ماذا نفعل هنا؟
تعريب: لينا الحسيني
سألتُ نفسي مرارًا، ما الذي أفعله على مواقع التواصل الاجتماعي؟ ما الفائدة التي أجنيها أو أقدمها للآخرين؟ اكتشفت أننا مجرّد مساكين، نلجأ إلى الفضاء بحثًا عن واقعٍ بديل عن واقعنا المأزوم.. ويا له من واقع!!
غالبية ”الأصدقاء“ الافتراضيين، يفتقدون إلى الجديّة، فهم يبحثون هنا عن التسلية والدردشة وتمرير الوقت، أو يتعقبون فضائح ذاك وتلك.. لا وقت لديهم لمتابعة ما يحترم عقولهم ويعطي قيمة للوقت الذي يهدرونه بلا جدوى.. إنهم يميلون إلى الخفّة والاستعراض. فهذا ينشر صورته برفقة ممثلٍ شهير أو زعيم سياسي، ويعلمنا بتنقلاته الجوية والبرية والبحرية مع الاشارة الى المنتحعات والمطاعم التي برتادها (جنون العظمة)، وذاك يحدثنا ليل نهار عن الصعوبات التي تخطاها ليصل إلى ما وصل إليه (وغالبًا ما زال يراوح مكانه)، ويشتكي من الذين يضعون العصي في دواليبه (Drama King)، وهو عيّنة من ضحايا جنون الارتياب Paranoia. أمّا الأكثر تأثيرًا على ضفاف الأزرق الاجتماعي، فهي الحسناء التي اختزلت صفحتها بألبوم صور لعرض محاسنها، وبالطبع لا يمكننا الاعتراض، فهذا هو كل ما لديها للنشر، إلا إذا استعارت عبارةً لشاعرٍ مات فقيرًا، وذيّلتها باسمها.. أما اللّصوص المحترفون، الذين يستبيحون جهد غيرهم بسلاح الطبع والنّسخ، فلا يكلّفون أنفسهم عناء الإشارة إلى المصدر، باعتبار أنّ السرقة الفضائية لا يعاقب عليها القانون!!
أما البقية ممّن ينتمون إلى حزب الأغلبية الصامتة، فهم يرصدون كل شاردة وواردة بصمت أهل القبور.. لا يعجبهم شيء ولا يتركون أثرًا يبدد حضورهم العقيم.
هكذا ببساطة، وجدت نفسي هاربًا من واقعٍ محبط، إلى واقع يتحكّم به أشخاصٌ غير متزنين عقليًا ونفسيًا، وساذجون وعديمو لياقة، ومتفوّقون حتى في فشلهم!
لكن هل يحق لي أن أعترض؟ أو أن أعزل نفسي وأرفض الانخراط في هذا العالم الذي يزيد من اغترابي وعزلتي؟..
لن أفعل ذلك بالتأكيد، لكنني سأبقى، لأضحك بمرارة على البؤس الذي نحياه بملء إرادتنا، وأتعلّم تقدير القليل الذي لديّ في واقعي الملموس، من أولئك الذين يعيشون على فضلات الآخرين، ويشحذون الاعجاب والاهتمام لملء فراغهم الذي يتسع يومًا بعد يوم كلّما أسندوا ظهورهم إلى الوهم..
روي كاسترو/ صحفي وروائي برازيلي
2023-06-11
18 تعليق
اعتقد ان العقلاء لديهم الامكانية للتعامل مع مختلف التقنيات والظواهر الاجتماعية بحكمة وتبصر ويستطيعون استخلاص الدروس والتجارب سواء من الايجابي او من السلبي..العوالم الافتراضية ليست وليدة اليوم..لطالما ” غصنا” في ملذاتها قبل ظهور التقنيات الحديثة..الكثير منا عاش في قرية ” ماكوندو” والتقى باورسولا وبخوصي بوينديا واورليانو وحضر احتفالات الغجر..!! من منا لم يسجد لتضحيات ” ام” خورغي..!! كم بكينا على الرجال الذين ماتوا في خزان الوقود ابان رحلتهم ولم يطرقوا الجدران..!!كم اندهشنا بعوالم نساء قصر ” خريبط” في مدن الملح..!! والكثير الكثير من العوالم المتخيلة والافتراضية شكلت نظرتنا للحياة وجعلتنا ” انسانا واقعيا”..!!
شكرا الرفيقة لينا
تحليل مستفيض لما يدور في الفايسبوك ويبقى هذا الفضاء رغم علاته المذكورة فرصة جيدة لقراءة وتقاسم افكار مهمة وقيمة
تحياتي على منشوراتك الرائعة الرفيقة العزيزة
كلام جوهري يستحق التقدير للوصف الدقيق والصحيح عن مجتمع المظاهر والكذب والخداع
لنتحكم في قلوبنا قبل اقلامنا
الذوق وأروى سر المعنى لكل وجهته ووجهتناالنضال ومواصلة المسير وكلنا أمل في غد افضل
bderrahim El Mejri
الحق يجب أن يُقال …لقد عرّفني الفيسبوك ببعض الأفاضل والفُضْليات منذ 2009 ومنهم السيدة لينا الحسيني ..
Jehad Sadoun
هذا العالم ليس لنا …
نحن نحبوا نحو الشيخوخة … ونريد ان نفهم هذا العالم الافتراضي الواسع ونركب امواجه المتلاطمة…
هذا عالم الشباب … عالم التكنولوجيا المتطورة… والبرمجيات والتطبيقات … عالم سريع الحركة والتغير .. يناسب اندفاعهم …
اكثر ما نستطيع عمله … ان نجلس على الضفة ونراقب الشباب وهم يصارعون ويركبون أمواج التغير السريع … ونبدي اعجلبنا بما ينجزه ابنائنا الذين احسنا تربيتهم …
تماما كما حصل مع آبائنا واجدادنا …
امس حضرت فيلم يسمى apocalypse ….
قد يلخص هذه التجربة …
هي فضاء يتسع للجميع ويجب على كل المتنورين ان يستخدمونه لتوصيل الافكار والرؤى الإنسانيه للمحاوله الايجابيه بتغيير واقع مأساوي ( اجتماعي .. ثقافي … سياسي ) .
ونشكرك على جهودك الرائعه رفيقه بترجمة نصوص وتوصيل افكار نحن بحاجه لتعميمها
شكراً لهذا الوعي الذي تنشريه اخت لينا وشكراً للكاتب
❤️
العالم الافتراضي ينتمي لعوالم الفلسفة المثالية.
لطالما العالم المادي والمحسوس وفلسفته اكثر اثارة وحيوية.
انا اعرف اصدقاء انسحبوا من هذا الفضاء بسبب هذا الواقع الاليم
ولكن انا لستو مع هذا الخيار
النخب في الحياة بكل شيء.. كل ماهو حضارة غربية قام على أكتاف 200 شخص خلال 500 عام..
أنت من نخب اليسار المهمة و التي تشعرنا بأن هناك أمل بأن تتغير الأمور للأفضل.. ????❤️
ماورد في المنشور صحيح ودقيق لدرجة كبيرة. وبالتأكيد مايسمى(وسائل التواصل الاجتماعي) هي بالنتيجة تعكس الحالة الحقيقية للمجتمعات لذلك هو فضاء حقيقي لا إفتراضي. لكن ميزة هذا الفضاء أنك تمتلك حرية إختيار العينة التي تريد وليس هنالك علاقات قسرية مفروضة عليك كماهو الحال في علاقات كنا نعيشها ونعاني منها. فإضافة أي صديق هو قرارك وإلغاء الآخر هو قرارك أيضاً
مع إحترامي لرؤية الكاتب وهي صحيحة وواقعية إلا أن هذا الفضاء الإفتراضي نمتلك القدرة أن نجعل منه واقعاً حقيقياً معرفياً وثقافياً منتجاً وهذا بالنتيجة يعتمد علينا…لذلك أن أراه وطالبت أن نجعلها وسائل تواصل فكري وثقافي
أنا للحقيقة هذا الفضاء فتح لي الأفق لمجموعة كبيرة من الأصدقاء ذوات الإهتمام المشترك ماكنت لإعرفهم بدونه وانتي لينا أحدهم ووسع دائرة المعرفة ويثرينيي يومياً بمعلومات قيمة وجديدة.
أما من يريد أو تريد التعاطي مع هذا الفضاء بعقده النفسية والإجتماعية فلا يتطلب ذلك سوى جزء من الثانية لشطبه من قائمة الإصدقاء
آسف لينا على الإطالة لكن الموضوع مهم وأصبح يملأ مساحة كبيرة من حياتنا
تحياتي وأحترامي لحضرتك
إضافتك جد قيمة و أجزم ان هذا الفضاء غلبت عليه السطحية و التفاهة.. الاستفادة الحقيقية هي خارج هذا الفضاء..
من بعد اذنك بقدر انشرها على صفحة واتساب يسكنها اناس ولكن لا يظهرون اي اشارة على وجودهم احياء؟
رغم كل شيء.. ورغم تاريخ نشوء الأنترنت وأهداف وسائل التواصل المعلنة والخفية.. نكتب كي لا نموت أختناقا وصمتا.. نكتب كي نقول ما زلنا أحياء.. ربما ستضيع الكلمات كما ستضيع آثار الخطو كما بالتأكيد سننتهي ونبلي.. لعلها زفراتنا الأخيرة المنطلقة في فضاء أزرق لا يبال بنا.. لكن ما الحيلة سوي ان نصمت قبل رنين أجراس الصمت؟..
مايعاب على النخب الغير مزيفة على النخب الخائنة بتعبير جون بول ساتر أنها لا تبادر وتتقوقع داخل عالمها الفضيل بالرغم أنها لها أتباع وتستطيع كتابة التاريخ
فعلا .. نلجأ لعالم معزول .. تقوم فيه الأكثرية بتعبئة الراي لعام فيه بناء على اللامعقول ..
لقد اصابني بدقة السطر السابع عشر : حزب الأغلبية الصامتة الذي يراقب بصمت
يبقى السؤال هل نعترض؟
لكن ما هو اهم من الاعتراض ، وجود ما تمثلينه من عبق والق في هذا الفضاء ..
هذا تعريب رائع جدا ..
الكتابة ليست نزهة بل مسيرة احتجاج
نقرأ الكتابة التي تحتج
الاختيار البيبوغرافي
نختار ماذا نقرا