ما دلالات استئناف المقاومة العراقية عملياتها ضد الاحتلال الأميركي؟
استهدافات المقاومة الإسلامية في العراق، لكل من الاحتلالين الإسرائيلي والأميركي مستمرة، وسط دعوات المقاومة إلى الالتحاق بصفوفها، فما هي دلالاتها؟
رماح اسماعيل
“العدو المحتل لا يغادر خسته وغدره، ولا يفهم غير لغة السلاح”، بهذه العبارة، بدأت المقاومة الإسلامية في العراق بيانها الموجه إلى “إخوة الجهاد”، ودعتهم عبره إلى الالتحاق بصفوف المقاومة، والمشاركة الفعّالة في طرد الاحتلال الأميركي.
وأتى بيان المقاومة في هذه المرحلة التي وصفتها بـ”التاريخية للعراق والمنطقة”، بالتزامن مع إمعان الولايات المتحدة الأميركية، في اعتداءاتها على نقاط في كل من سوريا والعراق، أسفر بعضها عن استشهاد قادة في المقاومة، وأفراد منها.
لماذا دعت المقاومة العراقية إلى التعبئة؟
أكّد الباحث في العلاقات الدولية علي حمية، للميادين نت، أنّ دعوات المقاومة العراقية للالتحاق بصفوفها هي “دعوات ذات جدوى حقيقية وتعبّر عن حجم القدرة البشرية للمقاومة”، وهو ما كان جلياً في السنوات الفائتة، إذ أثبتت المقاومة أنها لا تعاني من أي نقص في العامل البشري، منذ عام 2007 في ذروة التصعيد ضد قوات الاحتلال الأميركي، حتى عام 2014 خلال مرحلة الحرب ضد “داعش”.
وتابع أنّ “هذه الدعوة تؤكد أن خيار المقاومة المطروح بتوسيع المواجهة مع الأميركيين في المنطقة ليس مجرد شعار، بل هو أمر واقع ينبغي لواشنطن أخذه بجدية وتوقع الأسوأ”.
ولفت حمية إلى أنّ “التصعيد في العراق والمنطقة حتمي بلا شك، لكنه مرهون برضوخ الأميركيين لمطالب المقاومة في إيقاف الإبادة الجماعية، التي ترتكبها إسرائيل بأسلحة أميركية وبغطاء أميركي كامل”.
وأضاف أنّ “إمكانية التصعيد في العراق، كما في اليمن وسوريا ولبنان، مرتبطة بالمعادلة نفسها التي سمعها الوسطاء والموفدون الأوروبيون إلى لبنان، وهي أنّ وقف الحرب على غزة هو الممر الإجباري لمنع التصعيد”.
كذلك، شدد الباحث في العلاقات الدولية على أنّ العمليات العراقية ضد الوجود الأميركي “لم تبدأ في 7 أكتوبر، إنما توسعت وتزايدت مع هذا التاريخ”، والمقاومة العراقية انطلقت اليوم من هذه اللحظة الاستراتيجية لنصرة غزة، ومقاومتها، ضمن “استراتيجية وحدة الساحات من جهة، وتنفيذاً لواجب شرعي تحتمه الخلفية التي تحكم سلوك فصائل المقاومة”.
وذكّر حمية بما سمّاه الأمين العام لحزب الله في لبنان السيد نصر الله، بـ”الفوائد الاستراتيجية” لمعركة “طوفان الأقصى”، لافتاً إلى أنّ الظروف مؤاتية لجباية الثمن خلال فترة التأزم الأميركي في الشرق الأوسط، وإرباك وكيله التاريخي في المنطقة (إسرائيل)، وحلفائه العرب.
ووفق حمية، فإنّ الثمن هو إجلاء القوات الأميركية من سوريا والعراق في هذه المرحلة، التي يفترض أنها فرصة تاريخية “وفق استراتيجية قائد الثورة والجمهورية الإسلامية في إيران، السيد علي خامنئي لطرد الأميركيين من غرب آسيا”.
اقرأ أيضاً: الجيش العراقي: “التحالف الدولي” تحول إلى عامل عدم استقرار لبلادنا.. وسننهي مهمته
المقاومة العراقية.. موقف قوي تكتيكياً ودولياً
لم تقتصر استهدافات المقاومة الإسلامية العراقية، على قواعد الاحتلال الأميركي في كل من سوريا والعراق، بل عبرت الحدود، وصولاً إلى معاقل الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين المحتلة.
ويوم أمس، أعلنت المقاومة الإسلامية في العراق، استهداف مجاهديها، هدفاً حيوياً لكيان الاحتلال الإسرائيلي، عند سواحل البحر الميت.
وأكّدت المقاومة، في بيانٍ مقتضب، أنّ هذا الاستهداف جاء نصرةً لأهل قطاع غزّة، ورداً على المجازر التي يرتكبها الاحتلال بحقّ المدنيين الفلسطينيين، من أطفالٍ ونساء وشيوخ، متوعّدةً بـ”الاستمرار في دكّ معاقل الأعداء”.
وفي الـ28 من كانون الثاني/يناير الماضي، تبنّت المقاومة الإسلامية في العراق استهداف قاعدة “زفولون” البحرية، التابعة للاحتلال الإسرائيلي.
أما في الـ12 من الشهر نفسه، فاستهدفت هدفاً حيوياً في أم الرشراش المحتلة (إيلات). وحينها، كشفت مصادر في المقاومة للميادين، أنّ القصف طال هدفاً عسكرياً حيوياً، وأخرجه عن الخدمة، مؤكّدةً أنّ “القصف عند حديقة الأردن طال غرفة تحكم تابعةً لكتيبة غولاني، ومسؤولةً عن بالونات تجسس تابعة للعدو”.
وقبل ذلك، وتحديداً في الـ7 من الشهر نفسه، أعلنت المقاومة استهداف هدف حيوي آخر في حيفا المحتلة، بواسطة صاروخ “الأرقب” (كروز مطور بعيد المدى).
وعن نقاط قوة المقاومة العراقية، التي تهدد عبرها الاحتلالين الإسرائيلي والأميركي، لانعدام شرعية وجوده وقواعده في المنطقة، قال حمية إنّ المقاومة الإسلامية في معادلة “وحدة الساحات” تمثل موقفاً قوياً، إذ إنها لا تشكل تهديداً فقط لـ”إسرائيل”، بل لحليفتها الكبرى أيضاً وهي الولايات المتحدة الأميركية.
واستفادت المقاومة الإسلامية في العراق من فشل الاحتلال في تسويق نفسه كحاجة إلى ديمقراطية الشعب العراقي وحريته، وسقوط حجة وجوده كرادع لـ”داعش” إذ تتركز عملياته ضد المقاومة لموقفها الداعم لغزة، لا ضد “داعش”.
وتابع حمية أنّ لدى المقاومة العراقية قدرات عسكرية تراكمت خلال حرب “داعش”، بالإضافة إلى قوة موقفها الشرعي والأخلاقي لنصرة الشعب المظلوم الذي يباد في غزة.
ويأتي استمرار عمليات المقاومة الإسلامية في العراق، بالتزامن مع مطالب بانسحاب القوات الأميركية من القواعد غير الشرعية في العراق وسوريا، وإنهاء مهمة “التحالف الدولي” في البلدين.
2024-02-11