصي الحقائق”، كما تأتي تبرعات أخرى بواسطة بعض رجال الأعمال والأثرياء الصهاينة، مثل تريفور تشين وستيوارت رودن وغيرهما…
في جبهة الأعداء – الدّعم الإقتصادي للعدو
دعمت بريطانيا المشروع الصهيوني منذ إطْلاقه، قبل أن تتولى الولايات المتحدة وألمانيا وغيرها رعاية المشروع الصهيوني الذي توسّع بفعل هذا الدّعم، وخاصة بعد النّكبة، فقد تم توقيع اتفاقية التعويضات الألمانية الأولى عن “الهولوكوست” سنة 1952، وبلغت قيمتها 846 مليون دولارًا سنويا على مدار 12 عاماً، في شكل آلات وسلعاً رأسمالية ألمانية، وفق الباحث الفلسطيني حسين أبو النمل في كتابه “الاقتصاد الصهيوني”، وأشار رودولف فوجيل في كتاب “طريق ألمانيا” إلى دور ألمانيا ثم الولايات المتحدة في تطوير قطاعات الزراعة والصناعة (بما فيها صناعة الأسلحة)، و”حصول ألفي مشروع صناعي من الحجم المتوسط على الآلات من الشحنات التي وردت بموجب الاتفاق” الألماني – الصهيوني، ومَكَّنت هذه “التعويضات” الألمانية الكيان الصهيوني من مُضاعفة عدد المؤسسات الصناعية خلال عقد واحد ( 1955 1965) وغَذّى الدّعم “الغربي” تَفَوُّقَ اقتصاد كيان الإحتلال على اقتصاد الدّول العربية المُجاورة لفلسطين المحتلة، ولمّا انطلقت عملية “طوفان الأقصى” سَعَتْ الإمبريالية الأمريكية والأوروبية إلى الحَدّ من التأثيرات السلبية للحرب على اقتصاد العدو، عبر الدّعم غير المحدود بالمال والسّلاح، فضلاً عن الدّعم الإعلامي والسياسي والدّبلوماسي، وقَمْع أي احتجاج على مجازر الكيان الصهيوني، وتشويه المحتجّين من خلال ادّعاء مُعاداة السّامية” !
لكن دعم الإحتلال لا يقتصر على الدّول الإمبريالية والمنظمات الصهيونية، بل اتّسع إلى الأنظمة العربية التي طبّعَت مع الكيان الصهيوني وساهمت في حصار الشعب الفلسطيني (كما ساهمت في احتلال العراق وتدمير ليبيا وسوريا واليمن والسودان…)، وخصوصًا عرب النّفط، ومن بينهم حُكّام الإمارات الذين تآمروا مع حكام الهند ( بإشراف أمريكي) بهدف إنشاء مشروع منافس لمبادرة “الحزام والطّريق” الصينية، وإدماج اقتصاد العدو إدماجا مُهَيْنًا في المشرق العربي، ويَضُرّ المشروع الأمريكي-الهندي- الإماراتي باقتصاد مصر وبقناة السويس، فضلا عن استثمار الإمارات في مشاريع يقودها أثرياء صهاينة، مثل شركة الإعلام والإتصالات وشركة سوثبي للمزاد ويُشرف الصهيوني باتريك دراهي، ذي الجنسية “الإسرائيلية” على إدارة هذه الشركات، بفعل امتلاكه أغلبية الأسهم…
لم يقف أي نظام عربي إلى جانب الشعب الفلسطيني، لكن أنظمة المغرب ومصر والأردن والخليج شاركت بشكل مُباشر في دعم الكيان الصهيوني ومُحاصرة الشعب الفلسطيني، ولذلك يكون إدراجُها في صفّ الأعداء منطقيا ومشروعًا.
النيجر – صحة
قرر المجلس العسكري في النيجر، يوم الخميس 22 آب/أغسطس 2024، “خفض تكاليف الخدمات الصحية في جميع مراكز الصحة العامة إلى النصف، ومجانية الولادة ومتابعة صحة الأمهات والأطفال حديثي الولادة، بداية من أول أيلول/سبتمبر 2024، بهدف تَيْسِير وتحسين حصول السكان – خاصة سكان الريف والنساء والأطفال – على الرعاية والخدمات الصحية الأساسية”، ويشمل التخفيض الفحوص والاستشارات العلاجية ومراقبة المرضى والاستشفاء والفحوصات المخبرية واختبارات التصوير والجراحة في جميع المرافق الصحية العامة: المستوصفات والمراكز الصحية والمستشفيات المتكاملة والمستشفيات الجهوية ومراكز رعاية الأم والطفل …
تشيلي: إضراب عمال منجم “إسكونديدا” للنحاس
أضرب عُمّال منجم “إسكونديدا” الضّخم في تشيلي لفترة 26 يوما سنة 2006، ولفترة 14 يوما سنة 2011 وكذلك سنة 2015 ولمدة 44 يوما سنة 2017 من أجل تحسين الأجور وظروف العمل وأدّى إضراب 2017 إلى ارتفاع أسعار النحاس وتمكنت الشركة المُستغِلّة ( بي إتش بي – BHP) من تجنّب إضراب سنة 2021، وبدأ عُمّال نفس المنجم (بدعم نقابتهم التي تضم أكثر من 80% من عُمّال المنجم الذين يفوق عددهم ثلاثة آلاف) إضرابًا يوم الثلاثاء 13 آب/أغسطس 2024 في نفس المنجم (إسكونديدا) الذي أنتج سنة 2023، أكثر من 5% من النحاس في العالم وتريد شركة ( بي إتش بي) المُستغلة للمنجم زيادة الإنتاج في الموقع، فيما تطالب النقابة بحصة أكْبَر من الأرباح التي تحققت بفضل جهود العُمّال، وأدّى الإضراب – خصوصًا إضراب العاملين في الخطوط الأمامية من مُشَغِّلِي الآلات والسائقين والفنيين وعمال الصيانة – إلى شل حركة أكبر منجم للنحاس في العالم ودفع أسعار النحاس العالمية إلى الارتفاع، وأعلن رئيس نقابة إسكونديدا التي تضم أكثر من ثُلُثَيْ العمال “إن النقابة لديها ما يكفي من المال لتلبية احتياجات العمال أثناء الإضراب” الذي تزامن مع إضراب في منجم ” كاسيرونيس” الأقل حجما، لنفس الأسباب وبنفس المطالب: تحسين الرواتب وظروف العمل وزيادة حصّة العُمّال من الأرباح…
يقع منجم إسكونديدا (Escondida ) في شمال تشيلي في صحراء أتاكاما، وتسيطر عليه شركة بي إتش بي ( BHP ) الأسترالية بنسبة 57,5%، وأنتجت الشركة سنة 2023، نحو 1,1 مليون طن من النحاس، أو 5,4% من الإنتاج العالمي وحوالي 21% من إنتاج تشيلي، وتُوَلِّدُ صناعة النحاس في تشيلي (أكبر منتج عالمي للنحاس) ما بين 10% و 15% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وأضرب عُمال المنجم سنة 2017، لمدة 44 يومًا، وهو أطول إضراب في البلاد وتسبب في خسائر قُدِّرَت بنحو 740 مليون دولار، وأدّى ذلك إلى انكماش بنسبة 1,3% في الناتج المحلي الإجمالي لتشيلي لذلك العام، وخلال السنة الحالية فشلت المفاوضات قبل الإضراب ولم يتمكّن العُمّال (بواسطة نقابتهم) من التوصل إلى اتفاق بشأن عقد العمل الجماعي الجديد مع الشركة العابرة للقارات، “بي إتش بي” ( BHP ) ذات المَنْشَأ الأسترالي التي تستغل المنجم، وطالبت النقابات بتحسين الرواتب التي انخفضت قيمتها بفعل ارتفاع الأسعار ونسبة التّضخّم، واحترام قوانين العمل، وطالبت النقابة كذلك منذ فترة طويلة بتوزيع 1% من الأرباح على العُمّال (حوالي 36 ألف دولارا لكل عامل عن أرباح سنة 2023)، ولم تستجب شركة “بي إتش بي” ولذلك بدأ العُمّال إضراباً يوم الثلاثاء 13 آب/أغسطس 2024 “نظراً لاستحالة التوصل إلى اتفاق” وفق البيان الصحفي الذي أصدرته نقابة عُمّال المَنْجَم، وأعلنت النقابة إنها مُستعدّة لإضراب طويل، وهيأت له ظروف النّجاح، وإنها تعتمد على “صندوق لوجستي” لتمويل الإحتياجات الأساسية للعُمّال وأُسَرِهِم، بمبلغ يفوق بكثير المبلغ الذي تم إنفاقه خلال إضراب 2017 أكبر عدة مرات من ذلك إضراب 2017″، ونَظّمت النقابة حملة إعلامية لشرْح أسباب الإضراب، وأقام العُمّال مخيما قرب ميناء “كولوسو” المملوك لشركة النحاس في أنتوفاجاستا، واستمرّ الإضراب ستة أيام، قبل موافقة الشركة على مطالب النقابة، ومن بينها 34 ألف دولارا لكل عامل بعنوان توزيع الأرباح (اقترحت الشركة، في بداية الإضراب 28,9 ألف دولارا)، وتخوفت الشركة من توسيع رقعة الإضرابات لأن إضراب منجم إسكونيدا تزامن مع إضراب منجم “كاسيرونيس” الأصْغَر حجما، وأصبحت قضية تعويضات (أو حوافز) إسكونديدا تلوح في الأفق في محادثات عقود العمل الأخرى، ووَصَفَت النقابات هذا الإتفاق بأنه “أعظم انتصار نقابي في الآونة الأخيرة”، ويذكر الجميع (قيادة نقابة العمال وإدارة الشركة) إضراب سنة 2017 الذي استمر لمدة شهر ونصف، مما أثر بشدة على إنتاج شركة بي.إتش.بي، وأدى إلى ارتفاع أسعار النحاس العالمية، وأَثَّرَ سلباً على الناتج المحلي الإجمالي في تشيلي التي تعتمد بشكل كبير على معدن النحاس الذي تسبب تأميمه في الإنقلاب العسكري الدّموي على الرئيس المنتخب ديمقراطيا “سلفادور ألليندي” يوم الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 1973، وأرادت شركة بي إتش بي تجنب إضراب طويل كانت النقابة مُستعدّةً له، مما دفعها إلى السّعْي إلى التّوصّل إلى اتفاق، خاصة في ظل الطلب القوي الحالي وأسعار النحاس العالمية المرتفعة، ويُتَوَقّعُ ارتفاع الطّلب مدفوعًا بارتفاع المركبات الكهربائية وتقنيات الذكاء الاصطناعي. أما العمال ونقابتهم ومحاموهم فقد اعتمدوا على الأرباح الضّخمة للشركة التي لديها “رأس مال فائض”، وهي من بين أكبر شركات التعدين في العالم، حيث تنتج أكثر من مليون طن متري من النحاس سنوياً في منجم “إسكونديدا”، وخصّصت مبلغ خمسين مليار دولارا لشراء الأصول ولتنفيذ عمليات الإندماج…
الولايات المتحدة: أغلبية ساحقة من موظفي شركة “بوينغ” تُقرّر الإضراب
تأسّست شركة “بوينغ” لصناعة الطّائرات خلال عقد الثلاثينيات من القرن العشرين، قبل الحرب العالمية الثانية، وتُظْهِرُ وثائق الرابطة الدولية لعمال الماكينات والطيران (IAM)، إن عمال هذه الشركة أضربوا سبع مرات بين سنتَيْ 1948 و 2008، قبل أن تُعلن النقابة (الرابطة الدّولية لعمال الماكينات والطيران) إضرابًا ثامنًا بداية من يوم الجمعة 13 أيلول/سبتمبر 2024، بمشاركة عشرات آلاف العمال، في خطوة غير مسبوقة منذ 16 عاما وأوقف الإضراب الإنتاج في مقر الشركة بمنطقة سياتل الأميركية، بحسب وكالة رويترز يوم الجمعة 13/09/2024، وللتذكير (قبل العودة إلى الإضراب الحالي) فإن العُمّال نَفَّذُوا سنة 1948، أطول إضراب لهم، واستمر لمدة 140 يوما، حول القضايا المتعلقة بالأقدمية والمصانع المغلقة، ودام إض راب سنة 1965، نحو ثلاثة أسابيع، وأَدَّى إلى تحسينات في أحكام الأقدمية وإجراءات التظلم والتغطية الطبية للمُعَالِين من ذَوِي العُمال، كما تُوِّجَ إضراب سنة 1977، والذي دام 45 يومًا، بتحسينات في المعاش التقاعدي والتغطية الطبية للمتقاعدين، ودام إضراب 1989، نحو سبعة أسابيع ( 48 يوما ) وحقق تحسينات في شروط العمل الإضافي، أما إضراب سنة 1995، فاستمر 69 يومًا وأَسْفَرَ عن تغييرات إيجابية في نظام المعاشات التقاعدية والأمان الوظيفي ومزايا التسريح، وتلاه إضراب سنة 2005 لفترة أربع أسابيع (28 يوما) وأدّى إلى الحفاظ على المزايا الطبية والرعاية الصحية للمتقاعدين وتحسين مزايا المعاش التقاعدي وحقوق الأقدمية، وبعد ثلاث سنوات (سنة 2008) أضرب العمال لمدة 57 يوما، وحقق بعض التَّقَدُّم في قضايا الرعاية الصحية والمعاشات التقاعدية، وبدأ الإضراب الثامن يوم الجمعة 13 أيلول/سبتمبر 2024، ببعد تصويت 96% من عمال مصنع بوينغ في أميركا لصالح الإضراب من أجل زيادة الأجور، مما أدى إلى توقف إنتاج أقوى طائرات الشركة مبيعا في الوقت الذي تعاني فيه الشركة من التأخيرات المزمنة في الإنتاج ومشاكل الديون المتزايدة، بعد انفجار باب طائرة 737 ماكس شبه الجديدة في الجو خلال شهر كانون الثاني/يناير وتعيين مدير تنفيذي جديد خلال شهر آب/أغسطس 2024، وتعود أسباب الإضراب إلى رَفْضِ العاملين بنسبة 94,6% اتفاقا جديدا اقترحته إدارة الشركة وينص على زيادة الرواتب بنسبة 25% على مدى أربع سنوات – بانتهاء فترة سَرَيَان العقد السابق – بعد حوالي ستة أشهر من المفاوضات ( منذ الثامن من آذار/مارس 2024) بين إدارة الشركة والفرع المحلي لنقابة الميكانيكيين التي تضم نحو نحو 33 ألف عامل في في شمال شرق المحيط الهادئ (مقر الشركة بسياتل، شمال غرب الولايات المتحدة)، من أصل 170 ألف موظف في مجموعة بوينغ، وأعلنت النقابة رفع دعوى ضد بوينغ أمام وكالة فيدرالية تعنى بحقوق العمال بسبب قيامها بممارسات غير عادلة أثناء المفاوضات…
أدى الإضراب إلى إغلاق مصنعين رئيسيين لتجميع الطائرات في مدينتي رينتون وايفيريت، ينتجان طائرات 737 ماكس وطائرات الشحن 777 و767 التي تعاني في الأصل من تأخير في عمليات تسليمها، كما توقف الإنتاج في مواقع أخرى بينها مصنع لقطع الغيار في مدينة بورتلاند في ولاية أوريغون، ومقر لإعادة تصنيع العشرات من طائرات 787 دريملاينر في إيفريت يعمل منذ عدة أشهر، فيما لم تتأثر عمليات تجميع طائرات دريملاينر خلال اليَوْمَيْن الأَوَّلَيْن للإضراب لأن مصنعها يقع في ولاية كارولينا الجنوبية (شرق) ولا يشمله الإضراب…
انخفضت – خلال الساعات الأولى للإضراب – أسهم مجموعة بوينغ في بورصة نيويورك بنسبة 2,66% وإذا استمرّ الإضراب لمدة 50 يوما ترتفع خسائر بوينغ إلى ما بين ثلاثة و3,5 مليارات دولارا، فضلا عن خسارة حوالي 5,5 مليارات دولارا من قيمة تداول الأسْهُم، وينص المقترح الذي رفضه العمال على زيادة في الرواتب بنسبة 25% على مدى أربع سنوات بالإضافة والتزام الشركة بالاستثمار في منطقة سياتل، وتصنيع الطائرة الجديدة المُقَرّر إنتاجها سنة 2035 بمصنع نفس المدينة، وهي المهد التاريخي لصناعة الطائرات، ما يعني توفير فرص عمل لعدة عقود، لكن العمال ونقابتهم يُطالبون بزيادة بنسبة 40%، وتحسين المعاشات التقاعدية، والإبقاء على المُكافأة السنوية، وأشار العديد من العاملين إلى ضخامة مُرتب رئيس الشركة والمُديرين التنفيذيين، وفق وكالة الصحافة الفرنسية (فرانس برس 14/09/2024)
أصبح الوضع المالي لشركة بوينغ محفوفًا بالمخاطر منذ تحطم طائرتين من طراز 737 ماكس 8 سنتَيْ 2018 و 2019 وأودى الحادثان بحياة 346 شخصًا، وأدي الإضراب إلى إغلاق مصنعين رئيسيين للتجميع وإلى شَلِّ إنتاج طائرات الشحن 737 و777 و767، التي تتراكم عمليات تسليمها بفعل التأخير…
ألمانيا
ابتكر الجيش الفرنسي مُصْطَلَح “العَدُوّ الدّاخلي” أثناء احتلال الجزائر، وصَدّرَ هذا المُصطلح، مع القَمع الذي رافقه إلى أمريكا الجنوبية ودول أخرى، وشكّلت تفجيرات 11 أيلول/سبتمبر 2001 فُرْصَةً ذهبية لتعميم الإجراءات القمعية ومُراقبة المواطنين وتقليص الحريات الفردية والجَمْعِيّة، باسم “مكافحة الإرهاب”، وخصوصًا خلال فترات الحروب العدوانية التي لا تنتهي منذ العدوان على أفغانستان إلى الآن، وخلال انتشار وباء كوفيد – 19، وخلال الفصل الحالي من العدوان الصهيوني – بدعم امبريالي – على الشعب الفلسطيني، حيث منعت الدّول الأوروبية كافة أشكال التضامن مع الشعب الفلسطيني، واستغلت الحكومة الإتحادية في ألمانيا (بمشاركة الدّيمقراطية الإجتماعية وأحزاب الدّفاع عن البيئة) الفُرصة لتشديد وتيرة قمع الاحتجاجات الشعبية، وتُعدّ الحكومة مشاريع الأحكام العرفية، وتشريعات إلغاء الحريات بذريعة مكافحة الإرهاب وفق موقع صحيفة دير شبيغل التي كتبت عن توسيع صلاحيات الشرطة للتجسس على السّكّان ومراقبة هواتفهم وحواسيبهم ومراسلاتهم وتحركاتهم، ودخول مساكنهم دون عِلْمِهِم ويشرعن “ركلة الباب”. وسيكون بمقدور الشرطة دخول المنازل سرا، مما يُذَكِّرُ بالإجراءات التي اتخذتها حكومة ألمانيا التي كان يرأسها مؤسس النّازية…
الولايات المتحدة
ألقت كامالا هاريس – نائبة الرئيس جوزيف بايدن، وشريكته في جميع القرارات التي اتخذها – خطابا في اختتام مهرجان تعيينها من قِبَل نواب الحزب الديمقراطي كمرشحة للإنتخابات الرئاسية، بكلمة تُمجّد القُوّة العسكرية الأمريكية لتتمكّن من خَوْض الحروب بقولها: “سأضمن امتلاك الولايات المتحدة القوة القتالية الأعظم والأكثر فتكًا في العالم”، لمحاربة الصين وروسيا وكوريا الشمالية وإيران، وهي نفس الدول التي أوردتها آخر وثيقة صادرة عن بايدن/هاريس تحدد استراتيجية الولايات المتحدة في حالة حدوث حرب نووية، وتعهّدت كامالا هاريس بمواصلة السياسة الخارجية المرتكزة على القوة العسكرية للدفاع عن مصالح الإمبريالية الأمريكية وشركاتها العابرة للقارات، ولدعم الكيان الصهيوني وكررت التزام الإمبريالية الأمريكية بتقديم الدّعم العسكري والدبلوماسي غير المحدود للكيان الصهيوني: “سأدافع دائمًا عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وسأضمن دائمًا ذلك”. وقال: “إسرائيل لديها القدرة على الدفاع عن نفسها”…
2024-09-22