لماذا وافق “نتنياهو” على الانسحاب من محور صلاح الدين (فيلادلفيا)؟
د. محمد المعموري*
قبل ساعات من انتهاء يوم 3/9/2024 وقبل اربعة وثلاثون يوما من الاقتراب من العام الاول على انطلاق بشائر النصر في طوفان الاقصى المبارك يفاجئ رئيس وزراء تل ابيب “نفسه ” بقبول انسحابه من محور صلاح الدين والذي كان قبل يوم بل قبل ساعات من اعلان موافقته على الانسحاب يتوعد بعدم الانسحاب من هذا المحور الا بعد القضاء على حماس ، الا ان حماس ارغمته على ان يقبل ويتجرع مرارة هزيمته بقرار الانسحاب الذي فرضته المقاومة الفلسطينية على ارض المعركة وعلى الواقع في غزة وفي محيطها الاقليمي والعالمي ، فلم يعد مخفيا على كل من له بصيرة ان يرى تراجع نتنياهو المرغم عليه امام المقاومة في غزة ، ولمن غابت عنه ذاكرته وبقي يعتقد ان الكيان المحتل هو اسطورة الشرق الاوسط عليه ان يلمس مقدار التراجع والاستسلام لإرادة الحق وارادة شعب قتلته حرب الابادة منذ ما يقارب العام ولكنه لم ولن يموت .
والاهم علينا اولا واخيرا ان نحذر من موافقة تل ابيب على الانسحاب ونختبر مصداقيتهم ، فلا اظن ان نتنياهو صادق في قبوله بالانسحاب ربما هو تكتيك سياسي غايته كسب الوقت وسحب مواطنيه من الشارع بعد ان تجمهروا يطالبونه بإيقاف الحرب على غزة وبعد ان اصبح (العَلّمْ ) الفلسطيني بفضل الله ومن ثم سواعد ابناء غزة يرفع فيرفرف في نيويورك لتحمله سواعد تناصر حق الشعب الفلسطيني في عقر دار من يساند نتنياهو على ابادة الشعب الفلسطيني وحرمانه من الحياة .
وهنا علينا ايضا ان نفقه ما يعنيه إلحاح الادارة الامريكية على ايقاف الحرب في غزة ومن المهم ان نفسر كل ما يحيط بنا لنتوصل الى ما لا يقبل الشك ان الادارة الامريكية الان بحاجة الى ان تكسب جولة الانتخابات ، ولا اعلم من سيفوز في الانتخابات فاذا فاز ترامب فان حلم الكيان الصهيوني سيزداد باحتلال المزيد الاراضي وتهجير السكان وقد قالها ترامب في حملته الانتخابية ان مساحة الكيان الصهيوني صغيرة وهذا يعني انه عازم على تمديدها كجزء من تملقه لنتنياهو ، اما الادارة الامريكية فأنها ستكون بموقف حرج اذا ما استمرت حرب غزة كونها ستفشل كحزب ديمقراطي في تطويق طموح نتنياهو وهذا يعني انها ستنخرط معه “ربما ” بحرب اقليمية ارضاء لطموحه التوسعي ، لذلك سيكون موقفها قبل الانتخابات مختلف عن موقفها بعد الانتخابات ، وخاصة اذا فازت هاريس او صعد ترامب وفي كلا الامرين هناك حد فاصل مهم علينا استغلاله او ربما سنتجاهله في مفاوضات قبل الانتخابات .
ان الوضع الحالي والذي يبين حرج الامريكان وتقلبهم سياسيا بين مناصرة نتنياهو وتحجيم دوره فرضته الارادة الفلسطينية لانهم حقا يحددون خطوات المعادلة الدولية وان امريكا اليوم تعلم ان هذا الشعب هو الرقم الصعب الذي لا يمكن تجاوزه وان خطوات السلام في الشرق الاوسط او استقراره قد اصبحت لا تحل “طلاسمها ” الا بعد ان تكون فلسطين جزء منه .
(علينا ان نفتخر وقليل منا عليهم ان يوقنوا بان النصر المبين قد تحقق رغم تشكيكهم وتنكيلهم بطوفان الاقصى وعليهم الان ان يراجعوا انقسم فيقفوا وتتوقف عند بطولات اهل غزة كل تجارتهم التي كانوا يتاجرون بها وان يحسنوا الظن والثقة والقول وليعلموا ان فلسطين لن تتحرر بالأماني وانما بسواعد ابنائها ، ابنائها فقط لانهم وحدهم اصحاب العقيدة الخالصة واصحاب الحق في نصرة ذاتهم ) .
ان مكر نتنياهو ومحاولة خداع المجتمع الدولي وخداع شعبة بقبوله بالانسحاب من محور صلاح الدين يجب ان يتوقف ولن يتوقف الا عندما يتعرى من جميع اعذاره وان نفرض عليه شروط الفلسطينيين ويجب ان نفوت على رئيس وزراء تل ابيب اي فرصة لكسب الوقت وعلى العرب ان يستغلوا اندفاع امريكا لتحقيق وقف اطلاق النار في غزة كونها بإدارتها الحالية تحتاج الى اي دافع يدفع مرشحتها هاريس للوصول الى كرسي البيت الابيض ومن اهم العوامل التي قد تساعد هاريس على ادارة البيت الابيض للسنوات الاربع القادمة هو ايقاف الحرب في غزة والتخلي ولو الجزئي عن اندفاع نتنياهو ومحاولة جرهم الى حرب اقليمية شاملة تسقط الحزب الديمقراطي في انتخاباته القادمة .
ان الرأي الشعبي في امريكا او في الارض المحتلة اليوم بكافة اطيافهم يتساءلون ماذا حقق نتنياهو في غزة واين اهدافه وعليه يجب على المفاوضين العرب واقصد هنا (قطر ومصر) ان يكسبوا تلك الجولة ، ويستثمرون نصر المقاومة في غزة وانكسار نتنياهو اصافة الى ما حققته غزة من تعاطف وفهم كبير للقضية فلسطينة من خلال طوفان الاقصى وعليه فان اي تهاون في الحقوق الفلسطينية وعدم استثمار النصر الذي جاء نتيجة لتضحيات الشعب الفلسطيني سيكون هباء منثورا وسيسجل التاريخ فشل تلك المفاوضات نتيجة عدم نجاح المفاوضين .
نقترب من سنة والشعب الفلسطيني في غزة صابر ومحتسب تحت وطأة الابادة والتهجير ووسط الصمت والخذلان العربي ، ولكنه في هذه المعركة صبر فانتصر واصبح اليوم الشعب الفلسطيني صاحب الكلمة في معادلة السلام الدولية بل هو من سيرجح كفة الميزان في الانتخابات الرئاسية الامريكية وسيكون لغزة كلام الفصل بأذن الله في تكوين استراتيجية السياسة الدولية ، وليفهم العرب ولا ضير من التكرار ‘المفاوضات قبل الانتخابات الامريكية غير بعد الانتخابات ،،،،” .
والله المستعان .
كاتب وباحث عراقي
2024-09-05